زيت الخروع: رحلة من الطب القديم إلى عالم التجميل الحديث بين الحقيقة والمبالغة


هذا الخبر بعنوان "زيت الخروع من دهن علاجي للأوجاع إلى خلطات التجميل الطبيعية" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٠ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تُشير باسمة اسماعيل إلى أن زيت الخروع قد حظي بمكانة مرموقة في الطب البديل منذ آلاف السنين، حيث استخدمته حضارات عريقة مثل المصريين واليونانيين والرومان، بالإضافة إلى الطب الصيني والهندي. يشهد هذا الزيت اليوم عودة قوية إلى الواجهة، ليس فقط ضمن الوصفات الشعبية المتوارثة، بل أيضاً في صميم النقاشات العلمية والطبية المعاصرة، مدعوماً بأبحاث ودراسات حديثة وآراء خبراء. هذا التطور يطرح تساؤلاً جوهرياً: ما هي الفوائد الحقيقية التي يؤكدها العلم لزيت الخروع، وأين يقع الحد الفاصل بين الحقائق المثبتة والادعاءات المبالغ فيها؟
في اللاذقية، لم يكن زيت الخروع مجرد زيت عادي في ذاكرة الطب الشعبي، بل كان على مدار سنوات طويلة جزءاً لا يتجزأ من "خزان الوصفات" المحلية. اعتمد عليه الأهالي لعلاج آلام المفاصل، وتغذية الشعر، وتخفيف بعض المشكلات الجلدية البسيطة. ومع تغير أنماط الاستخدام، عاد الزيت ليبرز من جديد، ولكن هذه المرة في سياق مختلف، حيث أصبح مكوناً أساسياً في خلطات تجميلية حديثة، غالباً ما يمزج مع زيوت طبيعية أخرى.
استخدامات قديمة: علاج ودهان موضعي
في السابق، كان المعالجون بالطب الشعبي في اللاذقية يستخدمون زيت الخروع كدهان موضعي للركبة أو المفاصل. وقد أكد العطار عبد الله أبو حسن، الذي يعمل في سوق العطارين باللاذقية لأكثر من ثلاثين عاماً، لـ "الحرية" أن "الطلب كان على زيت الخروع لعلاج آلام الركبة والظهر والمفاصل، أو لدهن فروة الرأس لمن أصيب بالثعلبة". وأضاف أن كبار السن كانوا يمزجونه بزيت الزيتون ويدلكون به مناطق الألم، مع الحرص على تدفئة الزيت لتعزيز امتصاصه وتخفيف الألم وتحسين الدورة الدموية الموضعية، وهي ممارسات توارثتها الأجيال قبل انتشار الأدوية الحديثة.
تحول في الاستخدام: من العلاج إلى التجميل
وأوضح أبو حسن أن زيت الخروع لم يعد مقتصراً على الاستخدام كملين طبي بوصفة من الأطباء، أو كعلاج شعبي، بل تجاوز ذلك ليصبح مكوناً أساسياً في الوصفات التجميلية للوجه، وتقوية الشعر، وعلاج تقصفه. لم يعد الزبائن يشترونه منفرداً، بل يطلبون زيوتًا أخرى لخلطه معها، مثل زيت إكليل الجبل لتحفيز الكولاجين في الوجه، وزيت جوز الهند للترطيب، وزيت اللوز الحلو أو زيت الزيتون لتخفيف كثافته. وأشار إلى أن الجيل الجديد يستخدم زيت الخروع للوجه، والرموش، ولتفتيح البشرة. ويعكس هذا التحول تأثيراً كبيراً لوسائل التواصل الاجتماعي وانتشار وصفات العناية بالبشرة والشعر، التي تروج لزيت الخروع كمكون تجميلي متعدد الأغراض.
ماذا تقول الدراسات الحديثة عن زيت الخروع؟
علمياً، يُستخرج زيت الخروع من بذور نبات Ricinus communis، ويتميز بتركيبته الغنية بـ حمض الريسينوليك، الذي يمنحه خصائص مضادة للالتهاب ومرطبة، وهو ما يفسر استخداماته التقليدية والشائعة. من الفوائد المدعومة علمياً لزيت الخروع:
ووفقاً للمراجعات العلمية، فإن الادعاءات التجميلية الواسعة، مثل تحفيز الكولاجين أو تعزيز نمو الشعر الكثيف، لم تُثبت سريرياً بشكل قاطع بعد.
تحذيرات وتوازن بين الاستخدام الشعبي والحديث
على الرغم من الفوائد المحتملة، يحذر الأطباء من الاستخدام غير الواعي لزيت الخروع، خاصة عند تناوله داخلياً دون توجيه طبي، نظراً للمخاطر المحتملة مثل التقلصات المعوية، والإسهال، أو اضطرابات توازن الأملاح. كما يُنصح بتوخي الحذر الشديد عند استخدامه خلال فترة الحمل.
خلاصة محلية وعلمية
بين الاستخدامات القديمة كعلاج موضعي للأوجاع، والاستخدامات الحديثة كمكون تجميلي، يظل زيت الخروع نموذجاً لتطور الطب الشعبي وتأثره بالتوجهات الصحية المعاصرة. ففي حين أن فوائده موجودة، إلا أن المبالغة في تضخيمها قد تحوله من علاج تقليدي نافع إلى استخدام غير مدروس. لذلك، يبقى الوعي والاعتدال واستشارة المختصين هي العوامل الحاسمة للاستفادة القصوى من هذا الزيت، الذي انتقل من ذاكرة الأجداد إلى رفوف مستحضرات التجميل الحديثة.
صحة
صحة
صحة
صحة