بريطانيا تفرض عقوبات جديدة على شخصيات وكيانات سورية: رسائل دولية ومطالب بالإصلاح


هذا الخبر بعنوان "أفراد وكيانات سورية على لوائح العقوبات البريطانية.. ما الرسائل؟" نشر أولاً على موقع enabbaladi.net وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٢٨ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
في سياق الحراك الدولي المستمر المتعلق بالملف السوري، وتحديداً قضايا حقوق الإنسان والانتهاكات المرتكبة بحق المدنيين، عادت بريطانيا لتتصدر المشهد بفرض حزمة جديدة من العقوبات المالية. استهدفت هذه العقوبات شخصيات وكيانات عسكرية سورية، في خطوة تحمل دلالات ورسائل سياسية وقانونية واضحة.
شملت العقوبات ستة أفراد، من بينهم محمد حسين الجاسم (أبو عمشة) قائد “الفرقة 62″، وسيف الدين بولاد (أبو بكر) قائد “الفرقة 76″. جاء هذا الإجراء على خلفية اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق المدنيين خلال الثورة السورية، وفي أحداث الساحل السوري التي وقعت في آذار الماضي.
كما ضمت القائمة غياث سليمان دلة ومقداد لؤي فتيحة، وهما ضابطان سابقان في جيش النظام، إضافة إلى مدلل خوري وعماد متانيوس خوري، اللذين أشارت بريطانيا إلى تورطهما في أنشطة مالية واقتصادية تدعم نظام الأسد المخلوع.
ولم تقتصر العقوبات على الأفراد، بل شملت أيضاً ثلاثة كيانات عسكرية، وهي: “فرقة الحمزة”، و”فرقة السلطان سليمان شاه” (العمشات)، و”فرقة السلطان مراد”.
تأتي هذه الخطوة في توقيت دقيق، حيث تشهد الساحة السورية محاولات لإعادة ترتيب المشهد السياسي والعسكري، وسط مساعٍ دولية للموازنة بين الضغط السياسي ودعم مسارات الاستقرار وإعادة البناء. وقد أُعلنت العقوبات رسمياً عبر مكتب تنفيذ العقوبات المالية التابع لوزارة الخزانة البريطانية في 19 من كانون الأول الحالي، مما يعكس استمرار السياسة الدولية في استخدام الأدوات الاقتصادية والقانونية لمساءلة الضالعين في الانتهاكات، لا سيما تلك التي حدثت خلال سنوات الثورة السورية وأحداث الساحل الأخيرة.
يشير هذا التحرك إلى أن ملف الانتهاكات لا يزال حاضراً بقوة على الأجندة الدولية، وأن العقوبات تحمل رسائل ودلالات معينة للحكومة السورية، على الرغم من التغيرات السياسية الأخيرة والاحتواء الدولي لسوريا.
يرى الصحفي والباحث السياسي فراس علاوي أن العقوبات البريطانية تأتي في سياق متابعة المجتمع الدولي للأحداث في سوريا، وتهدف إلى تحقيق المطلوب من الحكومة السورية، أو التناغم مع هذه الطلبات في عمليات التحقيق المتعلقة بالأسلحة وملفات أخرى مثل انتهاكات الساحل والسويداء. وأوضح علاوي أن الحكومة السورية كانت تتوقع هذه العقوبات وجاهزة للتعامل معها، معتبراً أنها تمثل دفعاً بريطانياً لدعم الحكومة، وفي الوقت ذاته محاولة للضغط من أجل إعادة ترتيب أوراقها فيما يتعلق بإعادة صياغة العلاقات الاجتماعية والنسيج المجتمعي في سوريا.
من جانبه، يعتقد الخبير في الشؤون العربية والدولية طلعت طه أن بريطانيا أقدمت على هذه الخطوة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها الأفراد والكيانات المشمولة بالعقوبات، خاصة في المجازر ضد المدنيين، ومنها أحداث الساحل. ويرجح طه أن القرار الفعلي كان بيد الحكومة البريطانية، التي رحبت برفع العقوبات عن سوريا وبالتغيير والحريات، مؤكداً أن القضية تبقى إنسانية بحتة، وهذا ما دفع بريطانيا لاتخاذ القرار.
أما الخبير الأمني والجيوسياسي الدكتور عامر السبايلة، فيرى أن العقوبات تتضمن رسالة واضحة للدور الذي يجب أن تلعبه الحكومة في سوريا، بتنقية نفسها من العناصر المتطرفين والضالعين في انتهاكات ضد المدنيين، خاصة في المجازر التي حدثت. ويعتقد أنها تكشف رسالة واضحة، وهي أن الأحداث الأمنية والانتهاكات لا تمر مرور الكرام لدى بريطانيا والمجتمع الدولي، حتى لو اعتقدت الحكومة السورية أنها حليف لهذه الدول، ويعول عليها، وأن العقوبات رفعت عنها، إلا أن فكرة المحاسبة والمساءلة موجودة حتى إن كانت العلاقة جيدة مع الحكومة السورية.
اندلعت أحداث الساحل في 6 من آذار الماضي، إثر تحركات لعناصر من جيش النظام السابق استهدفوا خلالها عناصر من الأمن العام في ريف اللاذقية غربي سوريا. وخلال ساعات قليلة، سيطر من تسميهم الأوساط الحكومية بـ”الفلول” على مناطق من مدينتي اللاذقية وطرطوس، مخلفين قتلى في صفوف الأمن العام. دفع هذا وزارتي الدفاع والداخلية لاستقدام تعزيزات إلى المنطقة، تبعتها مؤازرات من فصائل مسلحة موالية للحكومة، إلى جانب مدنيين محليين مسلحين. أدى الأمر إلى وقوع انتهاكات واسعة طالت مدنيين وأودت بحياة المئات على خلفية انتماءات طائفية.
بالتوازي مع الطابع العقابي للإجراءات، حرصت الخارجية البريطانية على التأكيد على التزامها بالعمل مع الحكومة السورية، في رسالة مزدوجة تجمع بين الضغط والمقاربة السياسية. فقد شددت لندن على دعمها لمسار الانتعاش الاقتصادي في سوريا، والانتقال إلى مستقبل أكثر استقراراً وحرية وازدهاراً.
ويرى محللون سياسيون ومعنيون بالشأن الدولي أنه مع إعلان العقوبات البريطانية، تبرز جملة من المسؤوليات السياسية والقانونية الملقاة على عاتق الحكومة السورية، كونها لا تقتصر على بعدها الاقتصادي أو الدبلوماسي، بل تعكس إدانة دولية متزايدة لسجل الانتهاكات الإنسانية. وعليه، يصبح لزاماً على الحكومة السورية اتخاذ خطوات جادة لمعالجة الأزمة، وعدم تكرار هذه الانتهاكات.
يعتقد فراس علاوي أن على الحكومة السورية ضرورة إعادة انخراط القوى العسكرية والفصائل بشكل مباشر، وعدم الإبقاء عليها ككتلة واحدة. ويشير إلى أن الحكومة السورية لديها معرفة بهذه العقوبات ومدى تأثيرها، وأنها ستتعامل معها بما يتوافق مع تعهداتها أمام المجتمع الدولي، لضبط الملفات الأمنية والعسكرية بما يخدم وحدة سوريا والتزاماتها أمام المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية.
بينما يرى طلعت طه أنه يجب على الحكومة السورية أن تحقق في مسؤولية هذه الفصائل والأفراد المحددين بالعقوبات، كونهم متهمين بخرق حقوق الإنسان، مؤكداً أن هؤلاء الأشخاص يجب أن يعاقَبوا إن كانوا متورطين، وهذا ما يظهر التزامها بمحاسبتهم وحماية المدنيين. وعليها أيضاً تقديم مرتكبي الانتهاكات للقضاء مهما كانت مناصبهم، خاصة أن عمليات القتل بأحداث الساحل تمت على مرأى ومسمع الجميع، وظهر في مقاطع فيديو أفراد من وزارة الدفاع السورية يرتكبون انتهاكات بحق المدنيين.
كان الاتحاد الأوروبي قد أضاف إلى قوائم عقوباته فيما يتعلق بسوريا شخصين وثلاثة كيانات، بسبب ارتباطهم بأحداث شهدها الساحل السوري في آذار الماضي. ووفق قرار الاتحاد الصادر في 28 من أيار الماضي، فإن من بين الأشخاص المعاقَبين القياديين محمد حسين الجاسم (أبو عمشة) وسيف بولاد (أبو بكر). وذكر القرار أن الكيانات التي يقودها هذان الشخصان كانت مسؤولة عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات القتل التعسفي في أثناء أعمال العنف التي شهدتها المنطقة الساحلية في آذار الماضي.
وأدرج الاتحاد الأوروبي على قوائم عقوباته ثلاثة كيانات هي: “فرقة السلطان سليمان شاه” التي كان يقودها “أبو عمشة”، وفرقة “الحمزات” التي كان يقودها “أبو بكر”، و”فرقة السلطان مراد” التي كان يقودها فهيم عيسى، إلا أن العقوبات الجديدة لم تشمل فهيم عيسى بشكل شخصي، وإنما طالت الكيان الذي كان يقوده فقط.
سياسة
سياسة
سياسة
اقتصاد