الأحد, 23 نوفمبر 2025 07:41 PM

أزمة مواصلات خانقة في الغوطة الشرقية: غياب خطوط السرافيس يعيق حياة السكان

أزمة مواصلات خانقة في الغوطة الشرقية: غياب خطوط السرافيس يعيق حياة السكان

عنب بلدي – كريستينا الشماس

تعاني بلدات الغوطة الشرقية في ريف دمشق من تدهور حاد في الخدمات الأساسية، نتيجة الدمار الواسع الذي خلفه قصف النظام السابق. لا تزال العديد من البنى الخدمية، مثل شبكات الكهرباء والمياه والبنى التحتية والطرق، غير مؤهلة بشكل كافٍ.

تبرز أزمة المواصلات كواحدة من أبرز المشكلات التي تؤثر بشكل مباشر على الحياة اليومية للسكان، خاصة في بلدات حمورية وسقبا وكفربطنا ومديرا، التي تشهد حركة تنقل كثيفة لقربها من مدينة دوما وارتباطها الإداري بها. تعود جذور هذه المشكلة إلى تهالك شبكات الطرق ومسارات النقل، وعدم إعادة تأهيلها بشكل مناسب.

مع محدودية الخطوط العاملة واعتماد المنطقة على شبكة مواصلات ضيقة، يضطر الأهالي للانتظار لساعات طويلة للحصول على مقعد في سيارة مارة، بعد توقف معظم الخطوط التي كانت تربطهم بمدينة دوما وبالعاصمة دمشق.

سيرًا على الأقدام أو الانتظار لساعات

مريم عرابي، المقيمة في محيط مديرا، صرحت لعنب بلدي أن غياب خط "السرافيس" بين بلدتها والبلدات المجاورة يفرض عليها معاناة يومية، حيث تضطر غالبًا للمشي لمسافات طويلة أو انتظار سيارة مارة لتقلّها صدفة. وأضافت أن غياب خط نقل ثابت جعل التنقل مهمة شاقة، خاصة للنساء والأطفال وكبار السن.

يوسف يوسف، من سكان المنطقة، اشتكى من توقف خط "السرافيس" القديم الذي كان يصل حمورية وسقبا ومديرا ومسرابا بدوما، مما أدى إلى ازدحام وتجمع الأهالي لساعات بانتظار أي مركبة عابرة. وأشار إلى أن هذا الانقطاع يؤثر سلبًا على الطلاب الذين يدرسون في مدارس عربين، ويتسبب بتأخرهم اليومي، كما يعرقل وصول العمال والموظفين إلى أعمالهم في الوقت المحدد.

رامي الطيار، وهو من سكان دوما ويعمل في عربين، تحدث عن تفاقم مشكلة النقل يومًا بعد يوم، حيث ينتظر يوميًا لفترات طويلة قد تتجاوز الساعة حتى يجد وسيلة توصله إلى عمله. وأوضح أن الخط الذي كان يخدم المنطقة سابقًا ألغي دون بديل، مما يجبر الأهالي على التنقل بطريقة عشوائية تعتمد على سيارات خاصة أو "التعلق بها"، مما يزيد من صعوبة الطريق.

وذكر سمير ريحاني، من أهالي عربين، أن الخط الحيوي الذي كان يربط دوما بمسرابا ومديرا وحمورية وسقبا وكفربطنا، توقف منذ سنوات، رغم أهميته في خدمة شريحة واسعة من السكان والعمال. وطالب بإعادة تفعيل الخط، باعتباره ضرورة ملحة لتخفيف معاناة السكان وتأمين وصولهم إلى أعمالهم ومدارسهم.

مطالب بتفعيل الخطوط

يطالب السكان في بلدات الغوطة الشرقية بالإسراع في إعادة تشغيل الخطوط القديمة التي كانت تصل بلداتهم بمدينة دوما، باعتبارها نقطة تجمع مركزية للموظفين والطلاب والمرضى المتجهين إلى المراكز الخدمية. ويشكل الخط القديم الذي يبدأ من كفربطنا مرورًا بسقبا وحمورية ومديرا ومسرابا وصولًا إلى دوما، العصب الرئيس لتنقل مئات الأشخاص يوميًا.

يرى يوسف أن استمرار الأزمة قد يفرض تكاليف إضافية على العائلات، سواء عبر استخدام سيارات خاصة أو سيارات أجرة بأسعار مرتفعة، مقارنة بمستوى الدخل الحالي. وتخشى مريم عرابي تفاقم المشكلة مع اقتراب فصل الشتاء، وما يرافقه من صعوبة الوقوف في العراء لساعات، وتراجع عدد السيارات الخاصة التي قد تسمح للركاب بالصعود، معتبرة أن الأزمة في طريقها للتحول إلى مشكلة شاملة، إذا لم تتخذ إجراءات سريعة.

“النقل” تحدث خطًا

مدير مديرية النقل في ريف دمشق، عبد الناصر الخالد، أكد، في لقاء مع عنب بلدي، إحداث خط لـ"السرافيس" بقرار صادر عن لجنة نقل الركاب المشترك برئاسة محافظ ريف دمشق، عامر الشيخ، مبينًا أن المديرية بانتظار تقديم الطلبات من أصحاب المركبات خلال مدة تتراوح بين 15 و20 يومًا كحد أقصى، ليصبح بعدها تسيير "السرافيس" على هذا الخط.

وقال إن الخط سيكون مساره من كفربطنا مرورًا ببلدات سقبا وحمورية ومديرا ومسرابا وصولًا إلى دوما، ذهابًا وإيابًا، إلى جانب خط ثانٍ بين دمشق ودوما عبر حمورية ومديرا ومسرابا. ولفت الخالد إلى أن المديرية لا ترغب في زيادة الضغط على شوارع المدن المعنية، نظرًا إلى ما تعانيه سابقًا من ازدحام، مؤكدًا أن العمل جارٍ لتخديم الخط في القريب العاجل، وأن الخط موجود فعليًا في النظام الإلكتروني للمديرية، وسيتم دعم تشغيله بعدد من المركبات لخدمة الأهالي.

ويسمح بدخول سيارات النقل العمومي (الميكروباصات) من داخل المحافظة للعمل عليها، ريثما يكتمل العدد المطلوب من المركبات، بحسب الخالد. وأشار إلى خط آخر كان يربط سابقًا دوما بدمشق، ويمر بحمورية ثم مديرا ومسرابا، لكنه شبه متوقف حاليًا، لعدم وجود مركبات عاملة عليه، نتيجة الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال سنوات الثورة، والظروف الأمنية التي رافقتها.

ولفت الخالد إلى أن المديرية ستنسق مع المحافظة لوضع تعرفة مناسبة لهذه الخطوط، توازن بين مصلحة المواطنين وأصحاب المركبات. وفيما يتعلق بإمكانية تشغيل "باصات" نقل داخلي، بيّن الخالد أن طبيعة المنطقة وما تشهده من ازدحام لا تسمح بدخول "باصات" كبيرة، نظرًا إلى ما قد تسببه من عرقلة إضافية لحركة السير، مفضلًا اعتماد "ميكروباصات" من فئة 11 راكبًا لخدمة الخطوط الجديدة.

مشاركة المقال: