سوريا في 2025: عام من التصعيد الأمني والضربات الإسرائيلية والاشتباكات الداخلية الدامية


هذا الخبر بعنوان "ضربات إسرائيلية واشتباكات دموية في الداخل.. سوريا خلال 2025" نشر أولاً على موقع North Press وتم جلبه من مصدره الأصلي بتاريخ ٣٠ كانون الأول ٢٠٢٥.
لا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال. بإمكانكم الإطلاع على تفاصيل هذا الخبر من خلال مصدره الأصلي.
شهدت سوريا، منذ سقوط النظام السوري السابق في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر 2025، مرحلة بالغة التعقيد تميزت بتصاعد غير مسبوق في التحديات الأمنية والعسكرية والسياسية. تزامنت هذه الفترة، وفقاً لـ "نورث برس" من القامشلي، مع موجات عنف دامية اجتاحت الساحل السوري ومحافظة السويداء، وتحول البلاد إلى ساحة مفتوحة لضربات إسرائيلية مكثفة أثرت على المشهد العسكري والجغرافي في عدة محافظات. هذه التطورات، في ظل المرحلة الانتقالية، كشفت عن هشاشة الوضع الأمني وتزايد المخاوف من تداعيات خطيرة على الاستقرار الداخلي، خاصة مع تصاعد الانقسامات المجتمعية وخطاب الكراهية، مما يضع مستقبل البلاد أمام اختبارات مصيرية تتجاوز الأبعاد الأمنية لتشمل الجوانب السياسية والاجتماعية.
شهد عام 2025 ذروة في وتيرة الضربات الإسرائيلية، حيث نُفذت مئات الغارات الجوية والضربات البرية التي استهدفت منشآت عسكرية، مخازن أسلحة، ومقار قيادية. أسفرت هذه العمليات عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من المدنيين والعسكريين. ووفقاً لتوثيقات حقوقية، تم تسجيل 813 ضربة وغارة أدت إلى تدمير 860 هدفاً عسكرياً، ومقتل 76 شخصاً. كما شهد الجنوب السوري توسعاً إسرائيلياً متزايداً، تزامناً مع تصريحات رسمية إسرائيلية متكررة تؤكد عدم التراجع عن الوجود العسكري داخل الأراضي السورية.
في آذار/ مارس 2025، شهد الساحل السوري موجة عنف واسعة النطاق في محافظتي اللاذقية وطرطوس، وصفت بأنها الأعنف منذ سنوات. أسفرت هذه الأحداث عن مئات القتلى والجرحى، بينهم عدد كبير من المدنيين، وسط اتهامات بوقوع عمليات قتل ذات طابع طائفي. اندلعت أعمال العنف بعد اشتباكات بين قوات وزارة الدفاع والأمن التابعة للإدارة السورية الجديدة ومجموعات متهمة بالارتباط بالنظام السابق. استدعى ذلك إرسال تعزيزات عسكرية كبيرة وفرض حظر تجول في مناطق واسعة من الساحل. وتحدثت تقارير حقوقية عن سقوط ضحايا مدنيين خلال هذه الحملات، بالإضافة إلى مزاعم بحدوث إعدامات ميدانية. أثارت التطورات في الساحل السوري موجة إدانات ومواقف دولية واسعة، حيث دعت دول غربية وإقليمية، إلى جانب الأمم المتحدة، إلى حماية المدنيين والأقليات ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. كما أُعلن عن تشكيل لجنة وطنية مستقلة للتحقيق في أحداث الساحل، بالتزامن مع تحركات دولية داخل مجلس الأمن لمناقشة التصعيد. ولا تزال مدن الساحل السوري وبعض بلدات ريف حماة تشهد توتراً أمنياً واعتقالات مستمرة.
على الصعيدين السياسي والأمني، عكست هذه الأحداث مخاوف متزايدة من تداعيات خطيرة على استقرار سوريا خلال المرحلة الانتقالية. ترافقت هذه المخاوف مع تحذيرات من اتساع دائرة العنف في حال عدم معالجة أسباب التوتر عبر مسار شامل يقوم على العدالة والحوار. في المقابل، أكدت القيادة السورية الانتقالية أن ما جرى يندرج ضمن محاولات لزعزعة الاستقرار وجر البلاد إلى الفوضى.
