الإثنين, 10 نوفمبر 2025 01:09 AM

الصناعة السورية على مفترق طرق: هل تنقذها "الحماية الذكية" وتطلقها نحو العالمية؟

الصناعة السورية على مفترق طرق: هل تنقذها "الحماية الذكية" وتطلقها نحو العالمية؟

تواجه الصناعة السورية اليوم لحظة حاسمة، بين النهوض نحو اقتصاد سوق حر وتنافسي، أو البقاء أسيرة لضعف الإنتاجية والاعتماد على الدعم. الفرصة المتاحة ليست مجرد استقرار، بل انطلاقة نحو العولمة الصناعية، والتشريعات الحديثة، رغم عدم كفايتها بمفردها، تمثل بوابة العبور إلى عصر جديد.

الخبير الاقتصادي الدكتور عبد المعين مفتاح أوضح لـ"الحرية" أن الانتقال إلى اقتصاد السوق الحر يفترض أن يؤدي إلى دمج الصناعة المحلية في سلاسل القيمة العالمية، وتعزيز التنافسية، وزيادة الإنتاج والتصدير. لكن الواقع الحالي في سوريا يشير إلى تراجع في القطاع الصناعي، حيث لا يتجاوز النمو المتوقع لعام 2025 نسبة 1%، وينخفض مؤشر الإنتاج الصناعي العام بمعدل يتجاوز 10% سنوياً، وفقاً لبيانات البنك الدولي.

ويرى الدكتور مفتاح أن الصناعة السورية ليست على حافة الهاوية، بل على أعتاب النهضة، وأن الوضع الحالي يمثل فرصة لتحديد المصير، إما الانطلاق نحو السوق التنافسي بجرأة، أو البقاء أسرى ثقافة الدعم والجمود. وأضاف أن التعديلات التشريعية الأخيرة، رغم عدم كونها حلولاً سحرية، تمثل مفتاحاً لعصر صناعي جديد، إذا أحسنّا استخدامه.

كما يرى مفتاح أن قرار تعرفة الكهرباء الصادر في 30 تشرين الأول 2025، والذي سيرفع التكاليف على أربع شرائح، قد يغير وجه الصناعة السورية. هذا القرار جزء من خطة إصلاح واسعة للنظام الكهربائي، الذي يعاني من خسائر تصل إلى مليار دولار سنوياً. بالنسبة للصناعيين، يعني هذا القرار ضغطاً على هوامش الربح بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، ولكنه أيضاً حافز للتحديث والتجديد في القطاع الصناعي.

التحديات الكبرى التي تواجه الصناعة السورية تتمثل في ارتفاع تكاليف الكهرباء والوقود وسعر الصرف، مما يجعل التشغيل الصناعي غير منافس. كما أن الرسوم الجمركية المرتفعة على المواد الخام والآلات المستوردة تثقل كاهل الصناعيين، بالإضافة إلى هجرة الكفاءات والخبرات وبطء تنفيذ التشريعات الحديثة.

من أبرز التعديلات التي تمّت على قانون الاستثمار السوري رقم 18/2021 في 2025، إنشاء صندوق سيادي لتطوير الاقتصاد وتوسعة نطاق الاستثمار. كما تمّ طرح مسودة قانون المالية والضرائب لعام 2026، والتي تهدف إلى تبسيط النظام الضريبي وتحويله إلى ضريبة دخل موحدة.

وبحسب الخبير الاقتصادي عبد المعين مفتاح، هناك حاجة إلى تنفيذ سريع وفعال لهذه التشريعات لضمان الوصول إلى بيئة استثمارية جاذبة وقادرة على إحداث تحولات حقيقية في القطاع الصناعي. ويرى أن "الحماية الذكية" هي الحل لمساعدة الصناعة على الانطلاق إلى الأسواق العالمية بثقة، وتشمل إعفاءات مؤقتة لاستيراد خطوط الإنتاج، وتخفيضات ضريبية مرنة، وتسهيلات في الطاقة للصناعات التصديرية.

ويرى مفتاح أن على الحكومة التحرك بسرعة لتنفيذ اللوائح التنفيذية اللازمة خلال 90 يوماً، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج دعم للطاقة يكافئ المصانع المصدّرة، وإعفاءات جمركية تستهدف التحديث التكنولوجي، وبناء تحالفات دولية مع مستثمرين ذوي خبرة في الأسواق العالمية.

ويضيف د. مفتاح أن الرحلة نحو الصناعة السورية القوية تتطلب من المصانع البدء بتقييم شامل وإعادة الهيكلة خلال الأشهر الستة الأولى، والانطلاق نحو التصدير خلال سنتين من التشغيل التجريبي، وتحقيق صناعة سورية تصديرية بعلامة تجارية وطنية بعد خمس سنوات.

موجهاً رسالة لكل صناعي سوري: مصنعك الذي تراه اليوم مثقلاً بالتكاليف، يمكن أن يتحول خلال ثلاث سنوات إلى منصة تصدير تشغل مئات العائلات، وتُدخل العملة الصعبة، وتبني مجداً جديداً لسورية. الفرصة بين يديك، والأدوات على الطاولة، والباب مفتوح، ولكن النافذة لن تظل مفتوحة إلى الأبد.

وفي كل مناسبة، تقوم الحكومة السورية وكافة مسؤوليها بوضع المملكة العربية السعودية في طليعة الدول الحليفة والداعمة، وهو ما يجب أن يركز عليه أصحاب الفعاليات الاقتصادية الصناعية في سوريا، من المهم تشكيل تحالف إيجابي قوي مع المستثمرين السعوديين، وهو ما سيكون مدعوماً من قبل الحكومة السورية لتأمين مستقبل صناعتنا.

اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية

مشاركة المقال: