تحولات السيادة السورية في مرحلة ما بعد قانون قيصر: الجولان وخريطة النفوذ الجديدة


هذا الخبر بعنوان "السيادة السورية ما بعد قيصر" نشر أولاً على موقع hashtagsyria.com وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٢ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
يشير الكاتب مازن بلال إلى أن زمن العقوبات بشكلها المألوف قد ولى، وأن قانون قيصر بات جزءًا من تاريخ سوريا الحديث. هذا التاريخ لا يقتصر على الحصار الاقتصادي فحسب، بل يمتد ليشمل مرحلة تحول قاسية عاشها المجتمع السوري، وظهور صورة جديدة للسيادة المشروطة. بدأت ملامح هذه السيادة بالتبلور مع نشر وزارة الخارجية السورية لخريطة لسوريا لا تتضمن الجولان.
جاء ظهور هذه الخريطة عقب تسريبات حول محاولات "إسرائيلية" لوقف رفع العقوبات، وتزامنت مع معلومات تفيد بأن الولايات المتحدة ستقدم تعويضات لـ"تل أبيب" بدلاً من الاستجابة لطلبها بالإبقاء على "قيصر" كأداة ضغط. يعكس السيناريو السياسي الأمريكي سوريا بشكلها الجديد، خاصة بعد اعتراف إدارة الرئيس ترامب قبل سنوات بالسيادة "الإسرائيلية" على الجولان السوري المحتل.
بالتأكيد، تُعد استعادة الجولان أمرًا معقدًا وقد فشلت محاولات سابقة في نهاية عقد التسعينات من القرن الماضي. ومع ذلك، فإن رمزيته السيادية قد رسمت هوية سوريا، خصوصًا مع رفض أهالي الجولان حمل "الجنسية الإسرائيلية". لم يكن الجولان مجرد جغرافيا مفقودة في الآليات السياسية الإقليمية، بل كان حالة محورية في مسألة الأمن والاستقرار طوال العقود الماضية. ورغم أن إزالته من الخارطة لن يغير من الوضع الميداني الحالي أو من الخروق "الإسرائيلية" اليومية، إلا أنها تعني أن السيادة السورية اليوم تُعاد رسمها على إيقاع العلاقة المستجدة بين السلطة في دمشق وواشنطن.
على المستوى الاستراتيجي، لا ترتبط المطالبة السورية بالجولان بالقرارات الدولية التي لا تعترف بضم "إسرائيل" للهضبة فحسب، بل تترافق بثلاثة أمور أساسية. أولاً، بقاء اتفاقية عام 1974 لفض الاشتباك مفتوحة على المستوى السياسي، حيث أن توقف المعارك لا يعني انتهاء الوضع القانوني والحقوقي للجولان السوري المحتل. ثانيًا، الحالة العسكرية الميدانية التي ترى في الجولان مساحة تهدد العاصمة دمشق، وهو ما يظهر اليوم عبر المطالبة "الإسرائيلية" بمنطقة منزوعة السلاح على طول المسافة الفاصلة من الجولان إلى العاصمة السورية. ثالثًا، طبيعة الصراع السياسي بين دمشق و"تل أبيب"، حيث كان الجولان النقطة الفاصلة في جميع مبادرات السلام، وفشلت المفاوضات نتيجة عدم الاتفاق على أمتار من الهضبة وعلى حدود السيطرة في منطقة بحيرة طبريا.
عمليًا، انتهى زمن التفاوض على مبدأ "الأرض مقابل السلام" ودخلنا مجالاً آخر يتعلق بـ"الشرعية" المترافقة مع "الترتيبات الأمنية". لقد تبدلت آلية السلام، خصوصًا تلك التي طُرحت في مدريد بداية التسعينات، بشكل كلي بعد أن أصبحت السيادة مذهبًا سياسيًا محاصرًا من قبل واشنطن و"تل أبيب".
إن زمن ما بعد قيصر "متدحرج" لأنه يحاصر السيادة ليس فقط في مسألة "الجولان"، بل في المراجعات الدائمة للكونغرس الأمريكي لسياسات دمشق. فالشكل الاقتصادي والسياسي لسوريا يتم رسمه وفق ما "يتبع قيصر". وإذا كانت "مسألة الخريطة" التي تم نشرها تُظهر نافذة على "سوريا الجديدة"، فإن الرقابة الأمريكية ستقدم تحولًا جديدًا كل ستة أشهر مع مراجعة الكونغرس للوضع السوري.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة