الأحد, 20 أبريل 2025 11:17 AM

احترامًا للجمعة العظيمة: كيف تم تعديل موعد عيد الجلاء السوري عام 1946؟

احترامًا للجمعة العظيمة: كيف تم تعديل موعد عيد الجلاء السوري عام 1946؟

فيينا: ريمون جرجي

وثّق المفكر السوري الدكتور جورج جبور قصة فريدة من نوعها في التاريخ الوطني السوري، تتناول تزامن عيد الجلاء الأول لسوريا مع يوم الجمعة العظيمة لدى المسيحيين، الأمر الذي استدعى تعديل تاريخ الاحتفال بهذا الحدث الوطني الهام.

في عام 1946، كان من المقرر أن تحتفل سوريا بعيد الجلاء الرسمي يومي 18 نيسان/أبريل، وفقًا لما نُشر في صحيفة البلد بتاريخ 10 نيسان 1946، والذي تضمن برنامج الاحتفال الرئاسي. إلا أنه تبيّن أن يوم الجمعة 19 نيسان 1946 يتزامن مع يوم الجمعة العظيمة لدى المسيحيين، وهو يوم حزن عميق يخلد ذكرى صلب السيد المسيح، ويسبق عيد الفصح المجيد بيومين، والذي كان موحدًا بين جميع الطوائف المسيحية في سوريا في ذلك العام.

استجابةً لمناشدات من رجال الدين المسيحيين في دمشق، وبتدخل من شخصية لبنانية طرابلسية، قررت الحكومة السورية آنذاك تقديم الاحتفال الرسمي بعيد الجلاء إلى يوم 17 نيسان/أبريل، احترامًا للمناسبة الدينية. ومنذ ذلك الحين، أصبح يوم 17 نيسان هو التاريخ الرسمي لعيد الجلاء في سوريا، والذي يمثل عيد الاستقلال الوطني.

روى الدكتور جورج جبور، الحاصل على وسام القديسين بطرس وبولس برتبة كومندور، مستندًا إلى الوثائق التي تعزز هذه الرواية، بما في ذلك نسخة نادرة من صحيفة البلد. وأكد أن هذه القصة تمثل نموذجًا رائعًا للتآخي الوطني والديني الذي يستحق أن يُدرَّس للأجيال.

وأوضح جبور: "حدث الجلاء فعلياً عند الساعة العاشرة من صباح يوم الاثنين 15 نيسان/أبريل 1946، بموجب الاتفاق. ثم تقرر أن يكون الاحتفال الرسمي يومي 18 نيسان، ولكن بعد اكتشاف تزامن أحد هذين اليومين مع الجمعة العظيمة، تم التعديل احترامًا لهذا اليوم الديني".

غدًا الخميس 17 نيسان/ أبريل 2025، ستحتفل سوريا بمرور 79 عامًا على الجلاء في 17 نيسان، وفي مفارقة زمنية لافتة، يصادف اليوم التالي لعيد الجلاء أي 18 أبريل الجمعة العظيمة لدى الطوائف المسيحية كافة، وفقًا للتقويمين الشرقي والغربي، كما حدث في عام الجلاء.

ومن المثير للاهتمام أيضًا، أن يوم الجمعة في سنوات ما يقال عنها الجاهلية كان يُسمى "يوم العروبة"، وهي كلمة مشتقة من السريانية الآرامية "عروبتو" وتعني "الغروب"، في إشارة رمزية إلى يوم صلب المسيح، والذي يُعد يوم الغروب العظيم في المسيحية.

بارك الله بأعياد كل السوريين وكفى بهذه الجملة للمعايدة السورية.

نبذة عن الدكتور جورج جبور:

من مواليد مدينة صافيتا. مستشار رئاسي سابق وعضو مجلس الشعب السوري سابقاً. أكاديمي بارز و مؤسس الرابطة السورية للأمم المتحدة ورئيسها من 2004 حتى 2022 حين سمي رئيسا فخريا. (اخبار سوريا الوطن ٢-مجموعة منتدى الفكر السياسي والأدبي)

مشاركة المقال: