إلغاء قانون قيصر: فرصة تاريخية لسوريا نحو البناء والاستقرار


هذا الخبر بعنوان "ماذا بعد إلغاء قانون قيصر..؟" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ١٩ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
بعد الإلغاء الرسمي لقانون قيصر، تلوح في الأفق فرصة حقيقية للشعب السوري لبدء مرحلة جديدة تهدف إلى بناء سورية المستقبل، بعيداً عن الانقسامات والاتهامات المتبادلة التي أرهقت كاهل السوريين. لقد كان هذا القانون بمثابة سيف مسلط على رقبة الشعب السوري، يستنزفه ببطء وألم، ويشكل إلغاؤه نقطة تحول حاسمة.
إن الوصول إلى قرار الإلغاء كان ضرورة ملحة، فاستمرار القانون كان ليؤدي إلى كارثة محققة، ومجابهة الأمريكيين في ظل الظروف الراهنة كانت ستفضي إلى كارثة أكبر، ثمنها المزيد من دماء السوريين، وتفاقم الحصار والضغوط، وإمعان في إفقار وإذلال الشعب السوري الذي يعاني أصلاً من استنزاف وأزمات وفقر وقهر.
تجدر الإشارة إلى أن مبادرة إلغاء القانون، التي نسبت إلى ترامب، لم تنبع من كرم أخلاق أو حرص على الشعب السوري، بل فرضتها حاجة إقليمية ودولية ملحة تتطلب تحقيق الهدوء والاستقرار في المنطقة. وهذا الاستقرار يستحيل دون سورية. إن تلاقي مصالح القوى المتصارعة والمؤثرة على استقرار سورية، بعد أن دفع الشعب السوري ثمناً باهظاً لهذا الصراع، يعد من حسن حظه.
أما تبجح ترامب حول الجولان، فلا يعدو كونه كلاماً فارغاً وسخيفاً. فالجولان، بغض النظر عن تفاصيل الاتهامات حول من باع ومن اشترى ومن تنازل، هو أرض سورية بامتياز. لا يملك أي طرف في العالم، داخلياً كان أم خارجياً، حق التنازل عنه، فهو حق مصان للشعب السوري بموجب القوانين الأممية والشرعية الدولية. لقد خسرنا الجولان في لحظة اختلال توازن القوى الذي أدى إلى هزيمة حزيران عام 1967، ولم نتمكن من استعادته خلال 57 عاماً بسبب استمرار هذا الخلل. وعندما تتغير موازين القوى، سيتم استعادته رغماً عن أنف ترامب وتوقيعه وتبجحه، رغم وجود القرارات الأممية والدولية المتكررة سنوياً التي تؤكد هذا الحق.
يؤكد ما يجري أن عوامل قوة سورية ترتكز على ثلاثة أركان أساسية: الشعب، والجيش، والموقع الجيوسياسي. وفي ظل افتقاد جيش قادر على خوض معارك للدفاع عن الحقوق السورية مع الخارج، تبرز قوة الشعب والموقع. يجب ألا نستهين بما نملك، فالموقع الجيوسياسي لسورية يمثل حاجة ماسة لكل القوى الإقليمية والدولية التي تسعى لإيجاد موطئ قدم ومصالح في منطقتنا، التي تُعد الأهم عالمياً ومؤشراً على صعود وانهيار الإمبراطوريات والدول العظمى عبر التاريخ. وهذا لا يمكن أن يكتمل بدون مفتاحها، سورية، وهو ما كان أحد الأسباب الرئيسية لإلغاء القانون. أما الشعب السوري، فهو شعب ذكي وخلاق ومبدع وصانع حضارة، وفي مقدمة شعوب العالم، وهو قادر على بناء سورية بسرعة فائقة إذا ما أتيحت له الفرصة.
يشكل هذا الواقع رسالة مهمة للقيادة السورية بضرورة استثمار عوامل القوة الكبيرة التي تمتلكها سورية، وفي مقدمتها الشعب السوري. ففي هذه الفرصة، نحن بحاجة ماسة لكل مهندس وطبيب وحقوقي وأكاديمي وإداري وفني، ولكل يد عاملة وخبرة سورية. إن نهضة سورية وإعادة بنائها لا يمكن أن تتم دون مشاركة جميع السوريين. وهذا يتطلب اتخاذ كل ما يلزم لاستثمار هذه الثروة البشرية الجبارة، التي تشكل اليوم طاقة كامنة وكبيرة تحتاج لمن يطلقها. ولا يمكن تحقيق ذلك دون دستور يُصاغ على أسس وطنية تتناسب مع خصوصية الشعب السوري، وسيادة القانون، ومصالحة وطنية شاملة. نأمل ألا تضيع هذه الفرصة السانحة.
أحمد رفعت يوسف (أخبار سوريا الوطن1-الكاتب)
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة