الأحد, 17 أغسطس 2025 04:58 PM

الحب خلف الشاشات: كيف تتحول الحسابات الوهمية إلى علاقات عاطفية حقيقية؟

الحب خلف الشاشات: كيف تتحول الحسابات الوهمية إلى علاقات عاطفية حقيقية؟

في خضم العالم الرقمي المتسارع، أصبحت الشاشات بمثابة مرايا تعكس قلوبنا، ومساحات للتعبير عما نعجز عن البوح به وجهاً لوجه. خلف الأسماء المستعارة والصور الشخصية المجهولة، تتشكل علاقات تتجاوز الكلمات والإعجابات، ممزوجة بالوهم والحقيقة، والصمت والإفصاح. يجد الكثيرون في هذه الفضاءات الافتراضية ملاذاً لأفكارهم ومشاعرهم، هرباً من الواقع أو بحثاً عن مستمع أو قلب متفهم. يصف المختصون هذه الحالة بـ "التعلق العاطفي الرقمي" أو "العلاقات الافتراضية"، حيث تنشأ روابط وجدانية قوية دون لقاء مباشر.

أصوات من خلف الشاشات..

مريم (28 عاماً)، كاتبة محتوى، صرحت لصحيفة "الحرية": "أشعر أحياناً أن القراء الذين لا أعرفهم شخصياً يفهمونني أكثر من أقرب الناس لي. هناك من ينتظر كلماتي ويهتم بتفاصيلي الصغيرة، وهذا يمنحني دفئاً لا أجده في حياتي الواقعية."

حسام (33 عاماً)، موظف في شركة تقنية، روى لنا قصة تعلقه بشخصية على الفيسبوك، حيث كان يتابع منشوراتها يومياً ويفرح بأي تفاعل منها، رغم عدم تحدثه معها مباشرة، واصفاً الأمر بالغريب والمؤثر في الوقت نفسه.

ليلى (24 عاماً)، طالبة جامعية، أوضحت أن العالم الافتراضي أنقذها من العزلة، حيث تعرفت على أصدقاء حقيقيين من خلاله، لكنها عانت أيضاً من خيبات الأمل عندما اكتشفت أن البعض لا يعكس صورته الحقيقية على الإنترنت.

آراء المختصين بين الإيجابيات والمخاطر

أوضحت المرشدة النفسية يارا عباس في تصريح لـ "الحرية" أن وسائل التواصل الاجتماعي تمنح الأفراد فرصة للتعبير عن الذات والانفتاح على ثقافات مختلفة، وقد تكون أداة دعم نفسي إذا استخدمت بوعي. لكن الخطر يكمن في تكوين صورة مثالية عن الطرف الآخر، مما قد يؤدي إلى خيبة أمل كبيرة عند اصطدام الخيال بالواقع.

وأضافت أن التعلق العاطفي عبر الإنترنت ليس سلبياً بالضرورة، فقد يكون محفزاً للإبداع أو مصدراً للإلهام العاطفي، لكنه يصبح مشكلة حين يتحول إلى اعتماد عاطفي مفرط أو يعيق تكوين علاقات واقعية متوازنة.

تشير دراسات خبراء الإعلام الرقمي إلى أن الخوارزميات تزيد من احتمالية تعلقنا بأشخاص محددين عبر إبراز منشوراتهم باستمرار، مما يخلق شعوراً بالحميمية حتى في غياب تواصل مباشر، وهي ظاهرة تعرف في الدراسات الإعلامية باسم العلاقات أحادية الجانب الافتراضية.

بين الحقيقة والوهم..

تتعدد الأسباب التي تدفع الناس نحو هذا النوع من العلاقات، لكن العامل المشترك بينها هو الحاجة إلى الشعور بالفهم والانتماء. ومع أن هذه الروابط قد تمنحنا لحظات دفء وسط برودة الواقع، فإنها تظل هشة، معلقة بين خيوط الإنترنت، ويمكن أن تتلاشى بضغطة زر.

ويبقى السؤال: هل نحن نحب الأشخاص حقاً، أم إننا نحب الصورة التي صنعناها لهم في أذهاننا؟

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: