الإثنين, 28 يوليو 2025 04:21 PM

الكشف عن تفاصيل اختفاء الضابط محمد ثابت ديب: من الاعتراض على التوريث إلى تهمة التجسس

الكشف عن تفاصيل اختفاء الضابط محمد ثابت ديب: من الاعتراض على التوريث إلى تهمة التجسس

محمد ثابت ديب، من مواليد تل أبيض – الرقة عام 1968، والمسجل مدنيًا في القرداحة (بسين خ/73)، ضابط برتبة مقدّم في الحرس الجمهوري، قضى أكثر من عشرين عامًا في الخدمة العسكرية. عُرف بنزاهته ورفضه للفساد والمحاباة.

ساهمت عدة عوامل في ملاحقته أمنيًا، منها زواجه من امرأة من مدينة دوما – ريف دمشق، مما أثار حساسية الأجهزة الأمنية تجاهه، وأعطى صورة سلبية عنه داخل النظام، خاصة مع تصاعد الانقسام الطائفي والسياسي.

بدأت قصة اعتقاله بموقف سياسي واضح، حين عبّر عن رفضه لتوريث الحكم لبشار الأسد، وانتقد الإدارة العسكرية وسوء تدبير البلاد، بالإضافة إلى رفضه تنفيذ أوامر عسكرية اعتبرها مخالفة لأخلاقيات المهنة.

في الأسبوع الأول من تموز/يوليو 2007، استُدعي محمد ثابت ديب إلى مكتب قائد الحرس الجمهوري آنذاك، اللواء علي عبد الله أيوب، حيث اعتُقل مباشرة. وفي اليوم نفسه، فتشت دورية أمنية بقيادة اللواء رفيق شحادة منزله في مساكن الحرس – قدسيا (محضر 64)، واعتُقلت زوجته (من مواليد دوما – دمشق)، التي خضعت لتحقيق لمدة عشرة أيام في فرع فلسطين والمجمّع الحكومي في كفرسوسة، قبل إطلاق سراحها.

نُقل محمد ثابت ديب بين عدة فروع أمنية: شعبة المخابرات – فرع 248، شعبة المخابرات – فرع 235، شعبة المخابرات – فرع 293 (فرع الضباط)، وكان اللواء آصف شوكت يشرف على قضيته مباشرة.

في 30/11/2008، أصدرت محكمة الميدان العسكرية حكمًا بالسجن المؤبد عليه، بتهم منها التجسس لصالح دولة أجنبية (التهمة الرئيسية)، الرشوة، التزوير، واستعمال وثائق مزورة. وشملت العقوبات تجريده من الحقوق المدنية، والحجر المدني الكامل، ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة. ووقع الحكم القاضي العسكري محمد كنجو حسن، وصدّق عليه اللواء محمد نبيل السكوتي في 2 كانون الأول 2008.

بعد الحكم، نُقل إلى سجن صيدنايا – الجناح السياسي الأحمر، حيث بقي حتى عام 2012، ثم نُقل إلى سجن حلب المركزي. وفي إحدى زيارات عائلته النادرة، تمكنوا من رؤيته للمرة الأخيرة وجهًا لوجه.

في سجن حلب، عانى من ظروف قاسية، وكان في جناح سياسي مغلق رفض فيه المعتقلون الخروج أو التعاون مع قوات النظام. ونتيجة لذلك، استخدمت الشرطة القنابل داخل المهاجع لتصفية المساجين، خاصة في المهجع الذي كان فيه.

انخفض وزنه إلى 50 كيلوغرامًا، على الرغم من كونه رياضيًا ولاعب كمال أجسام سابقًا. ورغم الجوع وسوء التغذية، بقي حيًّا بفضل قوته البدنية. تمكن من تهريب هاتف نقال، وكان آخر اتصال منه في حزيران/يونيو 2014، قال فيه: "تحرر السجن من الحصار، ورح ياخدونا بالتياب الداخلية، ما منعرف لوين. أجى سهيل الحسن وطلبني بالاسم... ادعولي." وبعد شهر، تواصل مجددًا من سجن عدرا، وطلب زيارة وأدوات شخصية. وعند ذهاب العائلة، قيل لهم إنه غير مسجَّل في السجن. لاحقًا، وبعد دفع رشاوى لبعض الحراس، تبيّن أنه أعيد إلى صيدنايا في تموز/يوليو 2014، ومنذ ذلك التاريخ انقطعت أخباره.

في عام 2013، وقبل اختفائه النهائي، أرسل محمد ديب رسالة عبر تطبيق "ماسنجر" إلى شقيقه، عبّر فيها عن موقفه الأخلاقي والوطني، وقال: "لا أريد أن أخرج من هذا الجناح، وسأموت مع هؤلاء الذين عشت معهم سنين طويلة... أريدك أن تخبر أهلي أني لست خائنًا، وأني أفضل أن أموت مظلومًا على أن أخون." ثم أضاف: "ليس كل علوي خائن. هناك أحرار من الطائفة مثال يُحتذى به."

يناشد ابنه يوشع وعائلته جميع الجهات الإنسانية والحقوقية، ولا سيما المعتقلين والمعتقلات السابقين الذين قد يكونوا التقوا به في أي من الفروع الأمنية أو السجون، والهيئة الوطنية السورية لشؤون المفقودين والمغيبين قسرًا، للنظر فيما إذا كانت قد وصلت إليها ملفات أو إشارات يمكن أن تساعد في تحديد مصيره.

تأمل العائلة بالحصول على أي معلومة، قد تضيء جانبًا من مصير والدهم المختفي قسرًا. وتطالب بالكشف الفوري عن مصير محمد ثابت ديب، وإدراج اسمه ضمن قوائم المختفين قسرًا، وفتح تحقيق في قضيته، وضمان محاسبة كل من تورّط في اعتقاله، ومحاكمته غير العادلة، وإخفائه القسري.

محمد ثابت ديب كان ضابطًا مهنيًا ملتزمًا، اعترض على الفساد، وانتقد توريث الحكم، وتمسك بمبادئه. فكان مصيره التغييب، والتشويه، والاختفاء في دهاليز النظام. المحامي عروة السوسي - زمان الوصل

مشاركة المقال: