يشكل استخدام العبارات النهرية وسيلة أساسية لعبور نهر الفرات ونقل البضائع في مدينة الرقة، خصوصًا لسكان القرى المجاورة. هذه الوسائل اليدوية تمثل حلقة وصل حيوية للأهالي للوصول إلى أراضيهم الزراعية وإنجاز أعمالهم التجارية والحفاظ على الروابط الاجتماعية.
وعلى الرغم من بساطتها، تعكس هذه العبارات صمود سكان المنطقة الذين اعتمدوا عليها منذ ثمانينيات القرن الماضي لتعويض غياب البنية التحتية الرسمية مثل الجسور والسدود. كان نهر الفرات يضم ثلاث عبارات رئيسية تخدم القرى المنتشرة على ضفتيه، لكن تنظيم "داعش" فجّر عبارتين بالقرب من المدينة قبل معاركه الأخيرة في الرقة عام 2017، مما جعل عبارة قرية البرودة الوسيلة الوحيدة المتبقية لنقل الأفراد والمركبات.
تعمل عبارة البرودة يدويًا بواسطة حبال مثبتة بين الضفتين، وتتحمل عبء نقل السيارات والجرارات الزراعية والأفراد يوميًا، وتخدم أكثر من عشرين قرية على الضفتين، منها السحل والبرودة والخاتونية والخضرة وغيرها. إلا أن الوصول إلى العبارة يواجه صعوبات كبيرة، أبرزها سوء الطرق الترابية المؤدية إليها، مما يزيد من صعوبة التنقل، خاصة في فصل الشتاء.
يقول محمد العبد (36 عامًا) من قرية البرودة في تصريح خاص لـ"سوريا 24": "أملك أرضًا زراعية على الضفة الأخرى للنهر، وأعبر إليها بشكل شبه يومي عبر العبارة، لكن الطريق المؤدي إليها ترابي ويمر عبر الحقول، مما يجعل التنقل شتاءً بالغ الصعوبة. وخلال فيضان النهر، يصبح استخدام العبارة شبه مستحيل، فأضطر إلى قطع أكثر من 40 كيلومترًا للوصول إلى أرضي."
ويؤكد العبد على ضرورة إنشاء جسور إضافية في المنطقة، مشيرًا إلى أن المسافة بين جسر الرقة الجديد وسد كديران تتجاوز 30 كيلومترًا، وهي أقرب نقطتين يمكن عبور النهر منهما. وفي السياق ذاته، يرى معد العلي (38 عامًا) أن بناء جسر دائم في موقع العبارة سيحدث فرقًا جوهريًا في حياة السكان، مضيفًا: "المسافة الكبيرة بين الجسرين تضطرنا لقطع مسافات طويلة جدًا للتنقل بين أراضينا ومزارعنا. نحن بحاجة إلى تسهيل التنقل لتوفير الوقت والجهد."
أما عبد الرحمن الجاسم، وهو من الفلاحين الذين يعبرون النهر يوميًا، فيؤكد أن الاعتماد على العبارة اليدوية يعرض السكان لمخاطر وتأخيرات مستمرة، مضيفًا: "نحن بحاجة إلى جسر آمن ومتين يربط بين الضفتين لتسهيل حياتنا اليومية وتجنب المخاطر."
من المتوقع أن يساهم إنشاء جسر دائم في هذا الموقع بتقليص المسافات التي يقطعها الأهالي بما لا يقل عن 40 كيلومترًا، مما سينعكس إيجابًا على سرعة إنجاز الأعمال الزراعية والتجارية، ويوفر وقتًا وجهدًا كبيرين لسكان المنطقة.