الأحد, 23 نوفمبر 2025 10:38 PM

باريس تستضيف لقاءً تشاوريًا بين عائلات المفقودين والهيئة الوطنية السورية: نحو كشف المصير والعدالة الانتقالية

باريس تستضيف لقاءً تشاوريًا بين عائلات المفقودين والهيئة الوطنية السورية: نحو كشف المصير والعدالة الانتقالية

استضافت العاصمة الفرنسية باريس في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، اجتماعًا تشاوريًا هامًا جمع عائلات المفقودين والمخفيين قسراً مع الهيئة الوطنية السورية للمفقودين. يمثل هذا اللقاء محطة جديدة في جهود تعزيز التواصل المباشر مع ذوي الضحايا المقيمين في دول اللجوء، وإشراكهم الفعال في عملية البحث وكشف المصير، وذلك ضمن مسار العدالة الانتقالية في سوريا.

حضر اللقاء الدكتور محمد رضا جلخي، رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين، بينما أدار الحوار مازن درويش، رئيس المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، في إطار سعي مشترك لتطوير آليات فعالة للوصول إلى الحقيقة وتحقيق الإنصاف للضحايا.

هيئة وطنية على أساس إنساني – قانوني:

افتتح الدكتور الجلخي اللقاء بالتأكيد على الأهمية البالغة لعائلات المفقودين، مشيرًا إلى أن "الهيئة الوطنية ما كانت لتوجد لولا آلام وآمال عائلات المفقودين". وأوضح أن الهيئة تعمل وفق إطار إنساني–قانوني يرتكز على المعايير الدولية والممارسات الفضلى في مجال البحث عن المفقودين. وأكد أن قضية المفقودين تمثل "الجرح الأكثر نزفًا في الوعي الجمعي السوري"، وأن أعداد المفقودين تُقدَّر بمئات الآلاف، مما يجعل هذا الملف من أعقد الملفات في مسار العدالة الانتقالية.

وقدّم الدكتور الجلخي عرضًا موسعًا حول تأسيس الهيئة، مؤكدًا أنها تتبنى نموذجًا سوريًا مميزًا يقوم على الشراكة بين الحكومة السورية والهيئة الوطنية ومنظمات المجتمع المدني وروابط عائلات الضحايا والمؤسسات الدولية. وأشار إلى أن عمل الهيئة يستند إلى أربع مبادئ رئيسية هي: التشاركية، الشفافية، عدم التمييز، والعلمية والمهنية. وشدد على أن "الحقيقة لا تُحدَّد بالشعارات، بل بالعلم، والطب الشرعي، والتوثيق المحترف"، وأن الأولوية تبقى للمؤسسة الوطنية للمفقودين باعتبارها ضمانة للسيادة والعدالة معًا.

خريطة طريق حتى عام 2027:

استعرض الدكتور الجلخي خارطة الطريق الكاملة لعمل الهيئة، والتي تشمل خمس مراحل تمتد حتى العام 2027، وتتضمن: مرحلة البناء المؤسسي والقانوني للهيئة (2025)، وإطلاق المنصة الرقمية للبلاغات (2026) التي ستعمل عبر أربع مراحل (التبليغ، التحقق من الوثائق، التحقق الميداني، وأخذ العينات الجينية)، بالإضافة إلى تقديم دعم قانوني ونفسي للعائلات وبناء الخبرات السورية. وتشمل الخطة أيضًا فتح المقابر الجماعية والمطابقة الجينية (2027)، والبحث الميداني عن المفقودين، وتحديد المصير وتقديم دعم مستدام لعائلات الضحايا.

كما أعلن الدكتور الجلخي عن افتتاح 7 مراكز تمثيلية للهيئة في المحافظات السورية، إضافة إلى عقد مؤتمر سنوي لعائلات المفقودين بدءًا من العام القادم، وتحدث عن إمكانية وجود مكتب متخصص في القنصليات السورية في الخارج لذات الغرض. وأشار إلى إطلاق منصة "دعم الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا" بالتعاون مع ست منظمات مختصة بتوثيق حالات الاختفاء القسري، إضافة إلى توقيع مبادئ تعاون دولية في تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، تحدد أدوار جميع الأطراف ضمن الإطار الوطني السوري.

تشريع جديد للمفقودين والمقابر الجماعية:

كشف رئيس الهيئة الوطنية أن العمل جارٍ على إعداد مسودة قانون خاص بالمفقودين في سوريا، يتضمن إطارًا قانونيًا شاملاً لمعالجة أوضاع المختفين قسرًا، ويضع أسسًا واضحة للتعامل مع المقابر الجماعية، وقد يُطرح لاحقًا قانون منفصل خاص بالمقابر الجماعية بعد استكمال المشاورات مع الخبراء وذوي الضحايا ومنظمات المجتمع المدني.

درويش: إشراك العائلات ضرورة لا خيار:

من جهته، شدّد المحامي مازن درويش على أهمية عقد هذه اللقاءات مع عائلات المفقودين في الداخل ودول الاغتراب، باعتبارهم شركاء أساسيين لا يمكن تجاوزهم في بناء مسار العدالة، مؤكدًا ضرورة إشراكهم في رسم السياسات وتقييم آليات عمل الهيئة لضمان شمولية المسار ومصداقيته.

تفاعل واسع وأسئلة مؤلمة:

اختُتم اللقاء بجلسة حوارية مفتوحة، طرحت فيها العائلات أسئلة تتعلق بتحديد المصير، وآليات التوثيق، والتعاون مع الدول المضيفة، ومسار فتح المقابر الجماعية. وقدّم الدكتور الجلخي إجابات تفصيلية عكست حجم التحديات، وحجم العمل الجاري على الأرض.

فراس حاج يحيى - زمان الوصل

مشاركة المقال: