الإثنين, 7 يوليو 2025 08:00 PM

أنفاق الفصائل الإيرانية تعرقل عودة الأهالي إلى ديارهم في دير الزور: خطر يتربص تحت المنازل

أنفاق الفصائل الإيرانية تعرقل عودة الأهالي إلى ديارهم في دير الزور: خطر يتربص تحت المنازل

علي البكيع – دير الزور

بينما تتطلع قرى دير الزور الشرقية إلى استعادة الحياة بعد سنوات من الحرب والنزوح، يواجه السكان تحديًا من نوع آخر: شبكة أنفاق معقدة خلفتها الفصائل الإيرانية أسفل منازلهم. بعد انتهاء سيطرة هذه الفصائل التي استمرت سنوات، يكتشف العائدون شبكات أنفاق واسعة لا تمثل مجرد مخابئ عسكرية، بل تشكل عائقًا حقيقيًا أمام عودة السكان وتهديدًا مستمرًا لسلامتهم، خاصة مع غياب الخدمات الأساسية الضرورية للحياة، وفقًا لما ذكره سكان محليون.

“خراب فوق الخراب”

يقول مطر الأحمد، من سكان قرية الغبرة بريف البوكمال، لنورث برس: “عدت قبل فترة قصيرة بعد خروج الفصائل الإيرانية، الذين قاموا بإنشاء سواتر وأنفاق”، واصفًا ما فعلوه بأنه “خراب للقرية بالكامل، حيث حولوا الجامع إلى حسينية، وخربوا المدرسة.. خراب فوق الخراب”. ويشير إلى أن الأنفاق لا تقتصر على الأراضي المفتوحة، بل تمتد تحت البيوت، مضيفًا: “هناك بيوت حُفرت تحتها أنفاق بعمق عدة أمتار، وتمتد إلى أعماق الأرض”.

ويضيف “الأحمد” أنه “يوجد الآن حوالي 250 أو 300 بيت في القرية لا يمكن لأحد أن يعود إليها بسبب هذه الأنفاق”. ويعبر عن خوف السكان من أن تكون هذه الأنفاق مفخخة، وأن تنهار منازلهم فوق رؤوسهم، مشيرًا إلى أن “هؤلاء الجماعة، الإيرانيون، لديهم متفجرات وصواريخ”. ويؤكد أنه حتى الآن “لم تأت فرق الهندسة والاستعلامات، والوضع يشكل خطرًا على الأطفال”.

من جانبه، يقول عبد الرزاق المحمد، من سكان مدينة البوكمال، لنورث برس، إن “الأنفاق موجودة في البوكمال منذ القدم، أي منذ وجود الإيرانيين، وهي تشكل خطرًا على السكان”. ويذكر بالخطر الأمني المستمر، مضيفًا: “في السابق كان يأتي الطيران الإسرائيلي ويضرب الأنفاق، والأنفاق واقعة بين المنازل، وحاليًا هي خطرة على حياة الناس”. ويشير إلى أن الناس تخاف من العودة إلى بيوتها بسبب هذه الأنفاق، داعيًا الحكومة إلى الكشف عن هذه الأنفاق والتخلص منها.

ويضيف “المحمد” أن “وجود الإيرانيين هنا كله فساد لأنهم كانوا مسيطرين على كل شيء، وينشرون المواد المخدرة بين الأطفال والشباب”.

قرى منهكة

يصف محمد عبد الله، من سكان قرية الغبرة المتضررة، الوضع المأساوي في حديثه لنورث برس، قائلاً: “القرية تحتوي على شبكة من الأنفاق تحت المنازل، إذا وطأنا الأرض، ستنهار القرية تحت الأرض من كثرة الأنفاق”. ويضيف، في وصف يائس للواقع، أن القرية لا تحتوي على أبسط مقومات الحياة؛ “لا توجد كهرباء في القرية، ولا توجد مياه شرب، نشتري المياه من الصهاريج بتكلفة تصل إلى 130 ألف ليرة سورية، وضع القرية سيء جدًا”.

ويشير “عبدالله” إلى أن تحويل الفصائل الإيرانية لبعض المساجد إلى حسينيات “يثير قلقًا من التغيير الديموغرافي”. رسالة محمد واضحة ومباشرة: “نوجه رسالة إلى الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية بتقديم حلول للقرية. الناس تريد أن ترجع إلى القرية، ولكن وجود الأنفاق تحت منازلهم يشكل عائقًا أكبر أمام الأهالي”.

كما يصف معاناته، بأنه كان نازحاً إلى دمشق، وعاد بعد طرد الفصائل الإيرانية مع سقوط النظام السابق أواخر العام المنصرم. ويضيف أنه عندما عاد لقي منزله مسروقًا بالكامل، قائلاً: “اضطررت للسكن فيه رغم وجود الأنفاق، لا يوجد حل آخر”. ويشير إلى أن القرية تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، فلا يوجد فيها مدارس ولا مستوصف صحي، على حد تعبيره.

ويرى سكان قرى البوكمال وريف دير الزور الشرقي أن الخطر لا يكمن في البيوت المهدمة أو الخدمات الغائبة فحسب، بل في ما لا يُرى: شبكة أنفاق حولت الأرض إلى فخاخ صامتة، وعلقت حلم العودة على خيط من الخوف والانتظار.

تحرير: خلف معو

مشاركة المقال: