الإثنين, 20 أكتوبر 2025 01:08 AM

غوته: كيف عشق الشاعر الألماني الكبير اللغة العربية والقرآن الكريم؟

غوته: كيف عشق الشاعر الألماني الكبير اللغة العربية والقرآن الكريم؟

أحمد بوبس: يوهان غوته، الشاعر الألماني الكبير، أحب الشعر العربي لدرجة العشق، بل أحب الشرق بروحه وأمانه. عبّر غوته عن هذا الحب في قصائده العديدة، ومنها قصيدة "هجرة"، وهي القصيدة الأولى في ديوانه "الديوان الشرقي للمؤلف الغربي"، وتحديدًا في القسم الأول الذي حمل عنوان "كتاب المغنى".

يقول مطلع القصيدة: "الشمال والغرب والجنوب تتحطم وتتناثر، والعروش تُشَلُّ والممالك تتزعزع وتضطرب، فلتهاجر إذن إلى الشرق الطاهر الصافي كي تستروح جَوَّ الهُداة والمُرْسَلين، إلى هناك حيث الطهر والحق والصفاء".

كيف بدأت علاقة غوته بالشعر العربي؟ بدأت معرفته من خلال الترجمات. قرأ شعر المتنبي من خلال ترجمة المستشرق الألماني يوهان رايسكه لبعض قصائده، وقرأ "شرح المعلقات السبع" التي ترجمها إلى الإنجليزية المستشرق البريطاني وليم جونز. لكن ذلك لم يروِ غليله، فتعلم اللغة العربية وأجادها، مما ساعده على الاطلاع على الشعر العربي دون وسيط في العصرين الأموي والعباسي.

تأثر غوته بالعديد من القصائد العربية وضمنها في قصائده. مثال على ذلك معلقة امرئ القيس التي يقول فيها: "قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ، بسقطِ اللِوى بين الدخولِ فحوملِ، فتوضِحَ فالمقراةِ لم يَعْفُ رسمُها، لما نســجتها من جـنوبٍ وشــمألِ، وقوفاً بها صحبي عليَّ مطيُّهم، يقولون لا تهلكْ أسىً وتجملِ".

ضمن غوته معنى هذه الأبيات الثلاثة في قصيدة له تقول: "قفا وخلِّنا نبكي هنا في مكان الذكرى، هناك كانت خيمتها على حافة الكثيب الرملي المتمايل، وما زالت الآثار قائمة لم تختفِ، وإن جعلت ريح الشمال وريح الجنوب تنثر الرمال هنا وهناك، وبجانبي وقف الرفاق صامتين وقالوا لا تهلك من الأسى وتجمَّل".

تأثر غوته بامرئ القيس واضح تمامًا، فكما فعل شاعرنا الجاهلي، بكى غوته واستبكى ووقف على الأطلال. والأمثلة على ذلك كثيرة. ولغوته قصائد كثيرة ضمنها معاني لقصائد للمتنبي وزهير بن أبي سلمى وطرفة بن العبد وغيرهم.

وكما تأثر غوته بالشعر العربي، تأثر أيضًا بالقرآن الكريم، الذي قرأه أولاً مترجمًا، ثم قرأه بلغته العربية، فأعجب ببلاغته، وضمن العديد من قصائده معاني بعض السور القرآنية. مثال على هذا الإعجاب والتأثر، المقطع التالي من قصيدته "أهل الكهف" التي تضمنها ديوان غوته في القسم الثاني عشر الذي حمل عنوان "الخلد": "أما الأمير الذي فرّوا من وجهه وبحجارة وجير سدّ عليهم باب الكهف، لكنهم ينامون باستمرار، والمَلَك الذي يرعاهم يقول في تقريره أمام عرش الله لقد قلبتهم ذات اليمين وذات الشمال حتى لا تُضَار أعضاؤهم الرقيقة، والكلب الصغير مستنداً إلى قدميه الأماميتين، وتمر الأعوام وتأتي السنون وأخيراً يستيقظ الفتية…".

أليس هو المعنى نفسه الذي تقوله الآيات الكريمة من سورة الكهف: "وَتَحسَبُهُم أَيقَاظاً وَهُم رُقُود وَنُقَلِّبُهُم ذَاتَ ٱليَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَكَلبُهُم بَٰاسِط ذِرَاعَيهِ بِٱلوَصِيدِ لَوِ ٱطَّلَعتَ عَلَيهِم لَوَلَّيتَ مِنهُم فِرَاراً وَلَمُلِئتَ مِنهُم رُعباً". والأمثلة أيضاً كثيرة عن تأثر غوته بآيات القرآن الكريم.

كان غوته معجباً بالرسول محمد أيما إعجاب. ولشدة إعجابه به، بدأ بكتابة مسرحية حملت عنوان "نشيد محمد"، فكتب الفصل الأول، لكنه رحل قبل أن يكملها. ونظم أيضاً في الرسول قصيدة "ترتيلة محمد"، ومما يقوله فيها: "انظروا إلى نبـع الصخور لمّـاعاً من الابتهاج كَـوَمضـاتِ النجـوم! ومن فـوق الغـيوم ملائكـة أخيـار تغـذي عنـفوانـه بين الصّـخور في الأدغـال. بحيـويّـة فتى يافـع يَـثِـبُ بخِـفّةٍ خارجَ الغيـمة وعلى الصّخور المرمر في الأسفل".

أخبار سوريا الوطن١-الحرية

مشاركة المقال: