سوريا: تزايد الإصابات التنفسية يثير جدلاً بين "إنفلونزا موسمية" و"متحور كورونا" جديد


هذا الخبر بعنوان "الإصابات التنفسية في سوريا تثير الجدل.. إنفلونزا أم “كورونا”؟" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٤ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
تشهد سوريا خلال الأسابيع الأخيرة تزايداً ملحوظاً في حالات الإصابة بالأمراض التنفسية الحادة، مصحوباً برصد أعراض شديدة تؤثر على الجهاز التنفسي. هذا الوضع أثار تساؤلات واسعة حول طبيعة هذه الإصابات، خاصة في ظل تضارب الآراء الرسمية والطبية حول ما إذا كانت هذه الحالات ناتجة عن إنفلونزا موسمية عادية، أم أنها مرتبطة بمتحور جديد من فيروس "كورونا".
ففي حين أعلنت وزارة الصحة سابقاً أن الحالات المسجلة تندرج ضمن إطار الإنفلونزا الموسمية، يميل عدد من الأطباء إلى تشخيص بعض الأعراض على أنها قد تكون مرتبطة بمتحور جديد من فيروس "كورونا".
الدكتور نبوغ العوا، الأستاذ في كلية الطب بجامعة "دمشق"، صرح لـ"عنب بلدي" بأن غالبية الحالات التنفسية الحادة التي تصيب المواطنين حالياً هي نتيجة للإصابة بالمتحور الجديد لـ"كورونا"، وليست إنفلونزا موسمية.
وحذر الدكتور العوا من الاستهانة بالمتحور الجديد لـ"كورونا"، مؤكداً أن الفيروس لم يعد طارئاً بل أصبح مستوطناً. ومع ذلك، لا يزال قادراً على التسبب بمضاعفات خطيرة قد تصل إلى الوفاة في بعض الحالات، مشيراً إلى أن المتحور الجديد أدى إلى وفاة ثلاث حالات كان يشرف على علاجها.
وأوضح العوا أن فيروس "كورونا"، وفقاً لما أعلنته منظمة الصحة العالمية، لم يعد من الممكن القضاء عليه بشكل نهائي رغم توفر الأدوية واللقاحات. لقد أصبح انتشاره يشبه فيروسات الإنفلونزا والرشح، لكنه يتميز عنها بشدة الأعراض وإمكانية تطورها السريعة، خاصة عند وصول الإصابة إلى الرئتين.
وأشار إلى أن المتحور الجديد قد يبدأ بأعراض خفيفة تشبه الزكام، مثل الرشح أو التهاب الحلق الشديد، مع أو بدون ارتفاع في الحرارة، بالإضافة إلى السعال وبحة الصوت، وفي بعض الحالات فقدان أو نقص حاسة الشم. هذه الأعراض شبيهة بمتحورات "كورونا" السابقة، لكن الخطورة تكمن في تطور الحالة عند إهمال العلاج، حيث يمكن أن تنتقل الإصابة بسرعة إلى الرئتين مسببة التهاباً رئوياً ونقصاً حاداً في الأكسجين.
وشدد العوا على أن الخطأ الأكبر هو الاستهانة من قبل المرضى أو الأطباء، معتبراً أن التعامل مع الأعراض على أنها نزلة برد عادية، والاكتفاء بالمسكنات أو الأعشاب، قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. ودعا إلى اعتبار أي أعراض رشح محتملة على أنها "كورونا" إلى أن يثبت العكس، خاصة إذا لم تتحسن خلال أربعة إلى خمسة أيام.
وبين أن العلاج لا يستهدف الفيروس بحد ذاته، بل المضاعفات التي يسببها. فالضعف المناعي الناتج عن الإصابة الفيروسية يؤدي إلى تنشيط الجراثيم المتعايشة في الجسم، مما يزيد من شدة الأعراض، وهو ما يستدعي التدخل الدوائي المبكر لمنع تدهور الحالة. وأكد أن المضاد الحيوي "أزيترومايسين" فقد فعاليته في هذه الجائحة.
واختتم العوا بالتأكيد على أهمية الوقاية، داعياً إلى عزل المصاب نفسه، وتجنب الزيارات، واستخدام الكمامة عند الضرورة، معتبراً أن هذه الإجراءات تشكل خط الدفاع الأول للحد من انتقال العدوى وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر.
للوقوف على طبيعة الحالات التي تراجع الصيدليات وأنواع الأدوية التي يتم صرفها، استطلعت "عنب بلدي" آراء عدد من الصيادلة في مدينة دمشق.
الصيدلاني سامر الشتيوي أفاد بأن معظم الحالات المسجلة حالياً تترافق مع ألم شديد في الحلق وارتفاع في الحرارة، مع امتداد الأعراض لإصابة الجهاز التنفسي، بالإضافة إلى أعراض مرافقة مثل الإقياء والدوخة. وأشار الشتيوي إلى أن هذه الأعراض تثير تساؤلات حول ما إذا كانت ناتجة عن متحور جديد من فيروس "كورونا" (SARS‑CoV-2).
وحول تضارب الآراء بين إعلان وزارة الصحة بأن الحالات هي إنفلونزا موسمية عادية، وبين ترجيح أطباء بأنها إصابات "كورونا"، أوضح الشتيوي أن هذا الخلاف انعكس بشكل مباشر على نوعية الأدوية الموصوفة.
وبين أن المضاد الحيوي "أزيترومايسين" لم يعد يوصف حالياً، إذ يرى أطباء أنه غير مفيد في هذه المرحلة. في المقابل، يتركز الوصف الدوائي على "بروسيفزيل"، بالإضافة إلى أدوية وصفت بكثرة من قبل أطباء الأنف والأذن والحنجرة، مثل "سيفيكس" و"أوغمنتين"، وهي أنواع من المضادات الحيوية.
وأوضح أن مدة الإصابة وسطياً تمتد لنحو عشرة أيام، بينما قد يستمر السعال لمدة تتراوح بين أسبوعين وحتى الشهر في بعض الحالات، مشيراً إلى أن السعال يكون أشد مقارنة بالموجة الأولى من الجائحة، وغالباً ما ينتهي ببحة في الصوت، وهي عارض قد يظهر لدى بعض المرضى دون غيرهم، تبعاً لمناعة الجسم.
وأضاف أن الإقبال على وصف دواء "بروسيفزيل" يعود إلى كونه مضاداً حيوياً لم يكن شائع الاستخدام سابقاً، وبالتالي لم تتكون مقاومة واسعة ضده، ما جعله أكثر فعالية في الوقت الحالي، على حد قوله. وفي المقابل، يبقى دواء "الأوغمنتين" من أكثر المضادات الحيوية وصفاً من قبل الأطباء، إلا أن النتائج الأفضل تسجل حالياً مع "بروسيفزيل".
وأوضح الشتيوي أن "أزيترومايسين" انتشر بشكل واسع خلال جائحة "كورونا" الأولى، بسبب رخص ثمنه وسهولة إعطائه (ثلاث حبات خلال ثلاثة أيام)، إذ يبلغ سعره نحو 12,000 ليرة، بينما يختلف سعر "أوغمنتين" بحسب الشركة، إذ يبدأ من نحو 20,000 ليرة لعلبة مؤلفة من ست حبات، وقد يصل إلى أكثر من 53,000 ليرة للعبوات الأكبر. وأكد أن "أزيترومايسين" كان فعالاً خلال الموجة الأولى من جائحة "كورونا"، إلا أنه فقد جدواه حالياً.
وفيما يخص اللقاحات، لفت الشتيوي إلى أن بعض الناس عادوا لتلقيها، في حين يشكك آخرون بفعاليتها، معتبراً أن المشكلة قد تكون في أن الجسم لم يعد يتعرف على المتحور الجديد عبر اللقاحات القديمة، وبالتالي تظهر الأعراض نفسها حتى بعد التلقيح. ورجح أن اللقاحات المتوفرة حالياً قد تكون أكثر فائدة للإنفلونزا الموسمية، لكنها قد لا تكون فعالة ضد المتحور الحالي.
أعلنت وزارة الصحة السورية عن استمرار ارتفاع حالات الأمراض التنفسية الحادة في سوريا خلال الأسابيع الأخيرة. وأوضحت الوزارة في بيان نشرته في 17 من كانون الأول، أن بيانات نظام ترصد الإنفلونزا الوطني أظهرت استمرار التزايد في حالات الأمراض التنفسية الحادة، وذلك وفق التحليل الوبائي والمخبري الوارد من المشافي والمراكز الصحية والمخابر المعتمدة.
وأشارت البيانات إلى ارتفاع واضح في نشاط الإنفلونزا الموسمية، حتى الأسبوع الوبائي 48 من عام 2025، حيث ارتفعت نسبة الإيجابية المخبرية إلى 45.3%، مقارنة بـ28% في التحديث السابق. كما أظهرت نتائج التحاليل المخبرية سيطرة شبه كاملة لفيروس "الإنفلونزا A"، ومعظمها من النمط الفرعي (H3N2)، وهو النمط السائد إقليمياً وعالمياً حالياً، مع استمرار محدود لدور فيروس "كوفيد-19".
ونوهت الوزارة أنه خلال الأسبوعين الوبائيين 47 و48، أظهرت النتائج المخبرية أن نسبة الإيجابية لفيروس "الإنفلونزا A" بلغت 93% من الحالات الإيجابية، مقابل 7% لفيروس (SARS-CoV-2)، مما يؤكد أن التزايد الحالي يعود بشكل رئيسي للإنفلونزا الموسمية.
وأكدت وزارة الصحة أنه تم توسيع بعض أقسام العناية المشددة والمتوسطة في عدد من المشافي، كما يجري العمل على إدخال ستة أجهزة تهوية آلية إضافية إلى أقسام العناية المشددة، إلى جانب تأمين 12 جهاز تهوية بالضغط الإيجابي، تعزيزاً لقدرة النظام الصحي على التعامل مع الحالات الشديدة.
وبينت الوزارة أن الحالات الشديدة لا تزال ضمن المستويات المتوقعة مقارنة بالسنوات السابقة، مع استمرار تطبيق البروتوكولات العلاجية الوطنية المعتمدة، بما في ذلك البدء المبكر بالعلاج بالمضاد الفيروسي "الأوسيلتاميفير" للحالات الشديدة والفئات الأكثر عرضة للاختلاطات، دون انتظار نتائج التحاليل المخبرية.
ودعت الوزارة المواطنين إلى الالتزام بالإجراءات الوقائية العامة، ومراجعة المراكز الصحية عند ظهور الأعراض التنفسية، خاصة لدى الأطفال وكبار السن والحوامل ومرضى الأمراض المزمنة، مؤكدة أن المعلومات الصحية المعتمدة تصدر حصرياً عبر القنوات الرسمية لوزارة الصحة.
للتوضيح، يختلف فيروس الإنفلونزا (A H3N2) عن فيروس "كورونا" (SARS‑CoV-2) في عدة جوانب:
سياسة
سياسة
سياسة
اقتصاد