يحذر علي عبود من أن معظم حكومات العالم، وفي مقدمتها الحكومات العربية، تسعى جاهدة للحصول على معونات أمريكية مجانية أو تتودد لأمريكا للحصول على قروض من صندوق النقد والبنك الدوليين. على الرغم من تأكيد الإدارات الأمريكية المتكرر على عدم وجود مساعدات مجانية، فإن الحكومات العربية مستعدة لدفع الثمن، حتى على حساب سيادتها ونهب ثرواتها، مما يجعلها تقع في "مصيدة المعونات الأمريكية القاتلة".
يشير الكاتب إلى أن نتائج الحرب في أوكرانيا دليل واضح على "تدفيع" حكومتها ثمن المساعدات العسكرية واللوجستية التي تلقتها، لتكون واجهة للحرب الأطلسية ضد روسيا. ويؤكد أن المساعدات الأمريكية لعبت على مدى العقود الماضية دورًا تخريبيًا في الدول النامية بهدف نهب ثرواتها وإيصال حكومات تابعة لها إلى السلطة. وعندما فشلت "مصيدة المعونات" في إخضاع بعض الدول التي استمرت في رفض الهيمنة الأمريكية، سعت أمريكا إلى إثارة الاضطرابات الداخلية وتدمير النسيج الاجتماعي، وأحيانًا عن طريق الغزو العسكري أو فرض عقوبات اقتصادية خارج إطار الأمم المتحدة.
ويلفت المقال إلى أن رسالة أمريكا منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية لحكومات العالم الفقيرة كانت: "المعونات مقابل الخضوع!"، أما رسالتها للدول الغنية فهي: "ضخوا ملياراتكم في أمريكا مقابل حمايتكم واستمراركم في السلطة!"
ويشير الكاتب إلى أنه في الأشهر الأخيرة، ارتفعت أصوات المحللين المروجين لنهج "مصيدة المعونات الأمريكية"، بينما خفتت أصوات المحذرين من الوقوع في شباكها، على الرغم من تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية والنقدية في الأنظمة التي تعتمد على المعونات الأمريكية وقروض المؤسسات المرتهنة لأمريكا. ويضيف أن محللين وسياسيين أمريكيين حذروا منذ ثمانينات القرن الماضي من الاعتماد على المعونات الأمريكية، مؤكدين أنها مصيدة تجعل من يقع فيها غير قادر على قول "لا" لسياسات أمريكا في المنطقة، وهو ما يحدث حاليًا، وتحديدًا في ولاية إدارة دونالد ترامب.
ويوضح المقال أن الولايات المتحدة باتت تعلن عن إعادة النظر في المعونات التي تقدمها للدول "المتمردة" إذا ترددت في تأييد المواقف الأمريكية تجاه قضايا تؤثر سلبًا على مجتمعاتها أو تهدد أمنها القومي، ويذكر مثال رفض بعض الأنظمة العربية سياسة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى أراضيها.
ويؤكد الكاتب أنه لا تستطيع أي دولة وقعت في "مصيدة المعونات والقروض" أن تعارض القرارات والسياسات الأمريكية، حتى لو ألحقت الضرر بمصالحها وباستقرارها على المدى الطويل. ويشير إلى أن بعض الأنظمة العربية راهنت منذ سبعينات القرن الماضي على الدعم الأمريكي لاستقرارها ونمو اقتصادها ورفاهية شعوبها، ولكن النتيجة كانت الغرق في الديون والوقوع في "مصيدة المعونات" وانتشار الفقر والبطالة وتراجع الدور الإقليمي.
ويختتم المقال بالإشارة إلى أن هناك دولًا قالت "لا" للمعونات والقروض لأنها تعرف أنها قد تكون سخية وبلا شروط في البداية، ولكنها سرعان ما تصبح أسيرة هذه المعونات ولا تستطيع ضمان تدفقها إلا بتأييد السياسات الأمريكية. ويتساءل: متى ستجرؤ الحكومات العربية على إخراج دولها من "المصيدة الأمريكية" والعودة إلى سياسات الاعتماد على الذات لتحقيق التنمية الفعلية لرفاهية شعوبها واستعادة دورها الفاعل في محيطها الإقليمي؟
(موقع اخبار سوريا الوطن-1)