نواب جمهوريون يطالبون برقابة على سوريا بعد إلغاء "قانون قيصر": هل هي أداة سياسية أم تمهيد لقيود جديدة؟


هذا الخبر بعنوان "ما حقيقة دعوات الرقابة الأميركية بعد رفع عقوبات قيصر؟" نشر أولاً على موقع Syria 24 وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٣ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في تطور لافت أعقب إقرار إلغاء عقوبات "قانون قيصر" ضمن قانون موازنة الدفاع الأميركي، تقدم أكثر من 130 نائبًا جمهوريًا في مجلس النواب الأميركي بمطالبات لفرض رقابة مشددة وضمانات واضحة على الحكومة السورية في مرحلة ما بعد رفع العقوبات. أثارت هذه المطالبات تساؤلات واسعة حول أهميتها وتأثيرها الفعلي، وما إذا كانت تمهيدًا لإعادة القيود أم أنها جزء من آليات العمل السياسي المعتادة في واشنطن.
يأتي هذا التحرك في سياق سياسي حساس، حيث يمثل إلغاء "قانون قيصر" تحولًا نوعيًا في السياسة الأميركية تجاه سوريا بعد سنوات من العزلة والعقوبات الشاملة. ورغم الترويج لبعض المواقف على أنها رسائل تحذير أو إنذار، إلا أن ما حدث يعكس نقاشًا داخليًا أميركيًا حول إدارة المرحلة الجديدة، أكثر مما يشير إلى نية للتراجع عن القرار المتخذ.
في هذا الصدد، أوضح المستشار الدبلوماسي والاقتصادي الأميركي طارق نعيمو، عبر حسابه في فيسبوك، أن الرسالة التي وقعها النواب الجمهوريون لم تكن موجهة ضد سوريا، ولا تحمل أي نية لإعادة فرض العقوبات أو التراجع عن قرار رفعها. وأشار إلى أنها كانت أداة سياسية تهدف إلى حماية القرار في لحظاته الأخيرة داخل الكونغرس. وأضاف أن الصيغة النهائية للرسالة جاءت نتيجة مفاوضات مباشرة قادها النائب مارلين ستتزمن، وساهمت في طمأنة نواب مترددين كانوا يطالبون بتعطيل القرار أو ربطه بشروط قاسية. وبيّن نعيمو أن الورقة لم تُطرح لإعاقة رفع العقوبات، بل لحماية القرار نفسه ومنع تفجيره من الداخل، مؤكدًا أنه لم يصوّت أي نائب ضد إلغاء العقوبات، مما يدحض توصيف الرسالة بأنها تراجع أو إنذار. واعتبر أن ما تحقق يمثل صمّام أمان سياسي أبقى سوريا على طاولة السياسة الدولية، ومنع إعادتها إلى مربع العزلة.
من جانبه، أكد زيد علوش، مسؤول المناصرة في المجلس السوري الأميركي، في حديث لمنصة سوريا 24، أن توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على موازنة وزارة الدفاع جعل إلغاء "قانون قيصر" واقعًا نافذًا قانونًا. وشدد على أن أي بيانات أو مطالبات تُطرح حاليًا في الكونغرس لا تتعلق بمبدأ الإلغاء ذاته، بل بكيفية إدارة مرحلة ما بعد قيصر. وأضاف أن البيان الداعي إلى الرقابة لا يغير حقيقة الإلغاء، ولا يعيد تفعيل القانون، ولا ينشئ مسارًا قانونيًا جديدًا لإعادة العقوبات.
وأوضح علوش أن الانطباع بوجود شروط آلية لإعادة العقوبات غير دقيق وغير قانوني، مشيرًا إلى أن النص الموقَّع لا يتضمن أي آلية تلقائية أو إلزامية، بل يكتفي بطلب تقارير دورية من الإدارة إلى الكونغرس، مع الإبقاء على صلاحيات تقديرية موجودة أصلًا لدى السلطة التنفيذية. واعتبر هذا فرقًا جوهريًا بين رقابة سياسية معتادة وإلزام قانوني آلي. وحول خلفيات البيان، رأى علوش أنه قد يكون رد فعل من نواب عارضوا الإلغاء وفشلوا في منعه، أو محاولة لإعادة تموضع سياسي أمام قواعدهم الانتخابية وجماعات الضغط، لافتًا إلى أن استخدام ملفي الأقليات وحقوق الإنسان كأدوات ضغط أمر مألوف، لكنه لن يؤثر قانونًا على القرار الموقّع. وخلص إلى أن "قانون قيصر" انتهى قانونيًا ونهائيًا، وأن التحدي اليوم هو الحفاظ على هذا الإنجاز عبر إدارة دبلوماسية منظمة ويقظة دائمة في واشنطن.
بدوره، صرح الدكتور زكي لبابيدي، رئيس مكتب سوريا في المجلس السوري الأميركي، لمنصة سوريا 24، بأنه رغم الضغوط الشديدة من اللوبي الإسرائيلي ووزير خارجية إسرائيل، وزيارة نتنياهو الشخصية إلى واشنطن، تم إلغاء "قانون قيصر" دون شروط، بفضل جهود الجالية السورية، وخاصة المجلس السوري الأميركي والأستاذ محمد غانم، والدبلوماسية السورية، ودعم دول مثل السعودية وقطر وتركيا. أما الرسالة الموقَّعة من 130 نائبًا جمهوريًا، فهي لا تحمل أي التزام قانوني أو تشريعي، ولا تأثير عملي، بل هي مجرد تعبير عن امتعاض من قرار الإلغاء، وجائزة ترضية لللوبي الإسرائيلي بعد خسارته الكبيرة.
لكن التحذير يبقى مهمًا: إسرائيل واللوبي الصهيوني لن يتوقفا عن محاولات زعزعة الاستقرار في سوريا، ربما عبر دعم مشاريع انفصالية أو زرع الفتنة، على غرار ما حصل في السودان. لذا، يدعو المجلس السوري الأميركي الجالية ومؤسسات العمل الوطني إلى اليقظة والتحرك المبكر لمواجهة هذه المحاولات. وفي خضم هذه التطورات، وبينما تتواصل النقاشات داخل أروقة الكونغرس، يبدو أن إلغاء "قانون قيصر" قد دخل حيّز الاستقرار القانوني، وأن الجدل الدائر يتركز على آليات المتابعة والرقابة، لا على مبدأ العودة إلى العقوبات. ومع انتقال المعركة إلى مستوى إدارة المرحلة الجديدة، تظل اليقظة الدبلوماسية عاملًا حاسمًا لصون التحول القائم وتثبيته في مسار سياسي طويل الأمد.
سياسة
سياسة
سياسة
اقتصاد