السبت, 6 ديسمبر 2025 04:39 PM

القرداحة تحتفل بذكرى التحرير: المدينة تستعيد هويتها بعد عقود من هيمنة عائلة الأسد

القرداحة تحتفل بذكرى التحرير: المدينة تستعيد هويتها بعد عقود من هيمنة عائلة الأسد

أحمد رسلان: بدأت مدينة القرداحة في ريف اللاذقية، يوم السبت، احتفالاتها بذكرى النصر والتحرير للمرة الأولى منذ سقوط نظام الأسد. وشهدت المدينة أجواء احتفالية واسعة وتنظيمات شعبية تعكس رغبة الأهالي في استعادة هوية مدينتهم التي ارتبطت قسراً باسم العائلة الحاكمة السابقة لعقود.

لطالما ارتبط اسم القرداحة، على مدى نصف قرن، بعائلة الأسد التي حكمت سوريا بقبضة أمنية، وحوّلت المدينة إلى رمز للسلطة بدلًا من كونها مدينة سورية طبيعية. ومع مرور السنوات، تراجعت صورة القرداحة الحقيقية خلف مشاهد النفوذ الأمني والامتيازات التي مُنحت لعائلة واحدة، بينما عانى سكان المدينة من مشكلات الخدمات والفقر والتمييز، على الرغم من الصورة الزائفة التي روّج لها النظام بأنها "مدينة النخبة".

بعد التحرير في كانون الأول/ديسمبر 2024، بدأت تتكشف الصورة الحقيقية لحجم الهيمنة التي فرضها آل الأسد على المدينة وسكانها. وأظهرت التحقيقات والإفادات الشعبية أن القرداحة كانت من أكثر المناطق التي عانت من تداخل النفوذ العائلي مع المؤسسات العامة، ما أدى إلى إقصاء الكثير من أبنائها وإبقاء المدينة في حالة تراجع عمراني واقتصادي.

اليوم، تتغيّر المشهدية بالكامل. فبدلًا من حضور العائلة التي سيطرت على المدينة لعقود، يقود أهالي القرداحة – خصوصًا الشباب والفعاليات المدنية – التحضيرات لفعاليات ذكرى النصر، في خطوة يصفها ناشطون بأنها "تحرير ثانٍ" للمدينة بعد التحرير السياسي.

وتتضمن الفعاليات التي يجري التحضير لها عروضًا رمزية تجسّد صمود السكان بعيدًا عن استغلال النظام السابق لهم، ومبادرات لإعادة ترميم مواقع تضررت خلال الحرب والإهمال، وتجمعات شعبية تؤكد أن القرداحة جزء من النسيج الوطني السوري، لا ملكية خاصة لعائلة حكمت البلاد.

ويؤكد أبناء القرداحة أن أهم ما يبحثون عنه في هذه المناسبة هو "استعادة اسم المدينة" من التشويه الذي أصابها لعقود، حين ارتبطت بصورة الظلم والسلطة، رغم أن أهلها كانوا من بين المتضررين اقتصاديًا واجتماعيًا مثل غيرهم من السوريين. ويقول ناشطون من المدينة إن القرداحة "تعيد تقديم نفسها اليوم كما هي في الحقيقة: مدينة جبلية هادئة، يسكنها أناس بسطاء، بعيدًا عن الصورة السياسية التي فُرضت عليهم قسرًا".

مع اقتراب موعد الاحتفال، ترتفع آمال الأهالي بأن يشكل هذا الحدث خطوة إضافية نحو المصالحة المجتمعية، وكسر الصورة النمطية التي ألصقها النظام السابق بالمدينة وسكانها. كما يأملون أن يسهم حضور وفود رسمية ومدنية من مختلف المحافظات في دمج القرداحة مجددًا ضمن المسار الوطني العام، بعد سنوات من العزلة القسرية التي فرضتها هيمنة العائلة السابقة.

ويعتبر أبناء المدينة أن تحرير القرداحة من إرث آل الأسد لا يقل رمزية عن تحرير دمشق وبقية المناطق، فالمعركة التي تُخاض اليوم هي معركة استعادة السمعة والهوية والانتماء الوطني. وبذلك، تستعد القرداحة لإحياء ذكرى النصر والتحرير بصورتها الحقيقية التي حُجبت طويلاً، وبصوت أهلها الذين يستعيدون مدينتهم ومستقبلهم بعيدًا عن ظلال الماضي.

أخبار سوريا الوطن١-الثورة

مشاركة المقال: