الشائعات كسلاح حرب نفسية: استراتيجيات وطنية ومجتمعية لمواجهتها


بقلم سليمان خليل، بتاريخ 15 ديسمبر 2025
تنتشر الشائعات يوماً بعد يوم، ومن حين لآخر، انتشار النار في الهشيم، متطفلةً على جسد المجتمع كفيروسات تسعى للسيطرة عليه وقيادته نحو مسارات مضللة تم التخطيط لها مسبقاً. لقد باتت صناعة الشائعات وترويجها جزءاً لا يتجزأ من الحروب النفسية طويلة المدى، التي تستهدف في مجملها تضليل الشعوب وتزييف وعيها، وخلط الحقائق بالأكاذيب، أو نشر أنصاف الحقائق بعد تغليفها بالأكاذيب في غالب الأحيان. يهدف ذلك إلى تحقيق غاية خبيثة تتمثل في بث الخوف والقلق بين المواطنين، بهدف تسميم الفكر وتقويض العزيمة.
يُوظف سلاح الشائعات بكثافة في المجتمع بالاعتماد على استراتيجية إعلامية متكاملة، تهدف إلى محاصرته باستخدام الوسائط التقليدية والجديدة. تتجلى هذه الاستراتيجية في حملات من الأباطيل التي تزداد شراستها يومياً، سعياً لتحقيق أهدافها الخبيثة وضرب أواصر المجتمع وتفتيت مقوماته وبنيانه. يمكن لأي متابع للشأن العام أن يرصد بسهولة الحجم الهائل من الشائعات – المصنوعة حديثاً وخصيصاً لغاية معينة – التي تنتشر يومياً على وسائل التواصل الاجتماعي، ويجري توظيفها في صناعة الأخبار الزائفة التي تتولى الآلة الإعلامية غير المنضبطة تبنيها ونشرها في ساعاتها الإخبارية كحقائق، بهدف تضليل المواطنين وإرباك المجتمع.
على الرغم من النجاحات العديدة التي يحققها التعامل الشعبي والحكومي مع هذه "الحروب القذرة"، إلا أن شراسة الهجمات واستمراريتها بكثافة تستدعي التصدي لها ضمن إطار أشمل، عبر استراتيجية وطنية متكاملة لمواجهة الأكاذيب والشائعات. من خلال المتابعة الإعلامية والاجتماعية، نرى ضرورة تعزيز منظومة التصدي للشائعات والأخبار الكاذبة التي تسيء للمجتمع وتضرّ بشكل متعمد بالاقتصاد. من أهم الأدوات المقترحة وجود وحدات رصد مبكر لرصد الشائعات وبحثها، والرد عليها وتفنيدها في مهدها، لوضع حد مبكر لانتشارها. يتطلب هذا الأمر تفاعلاً وتشاركية من كافة الجهات الإعلامية الحكومية والخاصة والمجتمعية والمحلية، والتصدي لها بسرعة وبمنطق مثبت ومحق.
كذلك، على الجهات المستهدفة ضرورة تقديم بيانات دقيقة ومعلومات موثقة لوسائل الإعلام، وعدم الاكتفاء بدور المتفرج الصامت أو التحفظ على المعلومات. يجب التحلي بالمصارحة والموضوعية والمصداقية والشفافية في التعامل مع المواقف، وإتاحة المعلومات الصحيحة من مصادرها الرسمية وعبر قنوات واضحة. هذا من شأنه أن يساهم في السيطرة على تداول المعلومات المضللة وانتشارها، من خلال عرض الحقائق بكل وضوح ومسؤولية.
أخيراً، يُطالب المواطنون بأن يتنبهوا ويتسلحوا بالوعي الذي لا غنى عنه وسط هذه المعارك الخبيثة التي تتربص بهم. يجب عدم مشاركة الأخبار المغلوطة مجهولة المصدر أو المشكوك فيها، والحرص دائماً على استقاء المعلومات من المصادر الرسمية الموثوقة والمعتمدة من الجهات ذات الاختصاص والشأن الموثوق والمعروف، بعيداً عن المعلومات التي تُبنى لمصالح وغايات مشبوهة. الوعي سلاح عظيم في مواجهة الشائعات؛ لا تدعوها تسيطر على أفكاركم وتجعلكم وقوداً لها. الوعي لكم ولأسركم وكل فرد في مجتمعنا هو الأهم في مواجهة هذه التحديات التي لا تفنى بل تتجدد بأشكال متنوعة، وبوعيكم تردون عليها وتدفنونها في ظلامها ومقتها الذي ولدت منه.
المصدر: أخبار سوريا الوطن
منوعات
منوعات
منوعات
منوعات