أ. د. جورج جبور
أكتب هذا المقال بعد مرور أسبوعين على التصريحات الخطيرة التي أدلى بها نتنياهو (12 آب 2025) بشأن فهمه لأمور المنطقة، وهو صاحب القرار الذي بموجبه تتحرك أهم قوة عسكرية فيها. أرى أن هذه التصريحات لم تحظ بالاهتمام العام الكافي.
قد لا يكون ما قاله نتنياهو كافيًا لعقد قمة عربية، لكنه يكفي لإصدار بيان عن القمة. صحيح أن نظامنا العربي لم يعتد إصدار بيانات عن القمم، ولكن تصريحات 12 آب تمثل حافزًا جيدًا لإدخال هذا التقليد المفيد.
صرح نتنياهو ولم ينتج عن تصريحه ردود فعل عربية كافية، على حد ما أرى. هل ثمة وحدة مشاعر عربية؟ قومية عربية؟ وحدة عربية؟
ذات يوم كنت رئيسًا للطلبة العرب في جامعة كولورادو. كنا في شبه توافق نحن الآتين من عدة دول عربية. توجه وفد منا إلى مؤتمر الطلبة العرب في ميشيغان صيف 1962. كانت الانشقاقات بين الطلبة العرب واضحة. أثرت الأمر مع شخصية المؤتمر الأولى فكانت إجابته رائعة: "إنه مؤتمر ناجح. لم نضطر إلى استدعاء الشرطة".
شرطة أمريكا بين البعثيين والناصريين، واليوم الأمم المتحدة بين جبل توحيد سورية وبين سورية؟
لطفك يا رب.
كيف يتوحد العرب؟
في مشروعي لمؤسسة دراسات الوحدة العربية أصررت على البدء بالتعرف على الوصف الذي تراه كل دولة لنفسها من خلال دستورها ووثائقها الأساسية.
تبدأ الوحدة بالهوية، وتبدأ الهوية باللغة.
لم تحدث مؤسسة دراسات الوحدة العربية بعد سنوات من مقال "المعرفة"، أنشئ مركز دراسات الوحدة العربية.
في أول برنامج للمؤسسة، دراسة الانتماء عبر الدساتير. فعلت ذلك في محاضرات على طلاب الماجستير في معهد البحوث والدراسات العربية في القاهرة. الكتاب في طبعته الرابعة عن ذلك الموضوع جاهز لمن يشاء على موقع هيئة الكتاب السورية.
ونشط مركز دراسات الوحدة العربية في الإضاءة على كثير من مشاغل ومشاكل الدول العربية، وأفاد. وقد تقول: أبدع.. ثم في أواخر أيام مؤسس المركز، د. خير الدين حسيب، رحمه الله، كنت عضوًا في لجنة تعنى بصياغة مشروع دستور لاتحاد عربي متخيل.. لا بد من الأساس وهو الدستور الذي يحدد أساس الهوية المتفق عليها.
مؤسسة ومركز والوحدة العربية تبتعد.
ويكون في العالم 7 ت أول 2023 الذي صدق الأمين العام للأمم المتحدة حين قال عنه إنه لم يأتِ من فراغ.
ويأتي 8 ت أول بعد السابع منه، ويستمر معنا، يبيدنا، يمارس العرقبادة علينا، إلى اليوم.
فما الخلاصة؟
بعشرات الآلاف أعداد الضحايا، والهوية العربية تراقب بصمت يوحي بالغياب.
وفي لجة الغياب يتصاعد تحرك هويات محلية تتحفز.
12 آب وتوضع على الطاولة بل على الأرض ملامح وحدة جديدة من النيل إلى الفرات.
بماذا ينشغل مركز دراسات الوحدة العربية عن تصريحات 12 آب 2025؟
بماذا تنشغل الجمعية العربية للعلوم السياسية التي وضع حجر تأسيسها في معهد البحوث والدراسات العربية بعد أقل من ستة أسابيع على زيارة الرئيس السادات للأقصى؟
اسأل عن عمل هيئات غير حكومية. لكن السؤال الأهم: أين القمة العربية من تصريح 12 آب؟
هل اقترح؟ نعم.. اقترح متابعًا اقتراحًا قديمًا:
لماذا لا نعطي التصريح استحقاقه الكلي فتكون لنا قمة عربية كاملة الأوصاف في 2 تشرين ثاني 2025، ولتكن المدة منذ اليوم إلى 2 تشرين ثاني منشغلة بكتابات مفكرينا، مدعوين من أمانة جامعة الدول العربية، لاستجلاء ما يمكن أن يستجلى بدءًا من 1917 بل من 1840 إلى لحظة الكتابة هذه؟
كاتب المقال: صاحب مقال "مؤسسة دراسات الوحدة العربية" مجلة المعرفة الشهرية السورية. أيلول 1972. دمشق. صباح 27 آب 2025. (موقع اخبار سوريا الوطن-1)