طرطوس-سانا: يتربع "برج الصبي" على تلة صخرية ترتفع 25 متراً فوق سطح البحر، على بعد كيلومترين غرب قلعة المرقب الشهيرة في بانياس بمحافظة طرطوس. يعتبر البرج نموذجاً للمعالم التي شيدت في أواخر القرن الثاني عشر الميلادي، ولا يزال حتى اليوم شاهداً أثرياً وسياحياً يروي فصلاً من تاريخ الساحل السوري وحكايات البحر والقلعة.
خط دفاعي متقدم
أوضح المهندس مروان حسن، رئيس دائرة الآثار في طرطوس، في تصريح لـ"سانا" أن البرج كان يمثل خطاً دفاعياً متقدماً لقلعة المرقب. بُني البرج على شكل مربع بأبعاد متساوية (16.2 × 16.2 متراً)، ويصل ارتفاعه إلى 18 متراً، ويتألف من طابقين، أحدهما يحتوي على خزان محفور في الصخر. وأشار حسن إلى أن الوظيفة الأساسية للبرج كانت المراقبة وإعاقة أي تحركات عسكرية معادية باتجاه القلعة. وأضاف أن تصميمه يتضمن مرامي سهام وشرفات حجرية دفاعية من مختلف الجهات والزوايا.
هندسة معمارية دقيقة
شُيّد البرج بشكل أساسي من الحجارة البازلتية، مع استخدام الحجارة الرملية في الأقواس والشرفات الدفاعية، والحجارة الكلسية في قوائم الفتحات وبعض الجدران الداخلية. المونة الكلسية التي ربطت الأحجار مطابقة لتلك التي استخدمت في قلعة المرقب، مما يعكس وحدة الطابع المعماري بينهما.
ترميم وصون للتراث
أُدرج "برج الصبي" على قائمة التراث الوطني منذ عام 1958، وخضع لعدة مراحل من الترميم في أعوام 2001 و2004 و2006، حيث جرى سد الفجوات الجدارية وإصلاح الأجزاء المتصدعة باستخدام مواد بناء مطابقة للأصل. ويؤكد حسن أن البرج لا يزال بحاجة إلى أعمال ترميم إضافية ليكون مؤهلاً بشكل أفضل لاستقبال الزوار.
رمز واسم
حول سبب التسمية، يشير الباحثون إلى روايتين: الأولى تقول إن البرج شُيّد على يد ابن أحد الملوك، أما الثانية فترى أنه سُمّي "الصبي" لأنه يشبه الابن الصغير لقلعة المرقب الأم، نظراً لصغر حجمه مقارنة بضخامتها.
تُعد منطقة بانياس وريفها من أغنى المناطق السورية بالمعالم الأثرية والقلاع البحرية، التي تعكس الصراع الطويل على سواحل شرق المتوسط خلال العصور الوسطى. ويشكّل "برج الصبي"، مع قلعة المرقب ومجموعة الأبراج المحيطة بها، جزءاً من شبكة دفاعية كانت تتحكّم بخطوط التجارة والملاحة، ما يمنحه قيمة تاريخية وسياحية بارزة اليوم.