في جنوبي سوريا، شهدت محافظة السويداء بتاريخ 28 نيسان/ أبريل 2025 اشتباكات عنيفة أسفرت عن نحو ألف قتيل وجريح من فصائل درزية، ومسلحي عشائر، وعناصر حكوميين، ومدنيين. بدأت الاشتباكات بين فصائل درزية ومسلحي عشائر من البدو، على خلفية توترات وعمليات اختطاف متبادلة على طريق دمشق – السويداء. تدخلت قوات الدفاع والداخلية السورية بصفة "قوات فض نزاع"، لكن الأوضاع الميدانية ازدادت تعقيداً بعد تعرض هذه القوات لكمائن ودخولها في اشتباكات مباشرة مع فصائل درزية، وفقاً لتقارير. وشهدت المدينة توقيع ثلاث اتفاقيات لوقف إطلاق النار، وُصفت جميعها بالهشة ولم يتم تطبيقها بشكل فعلي حتى الآن.
تدخلت إسرائيل عبر قصف أرتال حكومية على أطراف السويداء، مترافقة بتهديدات بقصف القوات الحكومية في حال عدم انسحابها. لاحقاً، تطورت الأحداث لتشمل قصف مبنى الأركان العامة ومحيط القصر الرئاسي، بالإضافة إلى مواقع عسكرية حكومية في محافظة درعا. أدى القصف الإسرائيلي إلى انسحاب القوات الحكومية من مناطق في السويداء، مما سمح بتقدم الفصائل الدرزية في الريف الغربي للمحافظة. ترافقت هذه التطورات مع اتهامات بتهجير مئات العائلات من سكان البدو وارتكاب عمليات قتل بحق بعضهم.
بالتزامن مع عملية "ردع العدوان" في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الماضي، التي انتهت بسقوط نظام الأسد، بدأت فصائل مدعومة من تركيا وموالية لها هجمات على مناطق كانت خاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في ريف حلب الشمالي. انطلقت العمليات العسكرية في قرى وبلدات ريف حلب الشمالي، وصولاً إلى مدينة منبج في الريف الشرقي، قبل أن تمتد المعارك إلى سد تشرين على نهر الفرات. شهدت المنطقة محاولات متكررة للسيطرة على السد وعبور النهر إلى ضفته الشرقية. ولا تزال منطقة سد تشرين تشهد اشتباكات متقطعة بين قوات سوريا الديمقراطية وفصائل تابعة لوزارة الدفاع في الحكومة السورية الانتقالية. كما يشهد حيّيا الشيخ مقصود والأشرفية، ذو الغالبية الكردية بحلب، توترات واشتباكات متقطعة جراء هجمات يتهم مسؤولو الحي فصائل تابعة لوزارة الدفاع السورية بالوقوف خلفها.
منذ سقوط النظام السابق وتشكيل الحكومة الانتقالية، دخلت سوريا مرحلة شديدة الحساسية، ترافقت مع تصاعد التوترات بين مكونات المجتمع السوري. أسهمت أحداث الساحل والسويداء، بالإضافة إلى التفجيرات المتكررة واستهداف الكنائس والاعتقالات، في إعادة خطاب الكراهية والتخوين إلى الواجهة، مما يهدد بمزيد من الانقسام والتشتت، وفقاً لمراقبين. تشير تحليلات إلى وجود محاولات متعددة لزرع الفتنة بين السوريين، بهدف دفعهم إلى الاقتتال الداخلي واستكمال مسارات تفكيك المجتمع السوري. ويرى ناشطون مدنيون أن ما جرى بعد سقوط النظام، من أحداث في الساحل، واستهداف الكنائس وتهجير سكانها، والتطورات في السويداء، إضافة إلى حملات التخوين، كلها تصب في مسار تفكيك المجتمع السوري، ويحذرون من أن استمرار هذا النهج سيضر بالوحدة الوطنية ويزرع خوفاً دائماً بين السوريين.
سياسة
سياسة
سوريا محلي
سياسة