الأربعاء, 26 نوفمبر 2025 06:12 AM

الاستحمام بالماء البارد: هل هو مفيد حقاً أم مجرد موضة؟

الاستحمام بالماء البارد: هل هو مفيد حقاً أم مجرد موضة؟

يشهد التعرض للماء البارد انتشاراً متزايداً في السنوات الأخيرة، حيث يشيد المؤثرون بفوائده للصحة النفسية، ويؤكد الرياضيون المحترفون أن أحواض الثلج تساعد في التعافي الجسدي، مما حوله إلى ترند عالمي في عالم العافية. ويرى المروجون أن الماء البارد يحسن التركيز ويعزز المناعة ويقلل الالتهاب.

لكن مجلة «تايم» نشرت تقريراً يشير إلى أن الباحثين يعتبرون الأدلة، رغم كونها واعدة، غير حاسمة. فبعض الدراسات الصغيرة توضح أن التعرض القصير للماء البارد، مثل إنهاء الحمام بماء بارد، قد يحسن الانتباه والمزاج، بينما تظهر أبحاث أخرى تأثيرات طفيفة أو قصيرة المدى. والمؤكد أن هذه الممارسة تطلق سلسلة من التغيرات الفسيولوجية التي يشعر بها الكثيرون على أنها منعشة وعلاجية أحياناً.

يشرح الدكتور جوناثان ليري، مؤسس ومدير Remedy Place، وهو نادٍ صحي يقدم جلسات انغماس موجهة بالماء البارد، الفوائد المحتملة للاستحمام بالماء البارد قائلاً: «عندما يلامس الماء البارد بشرتك، يمر جسمك بردة فعل صدمة باردة، أي تنفس سريع، وارتفاع مؤقت في معدل نبض القلب وضغط الدم، واندفاع لهرمونات التوتر التي تجعلك يقظاً بالكامل».

وتقول الدكتورة نيهـا باثاك، الطبيبة في الطب الباطني وطب نمط الحياة، إن هذا النوع من التعرض ارتبط بانخفاض التوتر وتحسن المزاج، مضيفة: «تشير عدة دراسات صغيرة إلى أن التعرض للبرد يحرّض إطلاق نواقل عصبية محسّنة للمزاج مثل الدوبامين والنورإبينفرين، مما يعزز المزاج والتركيز». لكنها تؤكد في الوقت نفسه أن الأدلة «واعدة وليست قاطعة».

ويستعرض تقرير «تايم» نتائج تحليل دراسات نُشر عام 2025، أظهر أنه بعد نحو 12 ساعة من الانغماس في الماء البارد، انخفضت مستويات التوتر وتحسنت جودة النوم. كما أظهرت تجربة عشوائية عام 2015 في هولندا شملت أكثر من 3,000 مشارك أن الأشخاص الذين أنهوا حمامهم الدافئ بـ30–90 ثانية من الماء البارد، انخفضت أيام المرض لديهم بنسبة تقارب 30%، رغم أنهم لم يصبحوا أقل عرضة للمرض. لكن هذه النتائج، رغم أهميتها، لا تشكل برهاناً قاطعاً.

وتوضح باثاك ذلك بقولها: «ما زلنا بحاجة إلى تجارب عالية الجودة تحدد الجرعة (الوقت، التكرار، الحرارة) وما يحدث على المدى الطويل».

يعرض التقرير كيف يحفز الماء البارد الجهاز العصبي الودي (Sympathetic nervous system)، مما يؤدي إلى إطلاق الأدرينالين والنورإبينفرين، وهما هرمونان يرفعان مؤقتاً نبض القلب، واليقظة، ودوران الدم. وتظهر الأبحاث أن هذا النوع من الاستجابة يحفز أيضاً بعض الخلايا المناعية التي تساعد في مقاومة العدوى.

وتشير دراسة عام 2014 إلى أن الأشخاص الذين خضعوا لتدريب على التعرض البارد وتقنيات التنفس تمكنوا من التأثير طوعاً على استجابتهم المناعية: فعند إعطائهم مادة مسببة للالتهاب (إندوتوكسين)، أنتج المتدربون بروتينات التهابية أقل وكانت أعراضهم أخف مقارنة بمجموعة غير مدربة.

لكن اختصاصية أمراض القلب في Arizona HonorHealth، الدكتورة سيريشا فادالي، تقول محذرة: «التعرض للبرد قد يكون منشطاً، لكنه ليس علاجاً كاملاً. إنه دفعة تضاف إلى عادات صحية يقوم بها الشخص أساساً».

يفرق التقرير بوضوح بين الاستحمام البارد وأحواض الثلج، إذ يعد الأول دفعة قصيرة ومضبوطة من التحفيز، بينما أحواض الثلج هي انغماس كامل في مياه شديدة البرودة تخفض حرارة الجسم الأساسية بسرعة.

الاستحمام البارد:

  • أكثر لطفاً وأسهل للتحكم
  • آمن لمعظم البالغين الأصحاء
  • أقل خطراً من حيث الصدمة واضطراب النظم وانخفاض حرارة الجسم

أحواض الثلج (أقل من 10 درجات مئوية):

  • تأثيرات أقوى وأسرع
  • ترفع الأدرينالين بشكل أكبر
  • تحمل مخاطر أعلى مثل اضطراب نبض القلب، انخفاض الحرارة، و«الانخفاض الارتدادي» (After-drop)

بحسب باثاك، قد يكون الاستحمام البارد خطيراً بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من:

  • أمراض القلب
  • ارتفاع ضغط الدم
  • أمراض الجهاز التنفسي
  • أمراض الأوعية الدموية
  • متلازمة رينود
  • الحمل

أما الأشخاص الأصحاء، فيمكنهم ممارسة التعرض للماء البارد بشكل تدريجي وآمن.

وتوضح باثاك: «التعرض المتكرر للبرد يدرب الجسم على التنقل بين حالتي ’القتال أو الهروب‘ و’الراحة والهدوء‘. يمكن أن يترجم ذلك إلى مرونة نفسية وعاطفية أكبر».

يركز الخبراء على أن الاستمرارية أهم من الشدة. ويوصون بالبدء عند حرارة 20–21° مئوية، ثم خفض الحرارة تدريجياً حتى الوصول إلى 10–15° مئوية لمدة تتراوح بين دقيقة وثلاث.

وتقول فادالي: «التعرض لحرارة بين 10–16° مئوية لمدة دقيقة إلى ثلاث هو كافٍ للفوائد القلبية. ويجب تجنب ما دون 10° لفترات طويلة».

أما باثاك، فتوصي بإنهاء الحمام المعتاد بـ30 ثانية من الماء البارد، وزيادة المدة تدريجياً حتى تصل إلى 2–5 دقائق مع التعود.

مشاركة المقال: