الخميس, 26 يونيو 2025 06:12 PM

اعتقال مدلول العزيز: من ساحات القتال إلى قبة البرلمان.. قصة فساد ونفوذ في قبضة الداخلية

اعتقال مدلول العزيز: من ساحات القتال إلى قبة البرلمان.. قصة فساد ونفوذ في قبضة الداخلية

ألقت قوى الأمن الداخلي في دمشق القبض على مدلول عمر العزيز، في تطور مفاجئ يُنذر بفتح ملفات جديدة تتعلق بقضايا فساد وتهريب لطالما التصقت باسمه. تمثل قصة مدلول العزيز رحلة مثيرة بدأت في ميادين القتال، ثم انتقلت إلى عالم المال والأعمال، وصولًا إلى أروقة السلطة التشريعية.

من التشليح إلى القتال المسلح

وفقًا لمصادر خاصة لـ"سوريا 24"، ظهر اسم مدلول العزيز للمرة الأولى عام 2012 في محافظة الحسكة، حيث قاد فصيلًا مسلحًا أشبه بعصابة "تشليح" تستولي على الممتلكات وتقطع الطرق. في ذلك الوقت، اعتقد الأمن العسكري السوري التابع للنظام أن مجموعته تتبع "الجيش الحر"، فتوجه من مدينة رأس العين إلى مخفر قرية العالية بريف رأس العين واشتبك معهم، مما أجبر مدلول على الفرار وترك سيارته الجيب الحمراء التي استولى عليها الأمن العسكري، كما قُتل اثنان من عناصره خلال المواجهة. بعد أيام، أعاد الأمن السوري سيارته إليه من القامشلي، ليستأنف أنشطته من جديد. لاحقًا، استغل العزيز حالة الفراغ الأمني بعد انسحاب قوات النظام من صوامع أبو خشب بريف دير الزور، فسيطر عليها وفرض نفوذه على المنطقة، وبدأ عمليات التشليح على المدنيين والعابرين، ثم على منافسيه لاحقًا.

الانضمام إلى جبهة النصرة ثم تسليم المنطقة

لاحقًا، طاردت جبهة النصرة مدلول العزيز وأجبرته على الانضمام إلى صفوفها، فتولى مناطق واسعة من ريف دير الزور، من الجزرة إلى الصالحية، بصفة "أمير" ميداني. لكن سيطرة تنظيم داعش لاحقًا على دير الزور أجبرته على الهرب إلى تركيا، حيث مكث فيها نحو شهرين، ثم عاد إلى سوريا بعد إجراء تسوية أمنية مع النظام السوري.

من وكيل القاطرجي إلى عضو مجلس الشعب

بعد عودته إلى سوريا، استثمر مدلول العزيز علاقاته المتشابكة ليصبح رجل أعمال بتكليف من النظام، وعمل وكيلاً لحسّام القاطرجي بين عامي 2014 و2020، متخصصًا في تهريب النفط من مناطق قوات سوريا الديمقراطية إلى مناطق سيطرة النظام. ثم أسس شركته الخاصة "شام العزيز" عام 2019، حيث امتلك 99% من أسهمها، ووسع نشاطه ليشمل الاستيراد والتصدير وتجارة المشتقات النفطية ومواد البناء. في انتخابات مجلس الشعب السوري (2020–2024)، فاز العزيز بمقعد عن دير الزور، وأصبح رئيسًا لنادي الفتوة الرياضي، ليؤسس من خلاله شبكة واسعة من العلاقات مع شخصيات أمنية وعسكرية رفيعة المستوى.

أذرع النفوذ الإيراني وشراكات المعابر

تشير تقارير أمنية إلى أن العزيز كان من أذرع النفوذ الإيراني في دير الزور، وكان على صلة وثيقة بضباط أمنيين كبار، بالإضافة إلى استلامه بالتعاون مع أولاد أخته معبرًا يربط مناطق سيطرة قوات النظام السابق ومناطق قوات سوريا الديمقراطية في ريف دير الزور. كما سعى إلى التفاهم مع قوات سوريا الديمقراطية بعد سقوط نظام الأسد، حيث هرب باتجاه مناطق "قسد"، واعتُقل هناك لمدة 25 يومًا، ثم أُفرج عنه لاحقًا لينتقل إلى دمشق ويتابع أعماله من هناك.

باعتقاله اليوم من قبل الأمن الداخلي في دمشق، يُفتح مجددًا ملف مدلول العزيز المليء بالتحولات والاتهامات، من ميادين القتال إلى التجارة، مرورًا بفضائح تهريب النفط ومقتل المهندسين العاملين لدى القاطرجي، ووصولًا إلى أروقة مجلس الشعب السوري.

مشاركة المقال: