الجمعة, 21 نوفمبر 2025 01:38 AM

إيران تستعين بالنفوذ السعودي لإحياء المحادثات النووية مع أمريكا وتؤكد: لا نسعى للمواجهة

إيران تستعين بالنفوذ السعودي لإحياء المحادثات النووية مع أمريكا وتؤكد: لا نسعى للمواجهة

ذكرت مصادر إقليمية أن إيران طلبت من المملكة العربية السعودية المساعدة في إقناع الولايات المتحدة بإعادة إطلاق المحادثات النووية المتوقفة، وذلك في ظل مخاوف طهران من تكرار الضربات الجوية الإسرائيلية وتفاقم الأزمات الاقتصادية التي تواجهها.

وقبل يوم من زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض، أفادت وسائل إعلام إيرانية وسعودية بأن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قد أرسل رسالة إلى الزعيم الفعلي للمملكة العربية السعودية.

ووفقًا لمصادر تحدثت لرويترز، أكد بزشكيان في رسالته أن إيران "لا تسعى للمواجهة"، وتطمح إلى تعزيز التعاون الإقليمي، مع التأكيد على أنها "منفتحة على حل النزاع النووي عبر الدبلوماسية، شريطة ضمان حقوقها".

وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، بأن رسالة بزشكيان إلى ولي العهد السعودي كانت "ثنائية بحتة". ولم يصدر أي تعليق من المكتب الإعلامي للحكومة السعودية حتى الآن.

يُذكر أن إيران والولايات المتحدة قد عقدتا خمس جولات من المحادثات حول برنامج طهران لتخصيب اليورانيوم قبل الحرب التي استمرت 12 يومًا في يونيو حزيران، والتي بدأت بغارات جوية إسرائيلية على إيران، وقصفت خلالها القوات الأمريكية ثلاثة مواقع نووية إيرانية.

ومنذ ذلك الحين، وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، على الرغم من تأكيد الطرفين على استعدادهما للتوصل إلى اتفاق.

وأشار مصدر خليجي إلى أن إيران تسعى لإيجاد قناة لاستئناف المحادثات مع واشنطن، وأن ولي العهد السعودي يفضل أيضًا التوصل إلى حل سلمي، وأنه سينقل هذه الرسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته.

وأضاف المصدر: "يريد الأمير محمد بن سلمان أيضًا أن ينتهي هذا النزاع سلميًا. وهذا أمر مهم بالنسبة له، ونقل ذلك إلى ترامب وقال إنه مستعد للمساعدة".

وكان ولي العهد قد صرح للصحفيين بأن المملكة ستبذل قصارى جهدها للمساعدة في التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران.

لطالما كانت الرياض وطهران خصمين استراتيجيين في منطقة الشرق الأوسط، وغالبًا ما كانتا تدعمان أطرافًا متعارضة في حروب إقليمية بالوكالة، إلى أن أدى تقارب بوساطة صينية في عام 2023 إلى تخفيف حدة العداء واستعادة العلاقات الدبلوماسية.

ومع تنامي ثقلها السياسي، أصبحت السعودية طرفًا حاسمًا بشكل متزايد في الدبلوماسية الإقليمية. وتمنح العلاقات الأمنية العميقة مع واشنطن، وخاصة العلاقة الوثيقة بين القيادة السعودية وترامب، الرياض نفوذا لا تملكه سوى قلة من الدول الأخرى في الشرق الأوسط.

في المقابل، تراجعت مكانة إيران الإقليمية خلال العامين الماضيين بسبب الضربات العسكرية المدمرة التي وجهتها إسرائيل لحلفائها، بما في ذلك حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة وجماعة حزب الله في لبنان، بالإضافة إلى تدهور وضع حليفها الوثيق في سوريا، بشار الأسد.

وكتب حميد أبو طالبي، وهو دبلوماسي إيراني سابق، على إكس أن تحويل قنوات الوساطة من دول مثل عمان وقطر إلى السعودية، وهي دولة تتمتع بتأثير قوي ونفوذ مباشر في الولايات المتحدة وعزم عملي على الحد من التوتر، هو أفضل قرار استراتيجي في ظل الظروف الحالية.

وأضاف أن هذه الخصائص تجعل من السعودية وسيطًا فعالًا وقناة حقيقية لنقل الرسائل، وهو ما لا تمتلكه عمان ولا قطر ولا الأوروبيون.

المخاطر كبيرة أمام إحياء الدبلوماسية النووية، فالشروط التي تحددها كل من طهران وإدارة ترامب لا تزال متباينة بشدة، ويهدد الفشل في تقريب وجهات النظر بإشعال حرب إقليمية جديدة.

ولعبت دول في منطقة الخليج، تخشى الانجرار إلى صراع أوسع نطاقا إذا شنت إسرائيل هجوما جديدا على إيران، دور الوسيط في السابق، لا سيما قطر وسلطنة عمان.

وتتهم إيران واشنطن "بخيانة الدبلوماسية" بانضمامها إلى حليفتها الوثيقة إسرائيل في حرب يونيو حزيران، وتصر على أن أي اتفاق يجب أن يرفع العقوبات الأمريكية التي أصابت اقتصادها المعتمد على النفط بالشلل. من جهتها، تطالب واشنطن طهران بوقف تخصيب اليورانيوم على أراضيها وكبح برنامجها للصواريخ الباليستية والتوقف عن دعم جماعات مسلحة بالمنطقة، وهي شروط ترفضها إيران.

وحذر ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أنهما لن يترددا في ضرب إيران مجددا إذا استأنفت تخصيب اليورانيوم، وهو مسار قد يؤدي إلى تطوير قنابل نووية.

وتتهم قوى غربية وإسرائيل طهران باستخدام برنامجها النووي المدني المعلن كستار تخفي وراءه جهود تطوير مواد تستخدم في صنع القنابل. وتقول إيران إنها تسعى فقط إلى الطاقة الذرية السلمية، وتتعهد "برد ساحق" على أي اعتداء إسرائيلي آخر.

استبعد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، الذي له القول الفصل في شؤون السياسة الخارجية والبرنامج النووي، إجراء مفاوضات تحت التهديد.

وقال إنهم يريدون فرض مطالبهم وتحقيق أهدافهم من خلال الضغط العسكري والاقتصادي. هذا النهج غير مقبول ولن يستسلم الإيرانيون له.

لكن هذا النهج المتشدد لا يرضي كثيرين من الإيرانيين العاديين الذين يعانون صعوبات الحياة اليومية.

فالاقتصاد الإيراني يئن تحت وطأة انهيار العملة وارتفاع التضخم ونقص مزمن في الإمدادات المحلية من الطاقة والمياه، ويعود ذلك في الأساس إلى سوء إدارة والعقوبات على مدى سنوات.

ومع تنامي الغضب الشعبي وخطر حدوث هجوم إسرائيلي آخر في حالة فشل الجهود الدبلوماسية بشأن البرنامج النووي، قال مسؤولان إيرانيان كبيران لرويترز، تحدثا كغيرهما بشرط عدم الكشف عن هويتيهما، إن النخب الإيرانية تسعى جاهدة لتحقيق انفراجة مع واشنطن لتخفيف عزلتها الاقتصادية الخانقة.

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن كمال خرازي أحد كبار مستشاري خامنئي ناشد ترامب الأسبوع الماضي السعي إلى "محادثات حقيقية مع إيران تقوم على الاحترام المتبادل والمساواة".

مشاركة المقال: