الجمعة, 21 نوفمبر 2025 10:54 PM

بعد 14 عامًا من الانقطاع: سوريا تعود إلى نظام سويفت المالي العالمي.. ما هي التداعيات الاقتصادية؟

بعد 14 عامًا من الانقطاع: سوريا تعود إلى نظام سويفت المالي العالمي.. ما هي التداعيات الاقتصادية؟

أعلن حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر الحصرية، اليوم الجمعة، عن استئناف العمل بنظام المدفوعات الدولي سويفت (SWIFT) بعد توقف دام 14 عامًا. وأكد أن المصرف المركزي قد وجه بالفعل أول رسالة رسمية إلى جميع مراسليه حول العالم عبر هذه الشبكة المالية الدولية، معتبرًا هذه الخطوة تحولًا هامًا في القطاع المصرفي السوري منذ بدء العقوبات.

وأوضح الحصرية أن هذه العودة تمثل نقطة تحول في إعادة دمج النظام المالي السوري في المنظومة المصرفية العالمية، حيث تعيد الاتصال المباشر بين المصرف المركزي والمؤسسات المالية الدولية بعد عزلة استمرت قرابة عقدين. وقد أُرسلت أولى الرسائل إلى البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في نيويورك، وتم تأكيد استلامها، مما يعني عودة سوريا إلى قنوات التراسل المالي الدولي وفقًا للمعايير العالمية المعتمدة.

وأشار الحصرية إلى أن المصرف المركزي عمل خلال الأشهر الماضية على إعادة تأهيل الكوادر الفنية من خلال برامج تدريب مكثفة لتعويض نقص الخبرات الناتج عن التقاعد، وتأمين فريق قادر على تشغيل النظام بكفاءة عالية. وأكد أن عودة سويفت ستسمح للمستثمرين بتحويل رؤوس الأموال وجلب الأرباح وقيم المستوردات بسهولة، بالإضافة إلى تمكين المودعين من استقبال الحوالات الخارجية بشكل طبيعي، مما يعيد للمصرف دوره الطبيعي في إدارة العلاقات المالية الخارجية.

وفيما يتعلق بالانعكاسات الاقتصادية المباشرة، أكد الحصرية أن استئناف العمل بسويفت يمنح سوريا فرصة لإعادة توظيف احتياطاتها الخارجية والحصول على عوائد منها، بالإضافة إلى البدء بإجراءات استعادة الأموال المجمدة في الخارج. كما أكد إحراز تقدم كبير في تطوير منظومة مكافحة غسل الأموال، وإرسال طلب رسمي لفتح حساب خاص بالمصرف لدى الاحتياطي الفيدرالي وتعيين مستشارين لمتابعة الملف، مؤكدًا أن ما جرى اليوم يشكل بداية مسار جديد يعزز الثقة بالاقتصاد الوطني ويدعم خطط التعافي.

ما هو نظام سويفت؟ نظام SWIFT هو شبكة الاتصالات المالية العالمية بين البنوك، ويربط أكثر من 11 ألف مؤسسة مالية في 200 دولة، مما يجعله العمود الفقري للتحويلات المصرفية الدولية. تعتمد عليه البنوك لتبادل الرسائل المالية وإجراء المدفوعات عبر الحدود بطريقة آمنة وسريعة وموثوقة.

لماذا كان توقفه مشكلة كبرى لسوريا؟ انقطاع سوريا عن سويفت منذ العام 2011 خلق عوائق كبيرة أمام الاقتصاد، أبرزها صعوبة تحويل الأموال من وإلى البلاد، وغياب التواصل المباشر مع المصارف المراسلة، وتقييد حركة التجارة والاستيراد، وارتفاع كلفة التحويلات عبر وسطاء، إضافة إلى بطء كبير في عمليات الاستيراد والتصدير. ونتيجة لذلك، شكل غياب النظام عائقًا أساسيًا أمام المستثمرين والقطاع الخاص والمصارف العاملة في سوريا، مما أدى إلى تجميد جزء كبير من الحركة الاقتصادية.

ماذا يعني عمليًا عودة سوريا إلى نظام سويفت؟ عودة سوريا إلى النظام المالي الدولي تحمل دلالات اقتصادية وسياسية عميقة. فهي أولًا تعيد دمج البلاد في الشبكة المصرفية العالمية، وترسل إشارة واضحة على انتهاء مرحلة العزلة المالية. كما تسمح للمستثمرين والتجار بإجراء التحويلات الخارجية دون الحاجة إلى وسطاء مكلفين أو طرق غير آمنة، وتوفر قناة قانونية لدخول رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية المهاجرة.

وتدعم هذه العودة التجارة الخارجية عبر خفض تكاليف الاستيراد والتصدير وتسريع عمليات الدفع بين الشركات، كما أنها تعزز مصداقية القطاع المصرفي السوري أمام المؤسسات الدولية. ويضاف إلى ذلك فتح الباب أمام استعادة الأموال السورية المجمدة في الخارج، وهو ملف يرتبط ارتباطًا وثيقًا بعودة الاعتراف الدولي بالمراسلات المالية السورية.

يمثل استئناف عمل نظام سويفت في سوريا حدثًا اقتصاديًا مفصليًا، يتجاوز كونه خطوة تقنية إلى كونه إعلانًا رسميًا عن بدء مرحلة جديدة من إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي. تصريحات حاكم المصرف المركزي تعكس توجهًا واضحًا نحو إعادة بناء الثقة المحلية والدولية، وتسهيل حركة رؤوس الأموال، وتهيئة بيئة استثمارية أكثر جذبًا للمستثمرين السوريين والأجانب.

ورغم رمزية الحدث، إلا أنه يحمل تأثيرات عملية مباشرة ستظهر خلال الشهور المقبلة، مع توسع العلاقات المالية، وانخفاض تكاليف التحويلات، وتسريع عجلة الاستيراد والتصدير، وخلق بيئة محاسبية وقانونية تتوافق مع المعايير الدولية. عودة سويفت ليست نهاية الطريق، بل هي بداية مرحلة اقتصادية جديدة لسوريا، تعيد وصل البلاد بالعالم بعد سنوات طويلة من الانقطاع.

مشاركة المقال: