الخميس, 11 سبتمبر 2025 08:36 PM

ألمانيا بعد 10 سنوات على استقبال اللاجئين السوريين: هل تغلبت على تحديات الماضي؟

ألمانيا بعد 10 سنوات على استقبال اللاجئين السوريين: هل تغلبت على تحديات الماضي؟

قبل عقد من الزمن، في صيف عام 2015، شهدت ألمانيا تدفقاً كبيراً للاجئين السوريين، ما أثار ردود فعل متباينة. فبينما رحب البعض بالوافدين الجدد، انتقد آخرون قرار المستشارة آنذاك، أنجيلا ميركل، بفتح الأبواب أمامهم دون الرجوع إلى الحكومة، معتمدةً على عبارتها الشهيرة "فير شافن داس" (يمكننا القيام بذلك).

لكن هذا القرار، كما تبين لاحقاً، كان له ثمن سياسي باهظ، إذ ساهم في صعود حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، ودخولِه البرلمان الفيدرالي (البوندتساغ) عام 2017، مستغلاً المخاوف من اللاجئين والمسلمين. ويرى البعض أن هذا القرار أثر على المسيرة السياسية لميركل، التي أعلنت تقاعدها عام 2018.

اليوم، وبعد مرور 10 سنوات، يتساءل الألمان عما إذا كانوا قد نجحوا فعلاً في تحقيق ما وعدت به ميركل، بينما يتساءل السوريون عما إذا كانوا قد وجدوا وطناً جديداً في ألمانيا.

قصة طارق القوس، اللاجئ السوري الذي وصل إلى ألمانيا عام 2015 وترشح للبرلمان عام 2021، تعكس بعض التحديات التي يواجهها اللاجئون. فبعد حادثة تعرض فيها للإهانة من قبل رجل ألماني، اضطر طارق إلى سحب ترشيحه بسبب التهديدات التي تلقاها.

هذه التهديدات، وإن كانت لم تتحول إلى نمط سياسي بعد، إلا أنها تعكس تغيراً في المزاج الشعبي تجاه اللاجئين، الذين تحولوا من ضيوف مرحب بهم إلى ورقة تستخدمها الأحزاب اليمينية لاستقطاب الناخبين.

الأحزاب الرئيسية بدورها، بدت وكأنها في سباق مع حزب "البديل من أجل ألمانيا"، إما بمواجهة خطابه أو بتبني خطط متشددة للهجرة. وحتى حزب ميركل، المسيحي الديمقراطي، اتجه نحو اليمين بعد تقاعدها، وتبنى سياسات لتقليص عدد اللاجئين ومنع لم الشمل.

ويبدو أن تغير الخطاب السياسي ساهم في زيادة جرأة اليمين المتطرف، إذ تحولت التهديدات إلى اعتداءات جسدية، كما حدث مع جيان عمر، النائب من أصل سوري عن حزب الخضر في برلمان برلين، الذي تعرض مكتبه للتهديدات والهجوم.

ويرى جيان أن أفعال اليمين المتطرف في ألمانيا مخيفة، لأنها تعكس صورة نمطية خطيرة في عقولهم، وأنهم يستلهمون أفكارهم من هتلر. وحتى الأحزاب اليمينية الأوروبية الأخرى تعتبر حزب "البديل من أجل ألمانيا" متطرفاً لدرجة رفض التحالف معه.

وقد تورط عدد من السياسيين المنتمين للحزب بفضيحة اجتماع سري ناقش ترحيل ملايين المهاجرين، ما أثار صدمة في ألمانيا بسبب الأصداء التاريخية التي حملها.

ورغم أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" أبعد نفسه عن الاجتماع، فإن خطابه لا يبتعد كثيراً عن مضمونه، إذ يتبنى شعار "إعادة الترحيل"، الذي يعني ترحيل كل من هو مهاجر.

هذه الفكرة، رغم استحالتها، ستكون لها تبعات اقتصادية كارثية، إذ يساهم العاملون من أصول مهاجرة بشكل أساسي في الاقتصاد الألماني. وقد اندمج 64 في المائة من السوريين الذين قدموا إلى البلاد منذ عام 2015 في سوق العمل والحياة التعليمية.

ومع ذلك، يروي كثير من السوريين تعرضهم للتمييز بسبب خلفيتهم. آلاء محرز، سيدة سورية محجبة وناشطة اجتماعية، تقول إن التمييز موجود في سوق العمل، وتروي تجربتها في مقابلات عمل كان تسأل فيها عن حجابها.

في السنوات العشر التي تلت دخول مئات الآلاف من السوريين إلى ألمانيا، استفادت ألمانيا من دون شك منهم، ولكنها وجدت نفسها من جديد في مواجهة مع شياطينها وأشباحها التي عادت تطاردها من الماضي. وهي اليوم أمام تحدي قمع شياطينها تلك قبل أن تحكم قبضتها عليها.

أما السوريون أنفسهم، ورغم أنهم لا ينكرون صعوبة التحدي في الكثير من الأحيان، فهم يجدون في الديمقراطية متنفساً غائباً في بلدهم.

وحتى طارق القوس الذي اضطر لإنهاء حلمه بأن يصبح أول نائب وصل لاجئاً ضمن موجة اللجوء عام 2015، يقول إن ترشحه بحد ذاته كان آنذاك "انتصاراً للديمقراطية". ويرى أنه رغم خيبته بسبب أن النظام الديمقراطي لم يقدر على حمايته، فقد سمح له بالترشح وإكمال عمله السياسي اليوم ضمن منظمة "برو أزيل" التي تدافع عن اللاجئين.

مشاركة المقال: