التضخم في سوريا: ارتفاع التكاليف لا الطلب هو المحرك الرئيسي للأسعار


هذا الخبر بعنوان "التضخم بدفع التكاليف" نشر أولاً على موقع worldnews-sy وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تشهد الأسواق السورية ظاهرة اقتصادية مثيرة للتساؤل، حيث تستمر أسعار السلع والخدمات في الارتفاع المستمر، على الرغم من محدودية الأموال المتوفرة بيد الأفراد، والانخفاض البطيء في سعر الصرف، وعدم ضخامة الكتلة النقدية المتداولة سواء داخل الجهاز المصرفي أو خارجه، وحتى مع بقاء الطلب على السلع والخدمات في حدوده الدنيا.
يكشف التحليل الاقتصادي أن السبب الرئيسي وراء موجات التضخم وارتفاع الأسعار في سوريا حالياً يعود بالدرجة الأساسية إلى ارتفاع التكاليف، وليس نتيجة لزيادة الطلب الكلي عن العرض الكلي كما كان الحال في مراحل سابقة. وتتعدد الأسباب الكامنة وراء هذا الارتفاع في التكاليف، وتشمل:
تتم آلية عمل التضخم المدفوع بالتكاليف عادةً على النحو التالي: ترتفع تكاليف الإنتاج المختلفة، مما يؤدي إلى انخفاض العرض السلعي والخدمي. هذا بدوره يفضي لاحقاً إلى انخفاض الإنتاج والإنتاجية. ونتيجة لانخفاض مبيعاتها، تحاول الشركات تحميل المستهلكين فرق ارتفاع التكاليف عبر رفع أسعار السلع والخدمات قدر الإمكان. ينتج عن ذلك ارتفاع عام في الأسعار، وبالتالي تآكل القوة الشرائية للعملة. هذا السيناريو هو ما يحدث حالياً في سوريا، ويشعر به كل فرد مع تراجع قدرة دخله على تلبية احتياجاته المعيشية.
تخلق هذه الحالة مجموعة من الآثار السلبية على مجمل الاقتصاد المحلي، منها انكماش النمو الاقتصادي والدخول في نفق الركود التضخمي، وانخفاض القوة الشرائية للمستهلكين، وارتفاع معدلات البطالة، وتأخر الاستثمارات نتيجة حالة عدم اليقين، وأخيراً الضغط المستمر على هوامش ربح الشركات.
يستطيع الاقتصاد السوري تجاوز هذه المرحلة الصعبة، التي تبقى مؤقتة، من خلال مجموعة من الإجراءات. تتضمن هذه الإجراءات تحسين الكفاءة الإنتاجية، أي زيادة السلع والخدمات من مدخلات محدودة، وذلك عبر الاستثمار في التكنولوجيا والابتكار، ورفع كفاءة العنصر البشري، وتسهيل إجراءات الأعمال والاستثمار وخفض تكاليفها.
من ناحية تخفيض الأعباء، يمكن الإشارة إلى ضرورة إحداث إصلاحات تنظيمية لتقليل البيروقراطية وتحسين سلاسل التوريد واللوجستيات. كما يتطلب الأمر تقديم حوافز ضريبية للاستثمار الإنتاجي، ودعم جهود البحث والتطوير لابتكار عمليات إنتاج وتشغيل أقل تكلفة. بالإضافة إلى ذلك، يجب تخفيض أسعار حوامل الطاقة بجميع مكوناتها، وتخفيض الرسوم الجمركية على المواد الخام والوسيطة، فضلاً عن تحفيز المنافسة في الأسواق وتشجيع دخول الشركات الجديدة.
ختاماً، يمكن القول إن معالجة التضخم المدفوع بالتكاليف، الذي يشعر بآثاره الجميع، تتطلب سياسات عديدة مالية ونقدية وتجارية وحتى اجتماعية. ويعتمد النجاح في ذلك على التوقيت الصحيح والتوازن الدقيق بين هذه السياسات المختلفة.
سوريا محلي
اقتصاد
سياسة
اقتصاد