تفجير مسجد بحمص يثير مخاوف من فتنة طائفية وتحذيرات من أجندات خارجية


هذا الخبر بعنوان "موقع الإخبارية السورية" نشر أولاً على موقع قناة الإخبارية وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٦ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
أثار التفجير الذي استهدف أحد مساجد مدينة حمص وسط البلاد حالة استنفار واسعة، وأعاد طرح أسئلة جوهرية حول الجهة المسؤولة عن هذا الاعتداء. يأتي هذا الحادث في توقيت بالغ الحساسية بمدينة حمص، التي تمثل نقطة التقاء للطوائف المختلفة ومركزاً أساسياً للتوازن الاجتماعي والسياسي في سوريا.
وفي هذا السياق، قال الباحث الأمني عمار الواوي إن مدينة حمص تحتل أهمية خاصة على المستوى الداخلي والشعبي والوطني، وتمثل حالة توازن بين مختلف المكونات، إذ تضم طيفاً واسعاً من أبناء الطوائف الإسلامية والمسيحية وغيرها. هذا ما يجعل الأنظار تتجه إليها دائماً نظراً لحساسيتها وخصوصيتها، وما يكتنفها من توازن اجتماعي حساس.
وأشار الواوي في حديثه مع موقع الإخبارية إلى أن أي توتر ذي طابع طائفي في حمص قد ينعكس على بقية المناطق، لافتاً إلى أن المدينة شهدت في فترات سابقة حوادث استهداف وكتابات طائفية. ويأتي استهداف المسجد اليوم ضمن هذا السياق الخطير الذي يتطلب أقصى درجات الحذر. وأضاف أن هناك مخاوف من محاولات لاحقة قد تستهدف دور عبادة أو تجمعات أخرى بقصد جر البلاد إلى فتنة داخلية، مؤكداً أن المدينة بموقعها وحساسيتها تبقى دائماً تحت المجهر الداخلي والخارجي.
وشدد العميد الواوي على أن التفجير يقف خلفه فاعلون خارجيون يستخدمون أدوات متعددة، محملاً المسؤولية لتنظيمات إرهابية مثل داعش، ولجهات خارجة عن القانون، وشبكات تسعى لزعزعة الأمن. وأوضح أن الهدف من هذه العمليات هو ضرب الاستقرار، وتأليب المكونات على بعضها، وإحياء خطاب الكراهية خدمة لأجندات معادية لسوريا. وأكد أن المطلوب اليوم هو إحباط أي محاولة لإشعال فتنة طائفية، والحفاظ على وحدة المجتمع، وتوخي الحذر من الأطراف التي تسعى إلى نشر الفوضى وتقويض الأمن، لأن المستفيدين من هذه الجرائم هم كل من يعادي الدولة السورية واستقرارها.
وأضاف أن هذه العملية تحمل رسائل متعددة تهدف إلى الإيحاء بأن سوريا غير آمنة وأن الفوضى مستمرة، مشدداً على ضرورة التصدي لهذه المخططات وإفشال محاولات إثارة الخوف والانقسام بين المواطنين. واختتم الواوي تصريحه بالتأكيد على ضرورة الوثوق بوزارة الداخلية والأمن العام في ملاحقة العصابات التي ارتكبت هذا العمل الإجرامي، مشدداً على أن الجهود مستمرة لاعتقال المتورطين الذين تلطخت أيديهم بدماء الشهداء، وتقديمهم إلى العدالة. وتقدم العميد في ختام حديثه أحر التعازي لأهالي الشهداء الذين ارتقوا في المسجد، ولجميع شهداء الثورة السورية، داعياً المجتمع إلى التضامن والحفاظ على الوحدة الوطنية في مواجهة الإرهاب والفوضى.
بدوره، قال المحلل العسكري أسعد الزعبي في تصريح لموقع الإخبارية إن التفجير الذي وقع في مدينة حمص لا يمكن في المرحلة الأولى نسبته بشكل قاطع إلى جهة محددة، غير أن الجهات التي لها مصلحة مباشرة في زعزعة الاستقرار داخل سوريا عديدة، وفي مقدمتها تنظيم داعش وجهات وشخصيات مسلحة أخرى، لافتاً إلى أن كل طرف يسعى لخلق الفوضى وعدم الاستقرار قد يكون مستفيداً من هذا التفجير.
وأوضح الزعبي أن نمط التفجير يشير إلى احتمالات متعددة، لافتاً إلى أن لهذا النوع من العمليات سوابق معروفة سواء لدى بعض الأطراف التي نفذت تفجيرات في المساجد سابقاً، أو لدى تنظيم داعش الذي ارتكب عمليات مشابهة في مناطق مختلفة من العالم، بينها أفغانستان. وبين أن السؤال الأهم في مثل هذه الأحداث يتعلق بالطرف المستفيد، مؤكداً أن أكثر الأطراف التي يمكن أن تستفيد من التفجير هي الجهات الساعية إلى تضخيم صورة الفوضى، وإظهار أن نشاط تنظيم داعش ما يزال واسعاً، إلى جانب أطراف أخرى تحاول استثمار التوتر الأمني لصالحها.
وأشار الزعبي إلى أن اختيار مدينة حمص تحديداً لتنفيذ الهجوم ليس أمراً عابراً، فهي مدينة ذات حساسية خاصة، وتشكل بوابة جغرافية باتجاه لبنان، وترتبط بها اعتبارات اجتماعية وطائفية متعددة، ما يجعلها هدفاً مغرياً لمن يسعون لضرب الاستقرار وإثارة التوتر. وختم المحلل العسكري تصريحه بالتأكيد على ضرورة التعامل مع الحدث بدقة وحذر، وانتظار نتائج التحقيقات الأمنية، مع رفع مستوى الجاهزية لمنع تكرار مثل هذه العمليات، وحماية السلم الأهلي ومنع أي محاولة لاستثمار التفجير في تأجيج الاحتقان الداخلي.
روى شهود عيان للإخبارية، تفاصيل التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجد حمص، وقال أحد المصلين إن الانفجار وقع أثناء صلاة الجمعة بعد الأذان الأول تحديداً وقبل إقامة الصلاة، مشيراً إلى أن الانفجار حدث في الجهة الغربية الشمالية من المصلى بصوت قوي. وأضاف أن الحضور حاولوا النجاة والفرار، ما تسبب بازدحام كبير في المكان، فيما وصلت فرق الأمن العام والإسعاف إلى الموقع خلال دقائق لتقديم المساعدة والإسعاف للضحايا والمصابين. وأشاد بالجهود التي بذلتها الجهات الأمنية والطبية لإجلاء الجرحى ونقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج، ومتابعة الأوضاع الميدانية فور وقوع الانفجار.
ووصلت حصيلة الاعتداء الإرهابي إلى 8 شهداء و18 مصاباً بجروح متفاوتة، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الصحة قبل قليل. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا للإخبارية، إن إرهابياً مجرماً وضع عبوة ناسفة انفجرت عند الأذان الأول في مسجد الإمام علي بن أبي طالب بمدينة حمص. وأوضح البابا أن السلطات لا تستطيع الجزم بهوية المنفذ حتى الآن، مشيراً إلى أن الكثيرين لا يعجبهم حالة الوحدة الإيجابية في سوريا. وأضاف أن الوزارة نفذت مهمات ناجحة وقائية لحماية المدنيين والمناطق المدنية، مؤكداً أن معركة السوريين ستكون ناجحة ضد الإرهاب، وأن النجاحات المحققة ضد فلول النظام البائد وتنظيم داعش والجماعات الانفصالية لم تكن لتتم دون وعي المجتمع السوري.
أعربت الرئاسة الفلسطينية واللبنانية ووزارة الخارجية العراقية والقطرية والسعودية والتركية، كما أعربت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان وشؤون اللاجئين، في وقت سابق اليوم، عن إدانتهم الشديدة للهجوم الإرهابي في حمص. كما أدان الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم البديوي، الانفجار الإرهابي الذي وقع في مسجد بمدينة حمص بالجمهورية العربية السورية، وأسفر عن استشهاد وإصابة عدد من المدنيين.
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة