الخميس, 9 أكتوبر 2025 11:10 PM

الذهب يحقق قفزات تاريخية: نظرة على أسباب الارتفاع وتوقعات المستقبل

الذهب يحقق قفزات تاريخية: نظرة على أسباب الارتفاع وتوقعات المستقبل

في عام استثنائي يشهد ارتفاعاً غير مسبوق، يواصل الذهب مفاجأة المستثمرين. منذ بداية العام وحتى الآن، ارتفعت الأونصة بأكثر من 50%، لتتجاوز حاجز الـ 4,000 دولار لأول مرة في التاريخ الحديث، بعد أن بدأت من حوالي 3,800 دولار في بداية أكتوبر/تشرين الأول الحالي.

هذا الارتفاع ليس وليد الصدفة، بل هو نتيجة لتضافر عدة عوامل اقتصادية وجيوسياسية، دفعت المستثمرين والبنوك المركزية إلى البحث عن ملاذ آمن.

ما هي هذه العوامل؟

  • الدولار تحت الضغط: يواجه الدولار الأميركي ضغوطاً كبيرة، حيث وصل إلى مستويات دعم غير مسبوقة منذ حوالي 14 عاماً، مما يزيد من جاذبية الذهب كبديل للعملات. كما أن تراجع بيانات سوق العمل في الولايات المتحدة والغموض الذي يحيط بالأرقام، يعزز التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يلجأ إلى خفض آخر لأسعار الفائدة قبل نهاية العام الجاري، وهو ما يساهم في رفع السعر الحقيقي للذهب. هذا الاتجاه مدعوم بتحليلات ثابتة لدى بعض المؤسسات، والتي تشير إلى أن الذهب سيستفيد بشكل أكبر إذا بدأت دورة التيسير النقدي مجدداً.
  • شراء البنوك المركزية وتغيير هيكل الاحتياطيات: ليست المؤسسات الاستثمارية وحدها من يقود هذا الارتفاع؛ فالبنوك المركزية حول العالم، وخاصة في الاقتصادات الناشئة، تواصل تجميع الذهب كجزء من تنويع احتياطاتها بعيداً عن الدولار. على سبيل المثال، في أغسطس/آب الماضي، أضافت هذه البنوك صافي 15 طناً إلى احتياطاتها عالمياً بعد توقف مؤقت في يوليو/تموز. كما يشير تحليل Goldman Sachs إلى أن الطلب البنكي سيكون ركيزة أساسية تدفع الذهب نحو مستويات قياسية جديدة.
  • التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين العالمي: تضيف الحروب والنزاعات والعلاقات التجارية المتوترة عنصر الخوف إلى المعادلة. ففي ظل المخاطر الاقتصادية والمالية المتزايدة، يتجه المستثمر إلى الذهب باعتباره تحوطاً ضد الصدمات. كما أن الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة وتأجيل نشر بيانات اقتصادية مهمة زادا من حالة الغموض وحفزا التفاؤل بالمعادن الثمينة.
  • تدفقات الأموال إلى صناديق الذهب (ETFs) والسيولة العالمية: ضخ المستثمرون الأفراد ومؤسسات المال استثماراتهم في صناديق تتبع الذهب، مما أدى إلى ضخ سيولة جديدة في السوق. هذا السلوك يدعم غالباً اتجاهات السعر لأنه يخلق طلباً مفتوحاً على المعدن الفعلي.

إلى أين يتجه الذهب؟

في الوقت الحالي، تركز الأنظار على مستوى 4,115 دولاراً كعتبة مقاومة رئيسية. إذا نجح الذهب في اختراقه بثبات، فقد يواصل اختراق سقوف جديدة. أما في حال فشل، فقد نشهد تصحيحاً سعرياً مؤقتاً أو تراجعاً نحو مستويات الدعم الفنية.

لكن التحليلات المتخصصة تشير إلى أن الذهب قد يستمر في المسار الصاعد – ولكن بوتيرة أكثر تحفظاً – إذا بقيت عوامل الخطر قائمة. ووفقاً لتقرير منتصف العام من World Gold Council، قد يتحرك الذهب جانبياً مع احتمال ارتفاع إضافي بنسبة 0-5% في النصف الثاني من 2025، مع إمكان تصاعده إلى 10-15% في حال تدهورت الأوضاع الاقتصادية أو ضاعفت الأطراف النزاعات الجيوسياسية المخاطر.

من جهة أخرى، يحذر محللون في بنك “أوف أميركا” من أن الذهب قد يكون “مبالغاً في الشراء” الآن، مما يعرضه لاحتمال تصحيح قوي إذا ظهرت إشارات ضعف في الزخم. أما غولدمان ساكس فرفع هدفه لعام 2026 إلى 4,900 دولار للأونصة، مدعومة برغبة البنوك المركزية والتدفقات المؤسسية.

إن الارتفاع الحالي للذهب ليس مجرد فقرة عابرة، بل يُعدّ جزءاً من تحول أوسع في سلوك المستثمرين وحيازة الأصول. لكن هذا لا يعني أن الطريق سيكون سلساً! فالفجوات الفنية، وذروة الشراء، وضغط السيولة قد تؤدي إلى موجات تصحيحية.

إذا كنت مستثمراً، فقد يكون من الحكمة:

  • اقتناص الفرص عند الارتدادات السعرية.
  • وضع حماية (Stop-loss) عند مستويات الدعم الفنية.
  • تنويع المحفظة بحيث لا تعتمد بالكامل على الذهب، فحتى الذهب قد يُصغّر دوره في فترات الارتداد الحاد.

في النهاية، سنشهد في الأيام المقبلة إن كان الذهب سيكتب فصلاً جديداً في الصعود أو سيُجبر على إعادة اختبار قواعده.

مشاركة المقال: