الأربعاء, 26 نوفمبر 2025 02:32 AM

أسواق إعزاز الشعبية: ملاذ النازحين في مواجهة غلاء المعيشة وتحديات الشتاء

أسواق إعزاز الشعبية: ملاذ النازحين في مواجهة غلاء المعيشة وتحديات الشتاء

في مخيمات ريف إعزاز شمالي حلب، أصبحت البازارات الأسبوعية ملاذاً اقتصادياً حيوياً للسكان، وبديلاً شعبياً للأسواق الرسمية، وذلك في ظل تراجع القدرة الشرائية وتردي الأوضاع المعيشية مع اقتراب فصل الشتاء. ورغم استمرار هذه الأسواق، يعاني الباعة من ضعف الإقبال مقارنة بالسنوات الماضية، مما يعكس الواقع الاقتصادي الهش الذي تعيشه آلاف الأسر النازحة.

عبد السلام العلي، بائع جوارب وملابس متنقل بين بازارات إعزاز، يؤكد أن العمل ضعيف جداً مقارنة بالمواسم السابقة، مشيراً إلى أن الوضع الاقتصادي للناس تراجع بشكل كبير، وأن معظم الزبائن بالكاد يتمكنون من تأمين احتياجاتهم الأساسية. ويضيف العلي، وهو أب لخمسة أطفال ويسكن في أحد المخيمات: "سابقاً كان الوضع المادي للناس أفضل، أما اليوم فالجميع يبحث فقط عن لقمة العيش". كما أشار إلى أن انخفاض الكثافة السكانية في المخيمات بعد عودة بعض العائلات إلى بلداتهم أثر سلباً على حركة السوق.

محمود شوبك، بائع إكسسوارات وعطور، يشاركه الرأي، ويقول لموقع "سوريا 24" إنه يتنقل يومياً بين بازارات باب السلامة، ومريمين، وأطمة، وإعزاز، وسجو. ويضيف: "الوضع تراجع كثيراً، فبعد التحرير عاد كثير من الناس إلى منازلهم، وتراجعت الحركة التجارية". ورغم ذلك، يواصل شوبك العمل لتأمين معيشة عائلته المكونة من طفلين، موضحاً: "أبيع في بازار سجو وباب السلامة، ونلاحق البازارات يومياً كي نتمكن من تأمين مصروف المنزل، رغم أنني لم أعد بعد إلى منزلي المدمّر".

أحمد صلاح، بائع ألبسة، يؤكد أنه يحاول الحفاظ على الأسعار ضمن حدود المعقول رغم تقلبات السوق، ويقول لموقع "سوريا 24": "أسعار البيجامات تبدأ من 59 ليرة تركية وتصل حتى 75، الكنزات الولادية تُباع بـ200 ليرة، أما الكلابيات المخمل فبسعر 250 ليرة تركية، وتتراوح أسعار الجوارب بين 10 و15 ليرة، في حين يصل سعر الجاكيتات الشتوية إلى 250 ليرة". ويضيف: "رغم تنوّع البضائع والأسعار، إلا أن الإقبال ضعيف، ومعظم الناس تؤجل الشراء بسبب الظروف المعيشية الصعبة وغلاء باقي المستلزمات، خصوصاً مع دخول فصل الشتاء".

من جهة أخرى، يلجأ العديد من سكان المخيمات إلى البازارات كخيار أكثر توفيراً، في ظل تراجع الدخل وارتفاع الأسعار في المحال. أحمد رسلان، نازح يسكن في مخيم السلامة منذ أكثر من عشر سنوات بعد تهجيره من تل رفعت، يقول: "نأتي إلى البازار لأنه أرخص من المحلات، ونوفّر قدر الإمكان لتأمين احتياجات الأولاد". رسلان، وهو أب لأربعة أطفال ويعمل حارساً في منظمة إنسانية، يضيف: "الدخل لا يكفي لنهاية الشهر، لكن نحاول التكيّف. الحمد لله، الوضع مؤقت لكنه صعب، خصوصاً مع دخول الشتاء وارتفاع مصاريف التدفئة والمدارس".

محمد يوسف (أبو سامر)، نازح من بلدة ماير، يقول إنه يتسوّق من البازارات لتأمين حاجات منزله، ويوضح لموقع "سوريا 24": "أنا موظف في وزارة الداخلية، لكن هذا الشهر خُفِّض الراتب، وأصبحت عاجزاً عن تغطية كامل المصاريف". ويضيف: "عندي خمسة أطفال وأسكن في خيمة بعدما دُمّر منزلي"، مشيراً إلى أنه بعد دخول فصل الشتاء لا تتوفّر وسائل التدفئة، وأن الشوادر لا تحمي من تسرّب المياه. ويأمل أن تتحسّن الظروف المعيشية للناس في المستقبل القريب.

رغم التراجع في حركة البيع والشراء، تبقى البازارات متنفساً اقتصادياً مهماً في مناطق النزوح، ووسيلة للباعة والأسر لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم. وبين صمود الخيام وصمت الأسواق، تتعالى المطالب بتحسين الواقع الاقتصادي، وزيادة الدعم الإنساني، وتأمين مستلزمات الشتاء، لتجنّب تفاقم معاناة آلاف العائلات التي ما زالت تنتظر العودة أو الترميم أو مجرد الاستقرار.

مشاركة المقال: