الجمعة, 18 يوليو 2025 11:13 PM

السويداء على صفيح ساخن: اشتباكات متجددة وأزمة إنسانية متفاقمة وإسرائيل تسمح بدخول محدود للقوات السورية

السويداء على صفيح ساخن: اشتباكات متجددة وأزمة إنسانية متفاقمة وإسرائيل تسمح بدخول محدود للقوات السورية

تشهد مدينة السويداء ومحيطها تصعيداً خطيراً، حيث تدور مواجهات بين مقاتلين من العشائر والبدو مدعومين من السلطات السورية ومجموعات درزية. وتتركز الاشتباكات في محيط مدينة السويداء، جنوبي سوريا، بعد انسحاب القوات الحكومية، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان ومصادر من المتحاربين.

وأفاد المرصد بوقوع "مواجهات غربي السويداء بين مقاتلين من البدو والعشائر المدعومين من السلطات من جهة، ومقاتلين دروز من جهة أخرى". وتجري الاشتباكات تحديداً في قرية ولغا بالضواحي الغربية لمدينة السويداء، وذلك عقب إحراق ممتلكات تعود لأبناء الطائفة الدرزية في قرى المزرعة وولغا من قبل مجموعات من عشائر البدو. ولم ترد حتى اللحظة معلومات مؤكدة عن الخسائر البشرية.

وتأتي هذه المواجهات في ظل خلو القرى من السكان المدنيين نتيجة للتصعيد الأخير، مع رصد اشتباكات متقطعة قرب قرية الصورة الكبيرة بريف السويداء. في المقابل، تشهد مدينة السويداء هدوءاً حذراً، مع بقاء المدينة تحت سيطرة الفصائل المسلحة المحلية من أبناء الطائفة الدرزية. وأكد مقاتلون من الجانبين لوكالة "فرانس برس" تبادل إطلاق النار.

وفي سياق متصل، نقلت القناة الـ 12 الإسرائيلية عن مصدر سياسي قوله: "إننا سنسمح بدخول محدود للقوات السورية إلى السويداء خلال 48 ساعة". وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لصحافيين بحسب "رويترز": "في ضوء استمرار حالة عدم الاستقرار في جنوب غرب سوريا، وافقت إسرائيل على السماح بدخول محدود لقوات الأمن الداخلي (السورية) إلى محافظة السويداء لمدة الثماني والأربعين ساعة المقبلة".

على صعيد آخر، تشهد محافظة السويداء تفاقماً في الأوضاع الإنسانية، مع انقطاع شبه كامل للمياه وندرة في المواد الغذائية والأدوية. وقد دفع ذلك الأهالي إلى المطالبة بفتح معبر إنساني عاجل لتأمين احتياجاتهم الأساسية. كما يتصاعد الخطاب الإعلامي المضلل، مع انتشار الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المنصات الإعلامية، مما يؤجج مشاعر الخوف بين المدنيين ويخلق مناخاً من التوتر والاحتقان بين المكونات المجتمعية، في ظل محاولات لإثارة الفتنة وزرع الانقسام.

ويصف السكان الظروف الحالية بأنها "غير محتملة" وسط غياب الخدمات الأساسية وصعوبة الحصول على المستلزمات الضرورية للحياة اليومية. ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، أكد الأهالي أن "استمرار هذا الواقع من دون تدخل قد يؤدي إلى كارثة إنسانية، مطالبين بتأمين ممر إنساني يسمح بإدخال المواد الغذائية والطبية بشكل عاجل وآمن".

وفي 15 تموز/يوليو الجاري، أشار المرصد السوري إلى تدهور متسارع في الأوضاع الإنسانية في السويداء مع دخول الاشتباكات يومها الثاني، بين قوات تابعة لوزارة الدفاع السوريّة وعناصر من عشائر البدو من جهة، والمسلّحين المحلّيين الدروز من جهة أخرى. وقد خرج العديد من خطوط الكهرباء الرئيسية عن الخدمة، مما أدّى إلى انقطاع للتيار الكهربائي في أحياء مدينة السويداء وريفها الغربي، بالتوازي مع توقّف محطّات ضخ المياه، مما حرم الأهالي من المياه.

بالتوازي مع إغلاق المحال التجارية، تشهد الأسواق في مدينة السويداء شللاً شبه كامل، حيث أغلقت المحالّ التجارية أبوابها، خشية استهدافها بالقذائف أو السرقة، وسط نزوح عدد كبير من العائلات من المناطق القريبة من خطوط التماس، خاصة في بلدات المزرعة، كناكر والثعلة. وتُسجَّل مخاوف حقيقية من نفاد المواد الغذائية الأساسية والأدوية، في ظل تعذّر إيصال الإمدادات من خارج المحافظة، بسبب التوتر الأمني وإغلاق الطرقات الرئيسية، وفق المرصد.

وفي السياق ذاته، عبّرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عن "بالغ القلق" إزاء تأثر عملياتها الإغاثية بالأعمال القتالية التي تشهدها السويداء. وقال المتحدّث باسم المفوضية وليام سبيندلر للصحافيين في جنيف: "الوضع في السويداء مقلق للغاية. من الصعب جدّاً علينا العمل هناك… في الوقت الحالي، قدرتنا على إيصال المساعدات محدودة للغاية. ندعو جميع الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية".

وخلال الساعات الماضية، دخل مسلّحون من العشائر إلى مناطق قريبة من بلدة ذُكير، بينما تمركزت مجموعات أخرى في بلدة وَلغا غربي السويداء وقرية المزرعة، تزامناً مع اندلاع اشتباكات متقطّعة في بعض المناطق الريفية التي أُفرغت من سكّانها عقب التصعيد الأخير، في حين جرى إحراق منازل ومحالّ تعود لأفراد من الطائفة الدرزية صباح اليوم ومساء أمس.

ورصد المرصد السوري مساء أمس، انتشاراً لمجموعات من عشائر البدو في قرى "تعارة، الدور، الدويرة، والطيرة" بريف السويداء، وذلك عقب حالة الهدوء الحذر التي شهدتها المحافظة في الساعات الماضية، بعد أيام من الاشتباكات العنيفة. ويأتي تمركز مسلّحي العشائر في محافظة السويداء عقب حملة إعلامية واسعة، جرى في خلالها تداول مقاطع مصوّرة، زُعم أنها توثّق عمليات إعدام ميداني بحق عدد من أبناء عشائر البدو على يد مسلّحين من الطائفة الدرزية. وقد تبيّن صحة شريط واحد فقط، بينما تعود بقية المقاطع إمّا لضحايا من أبناء الطائفة الدرزية، وإما لأحداث وقعت سابقاً في داخل سوريا أو في خارجها، بحسب ما أفاد المرصد.

ووثّق المرصد السوري مقتل 3 مدنيين من أبناء عشائر البدو، بينهم طفل وامرأتان، على يد مسلحين من الطائفة الدرزية، فيما قُتل 304 من أبناء محافظة السويداء، بينهم 71 خلال الاشتباكات الجارية، و83 حالة صنّفت حالات إعدام ميداني على يد عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية، فيما جرى توثيق مقتل 275 عنصراً من وزارة الدفاع والأمن العام، بالإضافة إلى 15 من عناصر وزارتي الدفاع والداخلية، قتلوا جراء الغارات الإسرائيلية.

مشاركة المقال: