ترددت أنباء رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا مراراً خلال الأشهر الماضية، واحتفى المسؤولون الحكوميون بكل خطوة في هذا الاتجاه. إلا أن الحقيقة تبقى أن قانون "قيصر"، الذي يُعد من بين أقسى العقوبات الاقتصادية، لم يُلغَ بشكل كامل حتى الآن.
في 11 تشرين الأول الجاري، وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على إلحاق مقترح إلغاء قانون قيصر بقانون "تفويض الدفاع الوطني" الخاص بموازنة وزارة الدفاع لعام 2026. ويتطلب هذا القانون موافقة مجلس النواب على جميع بنوده قبل إحالته إلى الرئيس الأمريكي للمصادقة عليه، ليتم بذلك إلغاء عقوبات "قيصر" رسمياً.
وعلى الرغم من اتفاق عدد من نواب الحزبين الأكبر في "الولايات المتحدة" على خطوة الإلغاء، بمن فيهم النائب الجمهوري "جو ويلسون" الذي اقترح إلحاق مشروع إلغاء قانون قيصر ضمن ميزانية وزارة الدفاع، وعضوة لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس عن الحزب الديمقراطي "جين شاهين"، إلا أن قانون "تفويض الدفاع الوطني" الذي أُقر في الكونغرس تضمن تعديلاً من عضوة الكونغرس الجمهورية "ليندساي غراهام" يلزم الرئيس بتقديم بيان كل 4 أشهر حول مدى استيفاء الحكومة السورية لعدة شروط. وفي حال عدم المصادقة لفترتين متتاليتين، يعتبر الكونغرس أن العقوبات قد أُعيد فرضها وتبقى سارية المفعول.
ما هي الشروط الأمريكية؟
يتضمن تعديل "غراهام" الذي أقره "الكونغرس" وضع شروط على الحكومة السورية يجب عليها الالتزام بها. وبموجبه، يقدم الرئيس الأمريكي تقريراً غير سري للكونغرس كل 120 يوماً لتوضيح مدى التزام "دمشق" بتحقيق هذه الشروط. وفي حال عدم امتثال الجانب السوري للشروط لمدة 12 شهراً، تعتبر عقوبات "قيصر" فعالة مجدداً.
تشمل هذه الشروط: الالتزام بالقضاء على "داعش" والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وانضمام سوريا إلى التحالف الدولي ضد "داعش"، وتوفير الأمن للأقليات الدينية والعرقية وضمان تمثيل مختلف الأديان والأعراق والأقليات في الحكومة، والحفاظ على علاقات سلمية مع دول المنطقة بما في ذلك "كيان الاحتلال"، واتخاذ إجراءات ضد الجهات التي تهدد أمن جوار سوريا.
إضافة إلى ذلك، تتضمن الشروط محاربة تمويل أو مساعدة الجماعات الإرهابية التي تشكل ضرراً للأمن القومي لـ"الولايات المتحدة" وحلفائها في المنطقة، وإبعاد المقاتلين الأجانب عن مؤسسات الدولة والأمن في سوريا، ومقاضاة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان منذ 8 كانون الأول 2024، ضمن الهجمات التي استهدفت "الأقليات".
وفقاً لهذا التعديل، تخضع الحكومة السورية لرقابة مستمرة من الجانب الأمريكي، وتُستخدم "العقوبات" كورقة ضغط دائمة تهدد بالعودة مع نهاية كل 4 أشهر، مما يمنع المستثمرين من الثقة والمغامرة في السوق السورية التي تبقى مهددة بعودة عقوبات قيصر.
يذكر أن عقوبات قيصر تم تعليقها مؤقتاً بموجب الأوامر التنفيذية للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، إلا أن إلغاء القانون كلياً يحتاج موافقة مجلس النواب الأمريكي لطيّ صفحة العقوبات بشكل نهائي.