الخميس, 16 أكتوبر 2025 02:55 PM

توقعات غربية متشائمة حول المرحلة التالية في غزة: ما مصير خطة ترامب؟

توقعات غربية متشائمة حول المرحلة التالية في غزة: ما مصير خطة ترامب؟

تفاوتت القراءات الغربية لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي تم توقيعه برعاية الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. تراوحت هذه القراءات بين التشاؤم، النابع من التجارب التفاوضية السابقة مع تل أبيب برعاية أمريكية، والتفاؤل الحذر المصحوب بتساؤلات حول قضايا عالقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

على الرغم من الارتياح الذي خلفه الاتفاق بين أطراف الصراع، خاصة فيما يتعلق بتبادل الأسرى، فإن وعود ترامب بإدخال المنطقة في "عصر ذهبي" تبدو غير واقعية، خاصة مع غياب جدول زمني في خطته لتقرير مصير الشعب الفلسطيني، كما ذكرت صحيفة "ذا غارديان".

أشارت "وول ستريت جورنال" إلى تشتت البيت الأبيض بين ملفات دولية وإقليمية، معتبرة أن الرئيس الأميركي، الذي "غالباً ما يقفز من قضية إلى أخرى، قد يفقد الاهتمام قبل انتهاء المهمة" الرامية إلى إرساء الاستقرار في القطاع. في المقابل، اعتبرت "نيويورك تايمز" خطة غزة "نصراً" سياسياً لإدارة ترامب وأداة لرفع أسهم حليفه بنيامين نتنياهو داخلياً وخارجياً، مؤكدة أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بدا "أكثر تحفظاً" من الرئيس الأميركي، في ظل عودة مقاتلي حركة "حماس" إلى الانتشار في المناطق التي انسحب منها الجيش الإسرائيلي في القطاع.

استعرضت الصحيفة سلسلة من الثغرات في الخطة، مثل ملف إعادة الإعمار والبند "الأكثر تعقيداً" حول مستقبل حكم القطاع، خاصة فيما يتعلق بعدم وضوح حدود عمل وآليات تدريب وتمويل "قوة الاستقرار الدولية" التي ستتولى مهام حفظ الأمن، والجدول الزمني لنشرها، والدول المشاركة فيها، وضبابية نوايا واشنطن بعد إعلانها إرسال قوة قوامها 200 جندي إلى قواعد عسكرية إسرائيلية.

باستثناء إشارات موجزة، خلا خطاب ترامب في قمة شرم الشيخ من أي حديث عن متطلبات إعادة إعمار غزة أو الصيغ التبادلية المحتملة للوصول نحو إقامة "الدولة الفلسطينية"، فضلاً عن خلو القمة من "أي نقاش علني حول تنفيذ الخطة المؤلفة من 20 بنداً، باستثناء لقاء الرئيس الأميركي بممثلي الدول العربية الغنية والحكومات الأوروبية التي يُفترض أن تؤدي دوراً في تمويل إعادة إعمار القطاع أو في تشكيل قوة الاستقرار الدولية".

في ضوء ذلك، تُطرح تساؤلات حول ما إذا كان اتفاق وقف إطلاق النار سيؤدي بالضرورة إلى "سلام دائم"، خاصة وأن "الجزء الصعب" من الخطة يتعلق بكيفية "إقناع حماس بالتخلي عن سلاحها ونزع سلاح قطاع غزة بالكامل، وهما شرطان أساسيان لانسحاب إسرائيل الكامل من القطاع".

نقلت الصحيفة الأميركية عن محللين ومسؤولين إسرائيليين سابقين ترجيحهم فرضية تعثر المرحلة الثانية من المحادثات في حال عدم استجابة "حماس" للخطة أو غياب أي ضغوط عربية وإسلامية عليها لحثها على قبولها، مع تقديرهم أن يعمد الجيش الإسرائيلي في المرحلة المقبلة إلى التعامل مع الحركة بـ"نفس الطريقة التي يتعامل بها مع حزب الله في لبنان، سواء عبر استهداف مقاتليها أو قصف مستودعات أسلحة تابعة لها"، محذرة من احتمال تغير المزاج العام الإسرائيلي في الأسابيع المقبلة، وتحديداً تجاه معاودة الحرب مع "حماس".

وفقاً لمحللين إسرائيليين وفلسطينيين، فإنه من الأسهل تصور الالتفاف على التطبيق الكامل لخطة ترامب والاستعاضة عن ذلك بتطبيق جزئي أو هامشي. في هذا الإطار، لفت أكرم عطا الله، وهو كاتب عمود فلسطيني مقيم في لندن، إلى أن "القضية الرئيسة لم تُحلّ بعد: ألا وهي سلاح حماس"، ذلك أنه لا يمكن النظر إلى مسألة نزع سلاح الحركة وكأنها "إجراء إداري بسيط"، فهي "قامت على أساس أنها حركة (مقاومة) تحمل السلاح"، وهو ما يعني عملياً أنها ستكون معنية بـ"تفكيك أيديولوجيتها".

أعرب زوهار بالتي، المسؤول الكبير السابق في "الموساد" ووزارة الدفاع، عن شكوكه في شأن توصية خطة ترامب بمنع "حماس" من أي دور عسكري أو مدني في غزة، في حين لفت نمرود غورين، رئيس مركز "ميتفيم" الإسرائيلي للأبحاث في السياسة الخارجية، إلى "(أنّنا) على أعتاب عام سياسي يرتبط فيه كل شيء بالحملات الانتخابية، وقد تنقلب حسابات نتنياهو، من الرضوخ إلى الضغط، إلى محاولة ضمان بقائه السياسي".

كذلك، رأى نمرود نوفيك، الباحث البارز في منتدى السياسة الإسرائيلية، في حديث إلى "نيويورك تايمز"، أنه "إذا اتّضح في أثناء أربعة أو خمسة أسابيع أنّ المزاج العام في البلاد هو أنّ هذه الحرب كانت جولة مروعة، بل مجرد جولة أخرى، وعادت حماس، أستطيع أن أرى نتنياهو، يحاول تصحيح ذلك. كل ما تحتاجه هو استفزاز من حماس وردّ فعل إسرائيلي غير متناسب، ويمكن أن تتطوّر الأمور إلى دوّامة".

في حين اعتبر برايان كاتوليس، الزميل البارز في "معهد الشرق الأوسط"، أنّ "الفجوة الكبيرة التي لا أعتقد أنّ ترامب، أو فريقه قد مهّدوا لها الطريق حقّاً… هي تلك القائمة بين إدارته وإسرائيل من جهة، وبقية العالم العربي من جهة ثانية، في شأن القضايا طويلة المدى، وخاصة مسار حلّ الدولتَين"، عابت صحيفة "واشنطن بوست" على خطاب ترامب، في شرم الشيخ، توقّعه توسيع "اتفاقات أبراهام"، رغم تجاهله اشتراط معظم الدول العربية قيام "دولة فلسطينية قابلة للحياة في الضفة الغربية وغزة، قبل أيّ خطوة ديبلوماسية إضافية تجاه تل أبيب".

في هذا الإطار، قالت باربرا ليف، التي كانت تشغل منصب مساعدة وزير الخارجية لشؤون المنطقة في عهد إدارة الرئيس السابق جو بايدن، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، إنّ "إنهاء الحرب كان بمثابة الخطوة الأسهل"، موضحة أنّ مسؤولي الإدارة الحالية "بالغوا، ربّما عن قصد، في الترويج لفرص التطبيع بين إسرائيل والعرب، في موازاة التقليل من شأن مسار إقامة دولة فلسطينية".

كما طرحت الصحيفة تساؤلات حول جدّية ما يشاع عن هيكل حكم انتقالي في غزة، يستثني "حماس"، بموجب بنود الاتفاق، مع تمكّن العديد من مسؤولي حكومة غزة الحالية من استئناف مهامّهم ومسؤولياتهم. وفي هذا السياق، قال الديبلوماسي الأميركي السابق، آرون ديفيد ميلر، للصحيفة، إنّ أولوية القائمين على رعاية الاتفاق، يجب أن تنصبّ على تشكيل لجان متعدّدة، تكون مهمّة أولاها "نزع سلاح حماس"، و"إنشاء القوّة الدولية"، على أن تنحصر مهام اللجنتَين الأخريَين في بلورة "هيكل حوكمة"، و"جمع التمويل اللازم لإعادة إعمار غزة، المقدّر بمليارات الدولارات"، مشدّداً على أنه "إذا لم يُعالجوا أمر الاتفاق على هذا النحو، فإنني لا أرى أيّ سبيل إلى نجاحه".

مشاركة المقال: