أزمة المعيشة في سوريا: 7 ملايين ليرة لتأمين الضروريات والدخل لا يغطي 10% من الاحتياجات


هذا الخبر بعنوان "سبعة ملايين ليرة للمعيشة شهرياً.. الدخل لا يغطي 10 بالمئة من الاحتياجات" نشر أولاً على موقع syriahomenews وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تعبر هدى، وهي من سكان مدينة دمشق، عن ظروفها المعيشية القاسية بكلمات مؤثرة، قائلة: “يتبخر الراتب بعد أيام من استلامه”. يأتي ذلك في ظل الارتفاع المتواصل للأسعار ومحدودية دخلها الشهري الذي لا يتجاوز 1.2 مليون ليرة، حتى بعد الزيادة الأخيرة التي أقرتها الحكومة بنسبة 200 بالمئة، والتي رفعت الحد الأدنى للراتب إلى 750 ألف ليرة بدلاً من 279 ألف ليرة. وتؤكد هدى لصحيفة “الثورة السورية” أن راتبها لا يكفي لتغطية الاحتياجات الحياتية الأساسية، مما يضطرها إلى الاقتصار على شراء الضروريات الملحة جداً، وتقليل وجبات الطعام من ثلاث إلى وجبتين يومياً، بالإضافة إلى ترشيد استهلاك الكهرباء ومواد التدفئة وخدمات الاتصالات والإنترنت.
من جانبه، يؤكد إبراهيم العكل، في حديثه لصحيفة “الثورة السورية”، أن عائلته المكونة من ستة أفراد تحتاج شهرياً ما بين خمسة ملايين إلى سبعة ملايين ليرة فقط لتأمين احتياجات الغذاء، في حين أن ما يتقاضاه شهرياً لا يغطي سوى 10 بالمئة من هذا المبلغ.
تُصنف سوريا ضمن الدول ذات الدخل السنوي المنخفض للفرد، حيث يقل عن 1,145 دولاراً سنوياً وفقاً لتصنيف البنك الدولي. ويعزو خبراء اقتصاديون هذا الوضع إلى عدة عوامل رئيسة، منها التراجع القياسي في قيمة العملة المحلية، وتباطؤ عجلة الإنتاج المحلي، فضلاً عن العقوبات الاقتصادية الدولية التي كانت مفروضة على نظام الأسد المخلوع. ووفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي، بلغ الناتج القومي الإجمالي للفرد في سوريا نحو 830 دولاراً (ما يعادل حوالي 9.5 ملايين ليرة) في عام 2024.
يربط أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزه، دخل الفرد الشهري بطبيعة الاحتياجات الحياتية الضرورية كالغذاء والطبابة واللباس والإيجارات والفواتير. وأوضح حبزه لصحيفة “الثورة السورية” أن المعيار الأهم هو تأمين الغذاء، مشيراً إلى أن العائلة المكونة من خمسة أشخاص (الوالدان وثلاثة أولاد) تحتاج يومياً ما بين 300 ألف إلى 500 ألف ليرة كنفقات ثابتة لثلاث وجبات رئيسة متوسطة المواصفات والعناصر. وأضاف أن المواطن يواجه صعوبة بالغة في تأمين الاحتياجات الضرورية، مما يدفعه إلى الترشيد قدر الإمكان بسبب تدني الدخل وعدم ملاءمته للغلاء المعيشي الذي يفوق قدرة 90 بالمئة من غالبية السوريين. وبيّن أن “العائلة المثالية” تحتاج شهرياً ما يقارب سبعة ملايين ليرة سورية لتأمين أبسط مقومات الحياة الضرورية للاستمرارية، وذلك بخلاف نفقات الطبابة وفواتير الكهرباء والإنترنت وإيجار المنزل والمواصلات وغيرها. وأشار إلى أن أكثر من 80 بالمئة من السوريين يعانون من العوز الغذائي لعدم قدرتهم على تأمين الوجبات الغذائية الغنية بالعناصر المهمة كاللحوم والبروتين.
تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 16.7 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، بينما يعاني نحو 12.9 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي. كما انكمش الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من نصف قيمته في عام 2010. ووفقاً لتقرير البنك الدولي، أدى استمرار الحرب في سوريا لأكثر من عقد إلى تدهور كبير في رفاه الأسر السورية، حيث يعيش نحو ربع السكان في فقر مدقع، ويستهلك حوالي 5.7 ملايين شخص أقل من خط الفقر الدولي البالغ 2.15 دولار يومياً. ويعيش نحو ثلثي السكان (67 بالمئة) تحت خط الفقر للشريحة الدنيا من الدخل المتوسط.
يرى الخبير الاقتصادي أدهم قضيماتي أن دخل الفرد السنوي قليل جداً، ويكاد يكون معدوماً عند مقارنته بأسعار جميع المواد الغذائية والاستهلاكية. وصرح قضيماتي لصحيفة “الثورة السورية” بأن قياس الدخل بعد التحرير، خاصة الزيادة بنسبة 200 بالمئة على الحد الأدنى للأجور والوعود المتكررة بزيادات أخرى، يجب أن يستند إلى معايير سنوية أو نصف سنوية، نظراً للتغيرات التي تطرأ على الاقتصاد الوطني وحالة الانفتاح التي تشهدها البلاد، مروراً بإمكانية تغيير العملة الحالية بعملة جديدة. واعتبر أن الزيادة الأخيرة للرواتب “كانت كبيرة” مقارنة بالزيادات في عهد النظام المخلوع، لكن استمرار العوامل السلبية مثل التضخم وتراجع الإنتاج المحلي وتهالك البنى التحتية جعل المواطن لا يشعر بأي فرق. وتوقع قضيماتي أن السنوات المقبلة قد تشهد انفراجة لجهة تعديل وزيادة الحد الأدنى للأجور، لكن ذلك مرتبط بشكل وثيق بعوامل منها تدفق الاستثمارات ورؤوس الأموال، وإعادة تأهيل البنى التحتية، والانتقال إلى الاقتصاد الحر، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، والاستقرار الأمني. وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن المصرف المركزي، بلغ معدل التضخم بين شباط 2024 وكانون الثاني 2025 نحو 46.7 بالمئة، مقارنة بـ 119.7 بالمئة في الفترة نفسها من العام السابق. وتوقع البنك الدولي أن تبلغ نسبة الانكماش السعري في سوريا -12.7 بالمئة في 2025، بعد أن تباطأ التضخم من 127.8 بالمئة في 2023 إلى 58.1 بالمئة في 2024.
في ظل الوضع الحالي من زيادة الأسعار وتدني الدخل، لا يمكن إغفال دور التحويلات المالية من المقيمين في الخارج، التي أصبحت “شريان حياة” للعديد من الأسر السورية. وقد بلغت القيمة الإجمالية للتحويلات نحو ثمانية مليارات دولار في عام 2023 وفقاً لمصرف سوريا المركزي. وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن حوالي 37 بالمئة من الأسر السورية تلقت تحويلات مالية في عام 2022 بمتوسط 57 دولاراً شهرياً، مما يمثل أكثر من ثلث إجمالي دخل تلك الأسر، مقارنة بالمساعدات الأخرى التي تصل إليها.
اقتصاد
اقتصاد
سياسة
سوريا محلي