اضطراب التعلم غير اللفظي: تحديات خفية وذكاء لغوي متفوق


هذا الخبر بعنوان "اضطراب التعلم غير اللفظي.. ذكاء لغوي مرتفع وصعوبات لا تُرى" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٠ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
يُعد اضطراب التعلم غير اللفظي، الذي يتناوله د. أكرم خولاني، أحد اضطرابات التعلم المعقدة التي تؤثر في الأفراد بطرق متباينة، ويشمل مجموعة واسعة من أوجه القصور، مما يجعله من الحالات الأقل فهمًا وتشخيصًا. غالبًا ما يؤدي هذا الغموض إلى سنوات من المعاناة للمصابين به، قبل أن يدرك المحيطون بهم أن ما يواجهونه ليس سلوكًا متعمدًا أو ضعفًا عامًا، بل هو حالة عصبية تتطلب الفهم والدعم.
اضطراب التعلم غير اللفظي (Nonverbal Learning Disorder – NVLD)، المعروف أيضًا باضطراب التعلم اللاشفهي، هو حالة عصبية تظهر في مرحلة الطفولة وقد تستمر حتى البلوغ. يؤثر هذا الاضطراب بشكل رئيسي في المهارات غير اللفظية، مثل القدرات البصرية-المكانية، والمهارات الاجتماعية، والتآزر الحركي، مما يسبب صعوبة في فهم المعلومات غير اللفظية كإشارات الجسد، وتعابير الوجه، ونبرة الصوت.
لا يزال مدى انتشار هذا الاضطراب غير معروف بدقة، ويرجع ذلك إلى صعوبة تشخيصه أو الخلط بينه وبين اضطرابات أخرى. يصيب الذكور والإناث على حد سواء، وغالبًا ما يتميز المصابون به بذكاء متوسط أو مرتفع، خاصة في الجانب اللفظي.
ينتج اضطراب التعلم غير اللفظي عن خلل في وظائف النصف الأيمن من الدماغ، وهو الجزء المسؤول عن معالجة المعلومات البصرية والمكانية وغير اللفظية. وتشير بعض الدراسات إلى احتمال وجود مكون وراثي للاضطراب، حيث يُلاحظ انتشاره داخل بعض العائلات.
من الصعب حصر أعراض هذا الاضطراب بدقة نظرًا لتعدد أشكال العجز التي يندرج تحتها، واختلاف حدتها من شخص لآخر، وعدم ظهور الأعراض نفسها لدى جميع المصابين. يمكن تقسيم أبرز هذه الأعراض بحسب الفئة العمرية:
لا يُدرج اضطراب التعلم غير اللفظي حاليًا ضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية الصادر عن الجمعية الأمريكية للطب النفسي، ولا ضمن التصنيف الدولي للأمراض الصادر عن منظمة الصحة العالمية. يعتمد التشخيص على ملاحظة الأهل والمعلمين للأعراض، ثم إحالة الطفل إلى اختصاصي نفسي عصبي، يجري تقييمًا شاملًا يشمل المهارات اللغوية، والبصرية-المكانية، والحركية، ومستوى الذكاء، ومقارنتها بالسمات المعروفة لهذا الاضطراب.
في كثير من الحالات، يُشخص الاضطراب خطأ على أنه صعوبة تعلم محددة، أو اضطراب في التنسيق النمائي، أو رهاب اجتماعي، أو اضطراب طيف التوحد، أو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، مما يؤخر حصول الطفل على الدعم المناسب.
لا يوجد علاج دوائي محدد لاضطراب التعلم غير اللفظي، إلا أن التدخل المبكر والدعم المناسب يسهمان بشكل كبير في تحسين الأعراض والحد من آثارها. ترتكز الخطة العلاجية عادة على تطوير المهارات الاجتماعية، وتقديم استراتيجيات تعليمية وتنظيمية مخصصة، إلى جانب العلاج النفسي أو جلسات الدعم لتعويض المهارات المتأثرة.
يُعد دعم الصحة النفسية للطفل أمرًا أساسيًا، إذ يدرك الأطفال المصابون أنهم يواجهون صعوبات تختلف عن أقرانهم، مما يؤثر في ثقتهم بأنفسهم وتقديرهم لذواتهم. لذلك، يكونون أكثر عرضة للقلق العام والقلق الاجتماعي، ويشكل العلاج النفسي عنصرًا مهمًا في مساعدتهم على التكيف.
بعد التقييم الأولي، يمكن للمدارس إعداد خطط تعليمية تراعي احتياجات الطفل، تشمل تسهيلات أكاديمية واجتماعية، ووقتًا إضافيًا للتدريب على التعرف إلى الأنماط وتنظيم الأفكار، إضافة إلى الإرشاد لمساعدته على فهم التوقعات الاجتماعية والتفاعل معها بشكل أفضل.
في الختام، يبقى فهم اضطراب التعلم غير اللفظي خطوة أساسية نحو الحد من معاناة المصابين به، وتمكينهم من استثمار قدراتهم الكامنة، لا سيما في ظل ما يمتلكه كثير منهم من ذكاء لغوي وإمكانات فكرية عالية.
صحة
صحة
صحة
صحة