تعتبر حرفة القش من الحرف القديمة التي تزين الساحل السوري، حاملة معها عبق الماضي وذكريات الأجداد. وفي سياق التعريف بهذا التراث العريق، ألقت الحرفية جمانة إبراهيم محاضرة في المركز الثقافي العربي في الشيخ بدر، تحت عنوان "حرفة تجمع بين الإبداع والتراث والفن".
استهلت إبراهيم محاضرتها بالحديث عن سنبلة القمح وتاريخها الضارب في القدم، حيث كانت الغذاء الأول للإنسان منذ نزول سيدنا آدم وحواء إلى الأرض، وأصبحت رمزاً للخير والعطاء. ومن سنبلة القمح، استلهم الإنسان فكرة صنع أدوات بسيطة لتلبية احتياجاته، مثل أطباق القش.
وأوضحت إبراهيم أن هذه الأطباق كانت تستخدم في الماضي لتقديم الطعام وتزيين جدران البيوت الطينية القديمة، وكانت تتميز بنقوشها وزخارفها المتنوعة. كما أشارت إلى أن النساء والفتيات كن يجتمعن في ليالي الشتاء الباردة حول الموقد لصنع هذه الأطباق، بهدف توفير لقمة العيش وضمان حياة كريمة، في جو من التنافس الشريف.
إلا أن إبراهيم لفتت إلى أن هذه الحرفة تواجه حالياً خطر الانحسار، بسبب عدم اهتمام الجيل المعاصر من الفتيات الريفيات بها. وأضافت: "بالنسبة لي، فقد استهوتني البيئة الريفية التي عشت فيها كثيراً، بتراثها العريق الذي يربطني بسلسلة أمل لا تنقطع حلقاتها مع عقود طويلة من العمل. كانت لوحاتي تحكي قصة الجمال مع الطبيعة، والإنسان مع التراث، وريشتي هي سنبلة القمح، التي أصنع منها لوحات فنية رائعة، تماماً كما يرسم الفنان التشكيلي بريشته لوحته".
كما عرفت إبراهيم بالأدوات المستخدمة في صناعة القش، وهي: المخرز (أو المخلة) والمقص. والمخرز هو قطعة معدنية مدببة الرأس ذات مقبض صغير، تستخدم لصنع الأطباق وغيرها من منتجات القش.
وأوضحت أن من أهم الأعمال التي صنعتها يدها باستخدام المخرز هي: الطبق، وهو الأكثر استعمالاً لوضع الطعام والخبز، وكان يستخدم قديماً لوضع الطفل بعد ولادته تبركاً بسنبلة القمح المباركة. بالإضافة إلى الصينية، وهي أصغر من الطبق وتستخدم لتنظيف الحبوب قبل الطبخ وتقديم الفواكه. والجميّم، الذي يستخدم لوضع الحبوب عند الزراعة والزيتون عند القطاف، ويتوفر بأحجام مختلفة. والقليته (أو القفورة)، التي تختلف تسميتها من منطقة لأخرى، وتستخدم لوضع الحبوب والفواكه عند القطاف، وكانت تستخدم أيضاً كمكيال للحبوب. والجونة، التي توضع فيها الأبر والخيطان وأدوات الخياطة الأخرى. وخزانة العروس، التي تتألف من طبقتين، إحداهما كبيرة لوضع فستان العروس، والأخرى صغيرة جداً لوضع مصاغ العروس.
وختمت إبراهيم حديثها بالتأكيد على أن صناعة القش هي تراث جميل يحمل بين طياته ذكريات الماضي، ويفرض علينا الحفاظ عليه من الاندثار، فهو عنوان لمرحلة كانت البركة والمحبة هما السائدان.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية