الخميس, 23 أكتوبر 2025 02:31 AM

السويداء: غياب الدولة يحولها إلى معقل للميليشيات ومافيا المخدرات العابرة للحدود

السويداء: غياب الدولة يحولها إلى معقل للميليشيات ومافيا المخدرات العابرة للحدود

في ظل غياب مؤسسات الدولة والأجهزة الأمنية والشرطية، تحولت محافظة السويداء إلى بؤرة لمافيا المخدرات العابرة للحدود، حيث تنشط عمليات الترويج والتجارة، مما يجعلها مصدراً رئيسياً لعدم الاستقرار والفوضى الإقليمية. هذا الفراغ الأمني، الناتج عن غياب الدولة وتصاعد التناحر بين العصابات المسلحة، يفاقم الوضع.

الهجوم الأخير الذي شنته مجموعات مسلحة على مواقع تابعة لقوات الأمن الداخلي في مناطق ولغا والمزرعة وريمة، يمثل نقطة تحول خطيرة. ورغم إعلان ميليشيا ما يسمى "الحرس الوطني" براءتها من الهجوم، واتهامها لعصابات محلية بالضلوع فيه، فإن هذا الموقف يكشف عن انقسام عميق داخل المشهد المسلح في المحافظة. السيطرة لم تعد بيد جهة واحدة، بل أصبحت متناحرة ومتنافسة، مدفوعة بمشاريع خارجية تتقاطع مصالحها على الأراضي السورية.

الأمر الأكثر خطورة هو ظهور أسلحة إسرائيلية متطورة في أيدي ميليشيا "الحرس الوطني"، مثل القناصات الحرارية الثقيلة وقواعد إطلاق الصواريخ المضادة للدروع، مما يشير إلى دعم إسرائيلي مباشر لبعض الميليشيات في السويداء.

بالتوازي مع ذلك، تشهد المحافظة تناحراً متزايداً بين الميليشيات المحلية، ولا سيما تلك المرتبطة بحكمت الهجري، في مقابل مجموعات أخرى تتصارع على النفوذ. كان آخر تجليات هذا الصراع اغتيال متزعم إحدى الميليشيات، إسماعيل الأطرش، ونجاة آخر من محاولة مماثلة، مما فجر اشتباكات دموية بين العصابات المسلحة، وأدخل المحافظة في دوامة من العنف المسلح والفوضى الميليشياوية والمافوية.

خطورة الوضع لا تقتصر على محافظة السويداء، التي أصبحت نقطة انطلاق رئيسية لعمليات تهريب المخدرات والسلاح عبر الحدود، خاصة إلى المملكة الأردنية، التي أعربت مراراً عن قلقها من تصاعد محاولات التهريب المنظمة انطلاقاً من هذه المنطقة، وصولاً إلى العمق الأردني. الأمر ذاته يشكو منه العراق أيضاً، مما يهدد الاستقرار الإقليمي.

مع تصاعد عمليات التهريب والاتجار غير المشروع بالمخدرات والسلاح عبر الحدود الأردنية والعراقية، تبدو السويداء في قلب معادلة تهدد أمن الجوار بقدر ما تهدد الداخل السوري. أما أبناء المحافظة المدنيون، فهم الحلقة الأضعف في هذا الصراع، حيث يواجهون تهديدات أمنية واقتصادية متفاقمة، وتضييقاً خانقاً من الميليشيات المسلحة التي تفرض قيوداً على حركة الأهالي وتمنعهم من مغادرة المدينة من دون إذن، مما يعكس تدهوراً غير مسبوق للحريات الفردية وتحول المجتمع المحلي إلى رهينة لعصابات مسلحة خارجة عن القانون.

رغم هذه التحديات، لم تغب مؤسسات الدولة السورية عن المشهد، بل تواصل جهودها لإعادة بسط السيطرة على المحافظة وتفعيل مؤسساتها الحكومية، من خلال تعزيز الوجود الميداني والتواصل مع الفعاليات الاجتماعية والدينية، وعزل العصابات عن المجتمع المحلي. كما تُبذل مساعٍ لتجفيف مصادر تمويل هذه الميليشيات، وتعزيز التعاون مع دول الجوار لضبط الحدود، ومنع تحول المحافظة إلى بوابة لتصدير الفوضى والجريمة المنظمة.

مشاركة المقال: