تشهد محافظة السويداء وقراها يومها السادس على التوالي نقصًا حادًا في الإمدادات الغذائية والكهرباء والمياه، وذلك نتيجة للتوترات الأمنية التي شهدتها المحافظة خلال الأيام القليلة الماضية. وأفاد مراسل عنب بلدي في السويداء اليوم، الجمعة 18 من تموز، بتدهور الوضع الإنساني في المدينة، مع انعدام شبه كامل لخدمات الكهرباء والمياه.
وأعلنت مؤسسة مياه السويداء عبر صفحتها الرسمية على “فيسبوك” أن استئناف ضخ المياه إلى المدينة ومحيطها يعتمد على عودة التيار الكهربائي. وأشارت المؤسسة إلى توقف 14 بئرًا في تجمع آبار الثعلة عن العمل بسبب انقطاع الكهرباء عن خلية المعامل، بالإضافة إلى بئر المستشفى “الوطني”، وطريق الحج وغرب السجن المدني.
ويواجه سكان مدينة السويداء نقصًا في الخبز، حيث لا تزال أفران المدينة معطلة، بالإضافة إلى إغلاق المحال التجارية، مما يجبر السكان على الاعتماد على المؤن المنزلية المتبقية. وأوضح مراسل عنب بلدي أن المخزون الغذائي المتوفر في مدينة السويداء وقراها آخذ في النفاد، مشيرًا إلى وجود تعاون بين أهالي السويداء والبدو لتأمين المواد الغذائية.
وتشهد القرى الجنوبية في محافظة السويداء وضعًا أفضل نسبيًا من حيث توفر المواد الغذائية والخبز، بعد استئناف عمل الأفران وفتح المحال التجارية، علمًا أن هذه القرى لم تشهد توترات أمنية في الأيام الماضية. ومع ذلك، أفادت مصادر أهلية في القرى الجنوبية بأن المواد الغذائية والخبز المتوفرة لا تكفي إلا ليومين على الأكثر، نتيجة لتوقف الإمدادات الغذائية ونقص مادة الطحين.
مناشدات إنسانية
طالبت أبرشية بصرى وحوران وجبل العرب والجولان للروم الأرثوذكس بفتح معابر إنسانية لمحافظة السويداء. وأفاد بيان الأبرشية بأن محافظة السويداء، التي تضم أكثر من 300 ألف عائلة، تعاني من حالة “اختناق” بسبب نقص المياه والكهرباء والدواء والغذاء. وجاء في البيان: “كارثة إنسانية تحدث الآن، افتحوا المعابر الإنسانية، وساهموا في إنهاء الحصار”.
وقال مدير مكتب العلاقات العامة في منظمة الهلال الأحمر السوري، عمر المالكي، لعنب بلدي، إن المنظمة تستعد لإمداد محافظة السويداء بالمواد الغذائية وتقديم الأدوية والمستلزمات الطبية إلى المستشفيات، دون أن تحصل عنب بلدي على معلومات إضافية حول المساعدات الإنسانية التي ستقدم.
حركة نزوح مستمرة
شهدت قرى البدو في السويداء، الخميس 17 من تموز، اشتباكات بين مقاتلي عشائر البدو وفصائل السويداء المحلية، مما أدى إلى نزوح عدد من أهالي البدو باتجاه قرى محافظة درعا. وصرح المكتب الإعلامي للدفاع المدني التابع لوزارة الطوارئ والكوارث، لعنب بلدي، بأن الوزارة شكلت منذ بداية الأحداث في السويداء غرفة عمليات مشتركة تضم ممثلين عن الوزارات والمؤسسات الحكومية، والدفاع المدني السوري، ومنظمات محلية إنسانية ومؤسسات خدمية.
وتعمل هذه الغرفة على مدار الساعة لتقديم خدمات الإغاثة والإخلاء والإسعاف. وحتى صباح الخميس 17 تموز، تم إسعاف أكثر من 570 جريحًا ونقل 87 من الضحايا الذين قتلوا جراء التصعيد. وأفاد المكتب الإعلامي للدفاع المدني بأنه تم إجلاء مئات العائلات إلى مناطق أكثر أمانًا، وشارك في الاستجابة 90 متطوعًا مدربين ومجهزين من فرق الدفاع المدني السوري.
كما ضمت الخدمات أسطولًا ميدانيًا مؤلفًا من 17 سيارة إسعاف، وأكثر من 22 حافلة إخلاء، و10 سيارات نقل متنوعة، و6 ملاحق إطفاء، وآليات للنقل اللوجستي، بالإضافة إلى غرف تنسيق داخلية لرصد نداءات الاستغاثة وتنظيم عمليات نقل العائلات إلى الأماكن التي تحددها العائلات نفسها أو إلى مراكز إيواء مخصصة.
وأفاد مراسل عنب بلدي في درعا بأن حركة نزوح أهالي بدو السويداء لا تزال مستمرة، وتم وضع الأهالي ضمن مراكز إيواء في عدد من مدارس الريف الشرقي من محافظة درعا. وقال مدير المشاريع في منظمة الاستجابة السريعة، عبد الرحمن يحيى، لعنب بلدي، إنه تم تقديم خدمات لثلاثة مراكز إيواء، منها اثنان في بلدة غصم، وواحد في خربة غزالة. وأوضح يحيى أن المنظمة قدمت خدماتها عبر سلال غذائية فردية تشمل المياه والغذاء، بالإضافة إلى الأغطية والفرش، موضحًا أن هذه الاستجابة ستكون بشكل يومي طيلة فترة نزوح الأهالي.
جاسم العلي، مهجر من قرى السويداء ويقيم حاليًا في مركز إيواء غصم، قال لعنب بلدي، إن مجلس بلدية غصم قدم لهم مركز إيواء في مدرسة في البلدة، إضافة إلى تزويدهم بالمأكل والمشرب. وأضاف جاسم أنهم بحاجة لبطاريات شحن وأجهزة إنارة، بالإضافة إلى تأمين مرافق صحية خاصة بالنساء.
وتحدث رئيس بلدية غصم، عبد الرزاق المفعلاني، لعنب بلدي، أن البلدية باشرت منذ وصول المهجرين إلى البلدة بفتح عدد من المدارس كمراكز إيواء لهم وتقديم ما يلزم من الطعام والأغطية، مشيرًا إلى أن مجلس البلدية يتابع إدارة شؤون المهجرين في البلدة على مدار الساعة.
وعبر نضال النمر، وهو مقيم مع أكثر من خمس عائلات في إحدى مزارع بلدة علما في ريف درعا الشرقي، عن معاناته في تأمين مادة الخبز إذ يحتاج لأكثر من خمس ربطات في اليوم الواحد، يشتريها على نفقته الخاصة.
وجاءت اشتباكات مقاتلي عشائر البدو وفصائل السويداء المحلية بعد انسحاب الجيش السوري وقوى الأمن الداخلي من السويداء، وإعلان الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، تكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل بمسؤولية حفظ الأمن في محافظة السويداء.