الخميس, 11 سبتمبر 2025 08:16 PM

الغارة الإسرائيلية على الدوحة: رسائل القوة والنفوذ في المنطقة

الغارة الإسرائيلية على الدوحة: رسائل القوة والنفوذ في المنطقة

بقلم: عدنان كامل الشمالي

لم تكن الغارة الإسرائيلية على الدوحة مجرد عمل عسكري، بل كانت بمثابة صفعة مدوية لكل من يعتقد بامتلاك سيادة أو استقلالية في المنطقة. لقد وصلت الرسالة واضحة إلى كل عاصمة عربية: القوة العسكرية هي الحكم الفيصل، وأن أي دولة خارج الفلك الأمريكي-الإسرائيلي ليست سوى ورقة مكشوفة تنتظر الاحتراق.

على الرغم من تورطها في التخطيط للضربة، تنصلت الولايات المتحدة علنًا من أي مسؤولية مباشرة، في محاولة لتجنب التداعيات السياسية أمام العالم العربي والمجتمع الدولي. وفي الوقت نفسه، أرسلت رسائل قوية تؤكد دعمها الكامل لإسرائيل، محذرة أي دولة عربية من التحرك بشكل مستقل خارج نطاق النفوذ الأمريكي-الإسرائيلي.

أنفقت قطر أكثر من 19 مليار دولار على أحدث منظومات الدفاع الجوي والمقاتلات، لكنها فشلت في صد الضربة. والسبب واضح: هذه المنظومات ليست ملكًا لها، بل هي أدوات إلكترونية تخضع لبرمجيات وسيطرة أمريكية كاملة. فالمليارات لم تمنحها قوة حقيقية، بل أكدت تبعيتها المطلقة.

كانت الرسائل واضحة وصارخة: أي دعم لحماس أو أي تحرك فلسطيني مستقل مقيد بحدود صارمة، وأي سياسة خارج النفوذ الأمريكي-الإسرائيلي ستكون مكلفة ومهددة للاستقرار. القوة وحدها هي الحاكم، والشرعية الدولية غالبًا ما تكون مجرد شعار بلا مضمون، والقرار العسكري والسياسي في المنطقة محكوم لمن يمتلك اليد العليا.

أما الموقف العربي، فكما هو الحال دائمًا، اقتصر على الشجب والإدانة والاستنكار، تصريحات رتيبة تفتقر إلى أي تأثير عملي، مما يبرز هشاشة القدرة العربية على مواجهة الضغوط الأمريكية-الإسرائيلية. المواطن العربي اليوم ليس مجرد متفرج، بل هو ضحية مباشرة لهذه اللعبة القذرة، محاصرًا بين صمت قادته وخذلانهم.

كشفت الغارة بوضوح الواقع المرير: الأمة العربية تواجه مفترق طرق. لا سبيل للتخلص من الذل والتبعية وكسر اليد الطويلة لإسرائيل تحت غطاء القوة الأمريكية، إلا بتوحيد الكلمة والموقف العربي. ففي التشرذم والهوان تكمن قوة خصومنا، وفي توحيد الكلمة والموقف تكمن فرصتنا الوحيدة لاستعادة الكرامة ورسم مستقبل نصنعه بأيدينا، لا يفرض علينا من الخارج.

لم تكن هذه الغارة مجرد حدث عابر، بل هي مرآة صارخة تكشف هشاشة السيادة العربية، وقوة الخصوم، والحاجة الملحة إلى موقف عربي موحد وفاعل. كل لحظة صمت أو تكرار للشجب دون فعل عملي، هي فرصة تُمنح للقوة الأمريكية-الإسرائيلية لتعميق هيمنتها.

المواطن العربي مطالب اليوم بأن يرى الحقيقة كاملة، وأن يفهم أن استعادة الكرامة ليست مجرد كلمات، بل مسار يتطلب تحركًا جديًا وعقلًا مستنيرًا.

(موقع اخبار سوريا الوطن-1)

مشاركة المقال: