عبد الرحمن الباشا: الأديب والمؤرخ الذي خلد ثورة الشيخ صالح العلي ضد الاستعمار الفرنسي


هذا الخبر بعنوان "الأديب عبد الرحمن رأفت الباشا وثورة المجاهد الشيخ صالح العلي" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٠ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
ولد الأستاذ الأديب عبد الرحمن الباشا في أريحا عام 1920، حيث تلقى تعليمه الابتدائي في إدلب وحصل على المرتبة الأولى. أكمل دراسته الثانوية في كلية الشريعة بحلب عام 1941.
تلقى الباشا بعثة إلى الأزهر الشريف عام 1943، حيث واصل دراسته في كلية أصول الدين. بالتزامن مع ذلك، التحق بكلية آداب فؤاد الأول، وحصل على الشهادة العالية لأصول الدين عام 1945، ثم على إجازة في التدريس عام 1947. في عام 1948، نال شهادة الليسانس في اللغة العربية من جامعة فؤاد الأول، وتُوجت جهوده بجائزة فؤاد الأول لحصوله على المرتبة الأولى.
بعد عودته إلى سورية، عمل عبد الرحمن الباشا مدرساً ثم مفتشاً للغة العربية في حلب. في عام 1955، أصبح مفتشاً أول في دمشق، ثم مديراً للمكتبة الظاهرية عام 1962. خلال هذه الفترة، عمل محاضراً في جامعة دمشق حتى عام 1964، قبل أن يُوفد للتدريس في المعاهد العليا بالسُّعودية.
واصل الباشا مسيرته الأكاديمية، فحصل على درجة الماجستير من كلية آداب جامعة القاهرة عام 1965، والدكتوراه عام 1967. عمل أستاذاً في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية، وترأس قسم البلاغة والنقد. كما أشرف على العديد من الرسائل العلمية وشارك في مؤتمرات ولجان متعددة، وساهم في تأسيس رابطة الأدب الاسلامي، حيث انتُخب نائباً للرئيس ورئيساً لمكتب البلاد العربية للرابطة وعضواً في مجلس الأمناء.
توفي الأديب الباشا عام 1986، ورثاه الشاعر الدكتور عدنان علي رضي النَّحوي بقصيدة مؤثرة جاء فيها: "أينَ الهزارُ وأينَ اللَّحنُ والوترُ…… أينَ الشَّذى والنَّدي .. والأيكُ والشَّجرُ".
خلف الأديب الباشا عشرات المؤلفات، كان بعضها مقررات دراسية في المرحلتين الثانوية والجامعية. من أبرز هذه المؤلفات كتابه "الراية الثالثة" (226 صفحة)، الذي خصصه لثورة المجاهد الشيخ صالح العلي، قائد الثورة الساحلية ضد الاستعمار الفرنسي في الساحل السوري. اعتمدت وزارة التربية هذا الكتاب مقرراً دراسياً للصف الثاني الثانوي في ستينات القرن الماضي، وكان الكاتب (عبد اللطيف شعبان) من الطلاب الذين درسوه في العام الدراسي 1965/1966.
في مقدمة كتابه "الراية الثالثة"، يصف الأستاذ الأديب الباشا، ابن محافظة إدلب الخضراء، كيف احتل الفرنسيون السواحل السورية اللبنانية بعد الحرب العالمية الأولى، وكيف كشفوا عن نياتهم لفصل الساحل السوري عن دمشق. ويستطرد قائلاً: "حتى وقفَ الشَّيخ صالح العلي في ذُرا جبال اللاذقية الشُّم، وهتفَ بالنَّاس هُتافَ الحرِّية والمجدْ، فجاز صوتُه المؤمنُ الحواجزَ، واخترقَ نداؤه العميق الحدود، ونفرَ إليه الكُماة الأُباة من أبناءِ السَّاحل والدَّاخل، يعاهدونه على الجِهاد، ويواثقونه على الاستشهاد حتى يجلو أخر جندي فرنسي عن سواحل الوطن، وتُضَمُّ أشتاتُه إلى أشتاتِه".
ويوضح الباشا أن هذه الثورة دامت ثلاث سنوات وبعض السنة، سنتان منها قبل معركة ميسلون، مؤكداً أن ميسلون لم تكن أولى المعارك التي خاضها الشعب العربي السوري ضد الغزاة الفرنسيين، وأن شهداءها لم يكونوا أول الشهداء.
ويتابع الأديب الباشا حديثه عن منهجيته في الكتابة، مؤكداً حرصه الشديد على الأمانة التاريخية. فقد قرأ جميع ما كتبه العرب عن هذه الثورة، واطلع على جل ما دونه الفرنسيون عنها. كما أقام في أرض الثورة شهراً كاملاً، حيث قابل الناس الذين عايشوها أو أسهموا فيها، وتفقد المواقع التي شهدت الأحداث، والطرق والشعاب التي سلكها المهاجمون والمدافعون، ثم كتب مؤلفه محاولاً تحمل عبء هذه الرسالة التاريخية.
ويختتم الباشا مقدمته بالقول إن الأجيال القادمة بحاجة إلى قصص البطولات لملء حياتهم، وأن التاريخ القومي السوري والعربي غني بما يكفل ذلك. ويؤكد أن جمع ملاحم النضال في سورية وسائر أقطار العروبة وتقديمها للأجيال في إطار مشرق هو واجب وطني.
يُعد كتاب الأديب الباشا مرجعاً موثوقاً لثورة المجاهد الشيخ صالح العلي، وقد اعتُمد مقرراً دراسياً نظراً لدقته. ويذكر الكاتب (عضو اتحاد الصحفيين) في ختام مقاله آيات قرآنية تحث على العلم والتقوى، مترحماً على الشيخ صالح العلي وعبد الرحمن الباشا، ومستشهداً بقوله تعالى: "قلْ هلْ يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنَّما يتذكَّرُ أُولوا الألبابْ" (الزُّمُر/ 9).
مصادر معلومات المادة:
(اخبار سوريا الوطن-1)
ثقافة
ثقافة
ثقافة
ثقافة