أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن قرب تحقيق بلاده الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب، مؤكداً طموحه في تصدر الاقتصاد الجزائري قائمة الاقتصادات الأفريقية خلال عامين. هذا الإعلان أثار تساؤلات حول إمكانية تحقيق هذا الطموح، خاصة فيما يتعلق بالقمح اللين والتحديات الاقتصادية الأخرى.
وأشار تبون إلى أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب سيوفر للخزينة العامة ما لا يقل عن 2.5 مليار دولار، وهي قيمة استيراد القمح الصلب سنوياً. المستشار الدولي في التنمية الاقتصادية عبد الرحمن هادف يرى أن تصريح الرئيس يعكس تحسناً في السياسات الزراعية، خاصة في توسيع المساحات المزروعة ودعم المنتجين واستخدام تقنيات الري الحديثة.
ويؤكد هادف أن الأرقام الإيجابية المتوقعة لموسم الحصاد 2025 تشير إلى أن الجزائر بدأت تجني ثمار رؤيتها الجديدة لتأمين احتياجاتها الأساسية وتقليل فاتورة الاستيراد، خاصة في ظل الاضطرابات الدولية التي أثرت على سلاسل التوريد وأسعار الغذاء.
إلا أنه يستدرك بأن الجزائر لا تزال من كبار مستوردي القمح اللين، الضروري لصناعة الخبز، مما يشكل تحدياً إضافياً. ويضيف أن تحقيق الاكتفاء الذاتي الكامل يتطلب تطوير منظومة زراعية متكاملة تشمل تحسين البذور وتقنيات الزراعة وتحويل المنتج وتوزيعه.
الخبير الاقتصادي سليمان ناصر يرى صعوبة الوصول إلى اكتفاء ذاتي في إنتاج الحبوب بكل أنواعها، موضحاً أن تحقيق نسب عالية من إنتاج القمح الصلب لا يعني بالضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح اللين، الذي قد يحتاج إلى سنوات من العمل.
يشير ناصر إلى أن الاستهلاك الداخلي الواسع للخبز المصنوع من القمح اللين، بسبب انخفاض سعره، يشكل عائقاً أمام تحقيق الأمن الغذائي. ويقترح رفع سعر الخبز للقضاء على التبذير وتقليل فاتورة استيراد القمح اللين.
وحول طموح الجزائر في تصدر الاقتصادات الأفريقية، يرى الاقتصاديون أن تصريحات الرئيس تبون تعكس طموحاً مشروعاً يتطلب تعبئة شاملة واستغلال الطاقات الطبيعية والموارد المنجمية بشكل أمثل، وتسريع الانتقال الطاقوي وتطوير الصناعات التحويلية، بالإضافة إلى دعم الرقمنة والاقتصاد المعرفي وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.
ويوضح ناصر أن تصدر المشهد الاقتصادي قارياً يتطلب تحقيق معدلات نمو تلامس الـ10% بناتج داخلي خام لا يقل عن 400 مليار دولار، وهو ما يعتبر صعباً في ظل معدلات النمو الحالية.
ويشير إلى أن القضاء على الاقتصاد الموازي أو تقليصه يمكن أن يساهم في تحقيق الطموحات الاقتصادية للجزائر، حيث يشكل هذا الاقتصاد 40% أو أكثر من الاقتصاد الوطني.