الثلاثاء, 14 أكتوبر 2025 03:20 AM

«الصدمة السردية»: محمد جبير يفكك آليات التحول في الرواية العربية

«الصدمة السردية»: محمد جبير يفكك آليات التحول في الرواية العربية

يطل علينا الناقد محمد جبير بإصدار جديد بعنوان "الصدمة السردية: متوالية التحويل من السكون إلى الحركة"، وهو الكتاب السابع عشر في مسيرته النقدية. هذا الكتاب، الذي استغرق تأليفه ثلاث سنوات، لا يُعد إضافة كمية للمكتبة العربية فحسب، بل يمثل نقلة نوعية في فهم آليات التحول داخل النص السردي.

يتناول الكتاب مفهوم الصدمة السردية في الرواية، مؤكدًا أننا نعيش في عصر الصدمة على مختلف المستويات النفسية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية. ويرى جبير أن صورة الصدمة السردية تتضح من خلال رصد فجوة المعرفة بين المجتمعات المتخلفة والمتقدمة، حيث تختار بعض المجتمعات العيش في حالة سكون، بينما تسعى أخرى إلى التغيير.

تعتبر فكرة "الصدمة السردية" بحد ذاتها مثيرة للاهتمام، إذ تربط التقنيات السردية بالواقع الاجتماعي والمعرفي والإنساني. ويقدم جبير من خلال "متوالية التحويل" منظورًا ديناميكيًا للرواية، مع التركيز على التحول من الجمود إلى الحركة. ويرى أن هذا المفهوم قد يكون مفتاحًا لفهم كيفية تعامل الرواية مع معطيات العصر والبيئة.

يستخدم جبير مصطلح الصدمة من جوانب نفسية واجتماعية، مثل صدمة ما بعد الحروب والكوارث، ويطبقها على السرد لربط البنية الجمالية للأدب بالبنية النفسية والاجتماعية للمجتمع. ويحتوي الكتاب على فصول تتناول مواضيع مثل التحول من السكون إلى الحركة، وعتبة أولى للنهوض السردي، وصدمة التحديث السردي.

يعتبر فصل "متوالية التحويل من السكون إلى الحركة" قلب الكتاب التطبيقي، حيث يشير العنوان الرئيسي للكتاب إلى نموذج تحليلي ديناميكي يركز على تحليل التحويل بين السكون والحركة، وليس الحالة بحد ذاتها. وهذا يجعل التحليل يركز على العتبات واللحظات المفصلية في النص الروائي، وهي لحظات درامية عالية الكثافة.

محمد جبير، الناقد العراقي البارز، يمتلك مشروعًا نقديًا واضحًا يركز على تحليل الخطاب الروائي وتفكيك آليات اشتغاله، خاصة في الروايات التي تكتب من داخل مجتمعات تعاني الهزات والتحولات العنيفة. ويقدم الكتاب نظرية نقدية "محلية" تنبع من سياقها الخاص، بدلاً من استيراد النظريات الجاهزة.

يعمل جبير على تفكيك ثنائية السكون والحركة ليكشف أنها ليست متنافية، فالتحويل هو ما يعطي المعنى لكليهما. ويربط هذه المتوالية بالسياق السردي، الذي ينعكس على الأفراد والمجتمعات، وكيف تتحول من سكون الاستبداد أو الجمود إلى حركة. ومن خلال تطبيق هذا المفهوم على نماذج روائية، يظهر كيف أن الصدمة هي المحرك الذي يدفع بالسرد من حالة السكون إلى حالة الحركة.

تكمن أصالة فكرة الكتاب في تناولها للصدمة في السرد بعيدًا عن الجمود والقولبة الجاهزة، من خلال نشوء علاقة ود وعمق في تطبيقها بشكل مدروس وممنهج على نصوص سردية مختلفة. وقد نجح المؤلف في إكساء كلاسيك السرد بمصطلحات نقدية جديدة، وإضافة بعدًا تحليليًا حداثويًا، باستخدام الأدوات التحليلية الحديثة لقياس السكون والحركة في المسرود.

يعتبر "الصدمة السردية" إسهامًا مهمًا في "نقد ما بعد الكارثة"، وهو حقل ناشئ يهتم بالأدب المنتج في ظل الظروف الصعبة. والكتاب خطوة مهمة نحو تأصيل خطاب نقدي عربي، لا يستهلك النظريات، بل ينتجها انطلاقاً من نصوصه وواقعه. وهو مشروع نقدي طموح ومهم يحاول تأسيس مفهوم نقدي جديد من العالمي إلى الواقع العربي.

الكتاب صادر عن دار (اسكرايب) 2025، وقد سبق وصدرت للناقد عدة كتب نقدية هامة في سوريا مثل كتاب جنائن السرد. دار التكوين. وكتاب الرواية الاستقصائية دار نينوى. وكتاب قراءة النص السردي. دار أمل. وفي عدة عواصم عربية.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات_الحرية

مشاركة المقال: