السبت, 6 سبتمبر 2025 12:52 AM

إعادة تأهيل محطة جندر: دفعة قوية لشبكة الكهرباء السورية

إعادة تأهيل محطة جندر: دفعة قوية لشبكة الكهرباء السورية

أعلن مدير العلاقات العامة في وزارة الطاقة لمحافظة حمص، مؤيد المفرج، لمنصة إخبارية عن إنجاز أعمال الصيانة الفنية الشاملة للعنفة الأولى في محطة جندر الحرارية بريف حمص. ومن المتوقع أن تعود العنفة إلى الخدمة خلال الشهر القادم، مما يمثل خطوة مهمة نحو تحسين إمدادات الكهرباء في جميع أنحاء البلاد، خاصة في ظل التحديات المستمرة التي يواجهها قطاع الطاقة.

تقع محطة جندر الحرارية على بعد حوالي 30 كيلومترًا جنوب مدينة حمص، وتعتبر من أهم المحطات الكهربائية الاستراتيجية في سوريا. موقعها المركزي يسمح بتوزيع الطاقة المنتجة إلى مختلف المحافظات بأقل قدر من الخسائر في نقل الكهرباء. كما تلعب المحطة دورًا حيويًا في ربط الشبكات الكهربائية بين جنوب وشمال البلاد، حيث تعمل كحلقة وصل بين شبكتي دمشق وحلب.

تعاون مشترك بين القطاعين العام والخاص

تُنفّذ أعمال الصيانة الحالية بالتعاون بين الشركات الإنشائية التابعة لوزارة الأشغال العامة والإسكان وشركة “إنيرجي كير”، وهي شركة خاصة رائدة في مجال صيانة وتأهيل المعدات الكهربائية والصناعية. يركز العمل على إصلاح العنفة البخارية الأولى، التي توقفت عن العمل لسنوات بسبب الأضرار الناجمة عن الحرب وانقطاع الصيانة الدورية. وتشمل أعمال الصيانة:

  • إصلاح شفرات العنفة البخارية، وهي مكونات أساسية لتحويل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية.
  • استبدال ملفات المحرك الكهربائي لضمان كفاءة عالية في توليد الكهرباء.
  • صيانة شاملة لنظام التحكم والتشغيل الآلي لضمان التشغيل الآمن والمستقر.

إضافة 90 ميغاواط “مجانية” للشبكة

أكد مؤيد المفرج أن إعادة تشغيل العنفة الأولى سيساهم في إضافة 90 ميغاواط إلى الشبكة الكهربائية الوطنية دون الحاجة إلى استهلاك وقود إضافي، وذلك بفضل اعتمادها على الدورة المركبة (Combined Cycle)، التي تعيد استخدام الغازات الساخنة الناتجة من العنفة الغازية لتوليد طاقة إضافية بكفاءة أعلى.

وقال المفرج: "هذه القدرة تعتبر مجانية من حيث استهلاك الوقود لأنها تستفيد من الطاقة المهدرة سابقًا. إنها أولوية استراتيجية لأنها ترفع من كفاءة الإنتاج وتقلل من تكاليف التشغيل".

أهمية الشراكة بين القطاع العام والخاص

أشار المفرج إلى أن نجاح هذه العملية يمثل نموذجًا ناجحًا للشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث يقدم القطاع الخاص الكفاءة الفنية والمعدات المتقدمة التي يفتقدها القطاع العام، بينما يوفر القطاع العام البنية التحتية والدعم المؤسسي.

وأوضح: "شركة إنيرجي كير تمتلك مصانع متخصصة في إعادة لف المحاور الثابتة للمولدات الكهربائية، ولديها خبرة في صيانة المحولات والمعدات ذات الاستطاعات الكبيرة، وهي إمكانات لم تعد متوفرة في كثير من ورشات الدولة. هذه الشراكة تعيد تأهيل المعدات بدلاً من استيراد بديل باهظ الثمن".

تعزيز الثقة المجتمعية من خلال الشفافية

أكد المفرج على أهمية بناء الثقة مع المواطنين، داعيًا إلى ضرورة وضع جداول زمنية شفافة للإعمار والصيانة والالتزام بها أو إبلاغ الجمهور بأي تأخيرات أو معوقات.

وتابع: "إذا أردنا تعزيز العلاقة بين الدولة والمجتمع، فعلينا أن نكون صريحين مع المواطن. إذا تأخر المشروع، يجب توضيح السبب: هل هو نقص في القطع، أم تأخير في التمويل، أم عقوبات اقتصادية؟ هذه الشفافية تبني الثقة".

محطة جندر: ركيزة في المشهد الكهربائي السوري

تعتبر محطة جندر من أقدم وأهم المحطات الكهربائية في سوريا، حيث دخلت الخدمة في السبعينيات وشهدت توسعًا كبيرًا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. تضررت المحطة بشكل كبير خلال سنوات النزاع، لكنها ظلت تحظى بأولوية في خطط إعادة التأهيل نظرًا لموقعها الجغرافي الحيوي وقدرتها على تغذية مناطق واسعة.

ومن المتوقع أن تساهم عودة العنفة الأولى في تخفيف الضغط على المحطات الأخرى، مثل محطتي حلب والسويداء، كما ستساعد في تحسين جودة التغذية في محافظات حمص، حماة، ريف دمشق، وصولاً إلى حلب.

آفاق مستقبلية

مع استمرار الجهود لإعادة تأهيل الوحدات الأخرى في المحطة، تُعقد آمال كبيرة على تعميم نموذج الشراكة القائمة في جندر على مشاريع أخرى في قطاع الطاقة، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وشح الموارد. ويبقى تأهيل محطة جندر رمزًا لصمود البنية التحتية وإشارة إلى أن الانتعاش التدريجي في قطاع الكهرباء، وإن كان بطيئًا، ما زال ممكنًا بفضل الكفاءات الوطنية والتعاون الاستراتيجي.

مشاركة المقال: