الأربعاء, 26 نوفمبر 2025 05:10 AM

الربابة: أيقونة الثقافة الشعبية السورية في ندوة تراثية بدمشق

الربابة: أيقونة الثقافة الشعبية السورية في ندوة تراثية بدمشق

دمشق-سانا- احتفى المركز الثقافي العربي بالعدوي في دمشق بالربابة، سفيرة النغم الشعبي، من خلال ندوة تراثية استضافت الدكتورة نجلاء الخضراء والشاعر الفنان عايش الكليب.

مصطلح الربابة ونشأتها

استهلت الخضراء الندوة بتعريف كلمة الربابة، موضحة أنها تعني في اللغة السحاب الأبيض. واصطلاحاً، هي آلة موسيقية وترية ذات وتر واحد، ويُطلق على العازف عليها اسم ربابي أو المربرب أو القاصود، بينما يُسمى صوتها بالجرة، وهو نتاج جر وتر القوس على وتر الربابة، ما ينتج وزناً شعرياً ولحناً موزوناً يلهم الشاعر.

وحول نشأة الربابة، أشارت الخضراء إلى وجود آراء متباينة بين المؤرخين حول أصلها، فمنهم من يرى أنها مصرية، وآخرون يرجحون أصولها الهندية. إلا أن الأغلبية يؤكدون أن أصولها عربية تعود إلى شبه الجزيرة العربية، وذلك بسبب وفرة المواد التي تصنع منها في البيئة العربية الصحراوية، بالإضافة إلى استخدامها في تلحين القصائد العربية المختلفة، سواء كانت قصائد رثاء أو حنين أو فخر أو دفاع عن النفس، إضافة إلى الغزليات وقصائد المديح.

كما ذكرت الخضراء أن الربابة وردت في العديد من أمهات الكتب، بما في ذلك مجموعة الرسائل للجاحظ، وقدم الفارابي شرحاً وافراً لها في أحد كتبه، وذكرها ابن خلدون في كتاباته. وقد انتقلت إلى الأندلس عندما حملها المسلمون معهم بعد فتحهم لشبه الجزيرة الإيبيرية، ومنها انتشرت في أنحاء أوروبا بأسماء مختلفة.

أقسام الربابة

أوضحت الخضراء أن طول الربابة يبلغ 80 سم، وعرضها 22 سم، وارتفاعها 5 سم، بينما يبلغ طول القوس المنحني 65 سم. ويتكون جسمها من الهيكل، والطارة (الجلد المشدود على جانبيها، وعادة ما يكون مصنوعاً من جلد الغزال أو الذئب)، والسيب (الشعر المأخوذ من ذيل الحصان)، والكراب (قطعة خشبية تستخدم للتحكم في شد وتر السيب والتحكم بالنغم)، ثم القوس، وأخيراً المخدة.

آلة الربابة في مملكة ماري

من جانبه، تحدث الشاعر الكليب عن وجود أثر تاريخي لآلة الربابة في مملكة ماري، متمثلاً في تمثال أورنينا مغنية المعبد. كما يحتفظ متحف الفنون الجميلة في مدينة بوسطن بصورة منمنمة تصور أميراً يعزف على الربابة، رسمت عام 1595، وهو دليل واضح على قدمها وأهميتها التاريخية.

كما أوضح الكليب أن الربابة تقوم على ٥ علامات موسيقية، وتعتبر أحد ركائز الجلسة العربية التقليدية، التي تتكون من السيف والقهوة والحصان، بالإضافة إلى الربابة.

ووفقاً للكليب، رافقت آلة الربابة جلسات السمر واستخدمت لنقل الرسائل بين القبائل، كما تم العزف عليها في الرثاء، فهي ذات وتر حزين يعكس مشاعر الشجن. واستخدمها أيضاً الفارس العاشق في غزله العذري.

شهدت الندوة مداخلات من الحضور الذين طرحوا أسئلة حول هذه الآلة والشعراء العرب الذين استخدموها في قصائدهم، وكيف عكست بصوتها الخام والبسيط حياة البدو والفلاحين، وقدرتها على الصمود في وجه التغريب، حتى تحولت إلى رمز للعروبة والهيبة والوحدة، وعملت على ربط الماضي بالحاضر.

يذكر أن نجلاء الخضراء باحثة متخصصة في التراث، صدر لها كتاب سحر القدس بين الحروب والأسفار، ومسارح الدمى التراثية. أما الفنان عايش الكليب فهو من مواليد الحسكة، مهتم بجمع التراث المادي واللامادي، ومدرب ومصمم لوحات فنية شعبية، ومؤسس نواة متحف للتقاليد الشعبية، ويسعى للحفاظ على الموروث التراثي في منطقة الجزيرة، ولا سيما الربابة.

مشاركة المقال: