الجمعة, 15 أغسطس 2025 03:20 PM

تحركات تركية تثير التساؤلات حول مستقبل المفاوضات بين دمشق و"قسد" واحتمالات التصعيد

تحركات تركية تثير التساؤلات حول مستقبل المفاوضات بين دمشق و"قسد" واحتمالات التصعيد

أثارت التصريحات الحادة التي أدلى بها وزير الخارجية التركي ​هاكان فيدان​ بشأن ملف "​قوات سوريا الديمقراطية​" تساؤلات عديدة حول مستقبل المفاوضات الجارية بين السلطة الانتقالية في دمشق والإدارة الذاتية في شمال شرق البلاد. يدرك الجميع أن أي مواجهة بين الطرفين ستكون "المعركة الكبرى" بعد الأحداث التي شهدتها الساحل والسويداء.

يعتبر هذا الملف من أصعب الملفات التي تواجه دمشق، نظراً لتداخل عدة عوامل مؤثرة، أهمها القوة العسكرية والتجربة التي يتمتع بها الطرف الآخر، بالإضافة إلى الدعم الذي يتلقاه من جهات خارجية، خاصةً أنه الحليف الأبرز للتحالف الدولي لمحاربة الإرهاب منذ سنوات.

في ظل الأزمات الداخلية التي تعيشها سلطة دمشق، كان المؤتمر الذي نظمته "قسد" تحت عنوان "وحدة الموقف لمكونات شمال وشرق سوريا" بمثابة تحول بارز. فتح هذا المؤتمر الباب أمام التساؤلات حول وجود بديل منظم قادر على رعاية حوار وطني بين مختلف مكونات البلاد.

ترى مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن الأهم هو أن هذا البديل يتمتع بعلاقات مع المجتمع الدولي منذ سنوات، على عكس السلطة المؤقتة التي لديها تاريخ من الانتماء إلى منظمات إرهابية. لقد فشلت السلطة المؤقتة، حتى الآن، في تقديم النموذج القادر على تأمين الاستقرار الداخلي، وهو أمر حاسم في الدعم الذي تتلقاه من بعض الجهات الدولية والإقليمية، حيث تعتبر الفوضى في سوريا خطاً أحمرَ بسبب التداعيات المحتملة على مصالحها.

ترى هذه المصادر أن قدرة "قسد" على أن تكون عامل جذب لمختلف المكونات الأخرى، التي لا تزال ترى أن السلطة المؤقتة تشكل خطراً وجودياً عليها، هو ما يفسر ردة فعل دمشق. وقد تجلى ذلك في مشاركة الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا الشيخ حكمت الهجري ورئيس المجلس العلوي الأعلى في سوريا والمهجر الشيخ غزال غزال في المؤتمر.

بناءً على ذلك، ترى المصادر نفسها أن التوازن الداخلي لم يعد يصب في صالح السلطة المؤقتة، بغض النظر عن الدعم الخارجي الذي لا تزال تحظى به، والذي يأتي أصلاً انطلاقاً من دور وظيفي مرتبط بمصالح تلك الجهات. وبالتالي، إذا وجدت هذه الجهات أن مصالحها مهددة، فقد تتخلى عن دعمها، كما فعلت عندما قررت التغاضي عن تاريخها بعد سقوط النظام السابق لفتح الباب أمام تسلمها السلطة.

حتى الآن، يمكن اعتبار التصعيد في اللهجة من قبل دمشق وأنقرة بمثابة ضغط سياسي يهدف إلى دفع "قسد" إلى تقديم تنازلات. إلا أن ذلك لا يلغي فرضية التورط في مواجهة عسكرية، على الرغم من أن هذا الاحتمال لا يزال مستبعداً بسبب التوازنات القائمة والنتائج المحتملة، خاصةً أن المصالح التركية قد تتطلب التوصل إلى تسوية.

تذهب مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى القول إن أحداث السويداء كانت الضربة الأساسية التي تعرضت لها السلطة الانتقالية، بسبب انعكاساتها على موقف مختلف المكونات، وهو ما استغلته "قسد" للتمسك بمطالبها، خاصةً أنها باتت تدرك الواقع الذي تمر به السلطة الانتقالية.

تذكر هذه المصادر أن توقيع الاتفاق مع "قسد" في 10 آذار الماضي جاء مباشرة بعد أحداث الساحل، ما فُسر على أنه رغبة من دمشق في الحد من تداعيات تلك الأحداث، خاصةً أن جهات خارجية داعمة لها ضغطت من أجل دفعها إلى تقديم تنازلات. لكنها تشير إلى أن ما بعد أحداث السويداء تبدلت الصورة، نظراً إلى أن "قسد" باتت في موقع أقوى محلياً.

في المحصلة، ترى المصادر نفسها أن دمشق ستواجه في المرحلة المقبلة مجموعة من السيناريوهات، تبدأ من تقديم تنازلات قد لا ترضي أنقرة، أبرز الداعمين لها، أو الذهاب إلى صدام عسكري مع "قسد" قد تكون له تداعيات خطيرة، أو ترك الأمور ضمن مسارها الحالي، أي الرهان على الوقت، الذي قد لا يكون في صالحها إذا لم تبادر إلى خطوات لتحسين أوضاعها الداخلية.

موقع النشرة

مشاركة المقال: