تعميم وزارة العدل حول ولاية القاصر يثير جدلاً في سوريا: دعوات لحماية مصلحة الطفل وحقوق الأم


هذا الخبر بعنوان "ولاية القاصر بين النص القانوني ومصلحة الطفل في سوريا" نشر أولاً على موقع Alsoury Net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٦ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في سياق الجدل الدائر حول تنظيم الولاية على القاصرين، اقترح القاضي المنشق حسين حمادة صيغة توفيقية تضع مصلحة الطفل فوق تراتبية السلطة الأبوية. وتناول حمادة تعميم وزارة العدل الأخير بشأن ولاية الأب على القاصر، محذراً من التعقيدات القانونية والاجتماعية التي قد تنجم عنه، لا سيما في حالات استخراج الوثائق الرسمية للأطفال، كجوازات السفر، عندما تكون الأم هي الحاضنة الفعلية.
وبيّن حمادة الفارق الجوهري بين مفهومي الولاية والحضانة؛ فالولاية تُعنى بإدارة الشؤون القانونية والمالية والتعليمية للقاصر، بينما تشمل الحضانة الرعاية اليومية والمعيشة والتربية، وهي غالباً ما تقع على عاتق الأم في سنوات الطفولة المبكرة. وأكد أن الخلط بين هذين المفهومين يؤدي إلى فراغ قانوني واختلال في إدارة حياة الطفل.
وحذر من أن اشتراط موافقة الولي القانوني، الذي يكون عادة الأب، لإجراءات بسيطة مثل تسجيل الطفل في المدرسة أو تلقي العلاج، يعرقل مصالح القاصر. وأوضح أن هذا الشرط قد يحوّل الولاية في بعض الأحيان إلى أداة ضغط على الأم الحاضنة، خصوصاً في غياب معيار واضح يضع "مصلحة الطفل الفضلى" فوق أي اعتبارات تقليدية.
وانتقد حمادة التعميم الوزاري لتركيزه على الجانب الشكلي القانوني دون الأخذ بالاعتبار الواقع العملي الذي تتحمل فيه الأم الحاضنة العبء الأكبر من المسؤولية، مؤكداً على ضرورة مراجعة الإطار القانوني الحالي.
واقترح حمادة صيغة توفيقية تضمن بقاء الولاية بيد الأب أو من ينوب عنه، مع منح الأم الحاضنة صلاحية اتخاذ القرارات اليومية والعاجلة، مثل تسجيل الطفل في المدرسة، واستخراج الوثائق، وتقديم الرعاية الصحية، دون الحاجة لموافقة مسبقة من الولي. وفي المقابل، يضمن هذا الاقتراح حق الولي في الاعتراض قضائياً إذا ثبت وقوع أي ضرر بالقاصر.
ويرى حمادة أن هذا الطرح يحقق توازناً ضرورياً بين نص القانون ومتطلبات الواقع، ويعيد الاعتبار لمفهوم الحماية القانونية التي يجب أن تتوجه بالدرجة الأولى لمصلحة الطفل، لا لفرض تراتبية السلطة الأبوية.
تعميم "رقم 17" يثير جدلاً واسعاً في سوريا ويعيد النقاش حول حقوق القاصرين
أثار التعميم رقم (17) لسنة 2025، الصادر عن وزير العدل في الحكومة السورية، جدلاً قانونياً واجتماعياً واسعاً في الأوساط المدنية. فقد وضع هذا التعميم إطاراً جديداً لتحديد أصحاب الولاية على القاصر، خاصة فيما يتعلق بقضايا السفر وإصدار جوازات السفر والمعاملات القانونية أمام الجهات الرسمية.
وينطلق التعميم من تسلسل تقليدي للولاية على القاصر، يبدأ بالأب، ثم الجد من جهة الأب، يليه أقارب ذكور آخرون من جهة الأب كالأخ الشقيق والأخ لأب والعم وأبناء العم، وصولاً إلى أقارب أبعد مثل ابن عم الجد، وذلك بغض النظر عن العلاقة الفعلية أو الدور التربوي بين القاصر والشخص الممنوح له حق الولاية.
وفي هذا السياق، تُمنح الصلاحية القانونية لاتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بالقاصر لأي ذكر من عائلة الأب، الأمر الذي أثار استياء واسعاً بين الناشطات والحقوقيات، وفتح نقاشاً حاداً حول مكانة الأم ضمن منظومة الولاية وحدود صلاحياتها القانونية تجاه أطفالها.
تصريحات حقوقية: قرار مجحف بحق النساء
في حديث خاص مع شبكة "شام" الإخبارية، وصفت المحامية والباحثة القانونية نور عويس، الناشطة في مؤسسة «حقي» ضمن مشروع المجلس العربي، التعميم بأنه مجحف بحق النساء. وأشارت إلى ما يترتب عليه من آثار سلبية، منها حرمان الأمهات من حماية أطفالهن وتقييد حقوقهن ضمن إطار العصبة الذكورية، التي تمنح الأفضلية المطلقة لذكور جهة الأب حتى لو لم تكن لهم علاقة مباشرة بالقاصر.
وأوضحت عويس أن وزارة العدل تمتلك صلاحية منح استثناءات للنساء فيما يخص قضايا السفر واستخراج جوازات السفر، وأن هناك آليات متاحة للتراجع عن القرار أو تعديله من خلال فتح قنوات تواصل مع الوزارة ووزير العدل لفهم المبررات القانونية والظروف التي استند إليها التعميم.
ودعت عويس النساء إلى إثبات أهليتهن وقدرتهن على حماية الطفل أمام الجهات المعنية، مشيرة إلى أن المجتمع الذكوري غالباً ما يحرم النساء من حقوقهن، لكن ذلك لا يمنع من المطالبة القانونية بحقوقهن ومواجهة التمييز بنهج مدروس.
إيضاح من القضاء الشرعي وتأكيد على حقوق الأم
رداً على الجدل الذي أثاره التعميم، أصدر القاضي الشرعي الأول في دمشق، المستشار أحمد حمادة، بياناً إيضاحياً يحدد نطاق تطبيق التعميم ليقتصر على المسائل الإجرائية المتعلقة بإصدار جوازات السفر وأذونات السفر الخاصة بالقاصرين فقط.
وأوضح البيان أن الأم يحق لها استصدار جواز سفر القاصر مباشرة من إدارة الهجرة والجوازات دون الحاجة لمراجعة القضاء الشرعي. كما أشار إلى إمكانية اعتماد وسائل الاتصال المرئي للتحقق من موافقة أحد الوالدين في حال وجوده خارج البلاد، مؤكداً استمرار العمل بأحكام الوصاية الشرعية دون تغيير.
مطالبات بإعادة النظر في التعميم
على الرغم من التوضيح القضائي، تواصل ناشطات وحقوقيات في سوريا الضغط من أجل إعادة النظر في التعميم، لضمان عدم استغلاله كأداة تمييزية أو إقصائية. وتهدف هذه المطالبات إلى إتاحة المجال للقضاء للتعامل مع حالات القصر بمرونة وتقييم موضوعي يراعي المصلحة الفضلى للقاصر، بعيداً عن أي أحكام مسبقة تستند إلى الجنس أو القرابة الشكلية.
ويُعد هذا الجدل دافعاً جديداً للنقاش حول حقوق الأطفال ومكانة الأم قانونياً واجتماعياً في سوريا، في ظل تزايد الدعوات لإصلاحات قانونية أكثر شمولاً تراعي العدالة والمساواة في الحقوق الأسرية.
سياسة
ثقافة
سياسة
سوريا محلي