إلغاء "قانون قيصر" يفتح مرحلة مفصلية لسوريا: توقعات الخبراء بشأن الاستثمار وإعادة الإعمار والعودة الدبلوماسية


يشكّل قرار إلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب قانون قيصر محطة مفصلية، بعد تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي عليه مساء الأربعاء 17 كانون الأول، والذي يصبح نافذاً بعد التوقيع عليه من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ويجمع مراقبون على أن الإلغاء النهائي للقانون يوسع آفاق التعاون الدبلوماسي، ويسهل جهود إعادة الإعمار والعودة الطوعية للاجئين، مما يسهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
ويأتي هذا التطور نتيجة جهود دبلوماسية وسياسية مكثفة قادتها الحكومة السورية بالتوازي مع مبادرات عربية وإقليمية، وفتح قنوات حوار على نطاق أوسع بما يعزز مكانة سوريا.
يرى الباحث السياسي حازم الغبرا، في حديث لموقع الإخبارية، أن رفع العقوبات وإلغاء قانون قيصر اليوم يشكلان مرحلة مفصلية في إعادة سوريا إلى موقعها الطبيعي على الساحتين الدولية والسياسية. وشدد على أن الأثر الحقيقي لهذا التحول مرتبط بكيفية تعامل الحكومة السورية مع مرحلة ما بعد قيصر، وإدارتها للأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية المرتبطة به. وأوضح الغبرا أن إلغاء القانون وحده لا يكفي، بل يتطلب جهوداً واسعة لإعادة سوريا إلى الخارطة الاقتصادية والسياسية والعلمية والاجتماعية.
وعن مرحلة ما بعد قيصر، توقع الغبرا أن تشهد متابعة دقيقة، مشيراً إلى أن رفع العقوبات منح سوريا فرصاً حقيقية لإظهار نتائج ملموسة داخلياً وخارجياً، وتعزيز دورها على الساحة الدولية. وأوضح أن الدول العربية ستكون المستثمر الأكبر في المرحلة المقبلة، وأن رفع العقوبات أزال العديد من العقبات أمام عمل الحكومات والشركات الخاصة، لكنه شدد على أهمية تهيئة بيئة قانونية واجتماعية مستقرة للاستثمار ومعالجة هموم المستثمرين.
من جهته، أكد الباحث السياسي في مركز قاسيون للدراسات إبراهيم قيسون، أن إلغاء قانون قيصر سيحدث انعكاسات مباشرة على الموقع السياسي لسوريا، إذ أصبحت اليوم دولة طبيعية، غير مصنّفة على قوائم الإرهاب أو خاضعة لعقوبات تتطلب استثناءات، ما يتيح لها الانخراط بحرية في العلاقات الدولية. وأوضح قيسون في تصريح لموقع الإخبارية أن هذا التحول يمنح جميع الدول القدرة على إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع سوريا، كما يتيح للبلاد إرسال سفرائها ودبلوماسييها إلى مختلف الدول، بما يعكس مقاربة جديدة للملف السوري بعد مرحلة طويلة كانت فيها سوريا موصوفة كدولة مارقة.
ويرى قيسون أنه لم تعد هناك حاجة لاستثناءات مالية لتحويل الأموال، وأن الانفتاح العربي أصبح أكثر يسراً، ما يمكّن من إجراء التحويلات بحرية، ويتيح للمستثمرين البدء بالمشاريع الاستثمارية التي أعلنوا عنها سابقاً دون أي عراقيل. وأكد أن هذه الخطوة ستشجع رجال الأعمال على إعادة النظر في استثماراتهم في سوريا، ما يعزز الثقة بالاقتصاد الوطني ويساعد على استقرار السوق المحلي. وعلى الصعيد الدولي، أوضح قيسون أن الحضور السوري سيتعزز عبر تعيين دبلوماسيين في معظم الهيئات الدولية والإقليمية، ما يتيح للبلاد المشاركة بفاعلية أكبر في صياغة القرارات الإقليمية والدولية.
وحسب الباحث، فإن هذا القرار يفتح المجال أمام تحريك ملف إعادة الإعمار، حيث ستبدأ شركات بالدخول إلى سوريا، وعمليات رفع الأنقاض للبدء في مشاريع البناء، ما يسهم في إطلاق عجلة الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة. وسيكون لهذا الأمر أثراً مباشراً على عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم، ويشجع على التسويات السياسية المحلية، سواء في الشمال أم في الجنوب السوري.
وصوت مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح المشروع النهائي لقانون موازنة وزارة الدفاع لعام 2026 المتضمن مادة لإلغاء العقوبات المفروضة على سوريا بموجب “قانون قيصر”. وقال رئيس الشؤون السياسية في المجلس السوري الأمريكي، محمد علاء غانم، في منشور على منصة “إكس”، إن مجلس الشيوخ أجاز مشروع موازنة وزارة الدفاع الأمريكية والتي تتضمن مادة لإلغاء قانون قيصر إلغاءً غير مشروط. وأوضح غانم أن التشريع يتجه الآن إلى مكتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتوقيعه بعد أيام، إيذاناً بانتهاء هذه الحقبة الصعبة وتخلص سوريا من جميع أشكال العقوبات.
إلى ذلك، أعرب النائب الأمريكي جو ويلسون، عن امتنانه لإقرار مجلس الشيوخ الإلغاء الكامل والتام لعقوبات قانون قيصر، وتوقع أن يوقع ترامب على القانون خلال الأيام القليلة المقبلة، قائلاً: "أخبرتكم أن ترامب سيصلح الأمر؛ اجعلوا سوريا عظيمة مرة أخرى".
سياسة سوريا
سياسة دولي
سياسة دولي
اقتصاد وأعمال