الإثنين, 10 نوفمبر 2025 04:22 PM

أزمة كتب مدرسية حادة تضرب مدارس درعا: الأهالي والطلاب يواجهون صعوبات جمة

أزمة كتب مدرسية حادة تضرب مدارس درعا: الأهالي والطلاب يواجهون صعوبات جمة

تعاني مدارس محافظة درعا هذا العام من أزمة غير مسبوقة في توفير الكتب المدرسية، مما يضع الأهالي والطلاب أمام تحديات كبيرة مع بداية العام الدراسي. تكشف شهادات الأهالي والمسؤولين عن أبعاد الأزمة، مع تباين ملحوظ في الأسعار بين المحافظة ودمشق، مما يعكس حجم النقص وأهمية التنسيق المحلي لضمان وصول الكتب.

المزيريب: معاناة الأهالي مع الكتب التالفة تتفاقم

في بلدة المزيريب، يواجه الأهالي صعوبة بالغة في تأمين كتب مدرسية صالحة للاستعمال، مما اضطر الكثيرين منهم إلى شراء نسخ مصورة بأسعار مرتفعة. أكد أحمد النابلسي، أحد أولياء الأمور، أن معظم الكتب المستلمة تالفة أو ناقصة، مما أجبر الأهالي على شراء نسخ مصورة. وأضاف: "الكتب التي توزعها المدارس غير صالحة للدراسة، حيث أن بعض الصفحات مفقودة وبعض الوحدات غير موجودة". وأشار إلى أنه اشترى ثلاثة كتب بمبلغ 125 ألف ليرة، ومع ذلك اضطر ابنه لاستخدام نسخ مصورة لأنها أوضح وأكمل. وأوضح النابلسي أن المشكلة عامة، حيث يُطلب من الطلاب شراء كتب بديلة من بعض المكاتب، بينما يعتمد البعض على علاقاتهم بالمدرسين أو الإدارات للحصول على نسخ أفضل.

نوى: تأخر التوريد يزيد من حدة الأزمة

لم تكن مدينة نوى أفضل حالاً، حيث أدى تأخر وزارة التربية في إرسال دفعات الكتب الجديدة إلى تفاقم الأزمة. صرح محمد النصرالله، مدير المجمع التربوي في نوى، بأن "الأزمة تعود أساسًا إلى تأخر وصول الدفعات الجديدة، وأن المجمع لا يملك صلاحية توفير بدائل قبل استلام الكميات الرسمية". وأوضح أن بعض الكتب لا تزال قيد الطباعة لدى مؤسسة المطبوعات، مشيرًا إلى أنها تبيع جزءًا محدودًا منها لتغطية التكاليف، إلا أن هذه الكميات لا تعتمد عليها المدارس. وأشار النصرالله إلى أن الكتب القديمة التي وزعتها بعض المدارس ليست تالفة من المصدر، وأن ما بين 40 إلى 60 بالمئة من الطلاب لم يحصلوا على كتب كاملة، مما دفع بعضهم لطباعة أجزاء من الكتب أو المقرر كاملًا على نفقتهم الخاصة. وأكد أن مناهج مثل الاجتماعيات والتربية الإسلامية ستشهد تغييرًا واسعًا، وأن الكتب الجديدة ستصل خلال عشرة أيام وفق متابعة الوزارة.

الصنمين: نقص حاد ومعاناة حقيقية

في مدينة الصنمين شمال درعا، يبدو النقص في الكتب أكثر وضوحًا، خاصة في المواد الأساسية. أوضح خالد اللباد، مدير المدرسة الإعدادية الثانية، حجم النقص قائلًا: "نواجه مشكلة كبيرة في توفير الطبعات الجديدة للكتب مثل الجغرافيا والتاريخ والإسلامية". وأشار إلى أنه من أصل 200 طالب في الصف التاسع، وصل فقط 50 كتابًا لكل مادة، والنقص يصل إلى 150 كتابًا، مؤكدًا أن تأمين النقص يعتمد على جهود شخصية، مثل شراء الكتب أو استعارتها، وأن الوضع يمثل معاناة حقيقية للأهالي. وأضاف أن الأسعار متفاوتة، إذ اضطر لشراء كتب لبناته بأسعار تراوحت بين 17 و27 ألف ليرة، بينما تصل أسعار الكتب الحرة إلى 35 ألف ليرة.

دمشق ودرعا: تباين كبير في واقع الكتاب المدرسي

رصد مراسل أن أسعار الكتب في دمشق أقل بكثير من درعا، حيث تمكن أحد الأهالي من شراء كتابَي الاجتماعيات والإسلامية لابنه في الصف الرابع بمبلغ 7800 و6700 ليرة فقط، في حين وصلت الأسعار في درعا إلى 65 ألف ليرة لنفس الكتب. وذكر مصدر في مستودع الكتب التابع لوزارة التربية أن الكتب متوفرة، لكن نجاح توزيعها يعتمد على متابعة الجهات التربوية في درعا، والتنسيق الفعّال مع الوزارة.

يبقى الكتاب المدرسي الركيزة الأساسية في العملية التعليمية، فهو الوسيلة الأولى التي يعتمد عليها الطالب والمعلم على حدّ سواء. وما تشهده مدارس درعا من نقص حاد في الكتب أو توزيع نسخ تالفة، لا يُهدد فقط جودة التعليم، بل يُكرّس شعورًا بالإهمال وغياب العدالة بين الطلاب في مختلف المحافظات. إن ضمان وصول الكتاب السليم وفي الوقت المناسب لكل طالب، ليس ترفًا تربويًا، بل حق أساسي لا يمكن لأي إصلاح تعليمي أن يتحقق من دونه. فالنهضة التعليمية تبدأ من الورقة الأولى في كتاب نظيف وواضح، يحمل المعرفة ويصون كرامة المتعلّم.

مشاركة المقال: