الخميس, 21 أغسطس 2025 10:51 PM

تحولات سياسية في السويداء واتجاه نحو حوار مع دمشق بعد لقاء باريس: ما الجديد؟

تحولات سياسية في السويداء واتجاه نحو حوار مع دمشق بعد لقاء باريس: ما الجديد؟

تزامنت تحركات السويداء مع توقيت باريس، وشهدت المنطقة تحولاً في التوجهات عقب اجتماع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر. هذا اللقاء حمل متغيرات مهمة تستدعي التوقف عندها وتحليل نتائجها، لأنها ستؤثر بشكل كبير على مستقبل السويداء والجنوب السوري على المدى الطويل.

لم تنشر الحكومة الإسرائيلية تفاصيل الاجتماع، لكن وسائل إعلام سورية رسمية نقلت معلومات مهمة، مشيرة إلى أن الشيباني وديرمر أكدا "وحدة الأراضي السورية" ورفض أي مشاريع لتقسيمها، مع التركيز على أن السويداء "جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني السوري". هذا الموقف يتماثل مع ما نقلته وسائل إعلام عن مصادر دبلوماسية، ويعتبر موقفاً جديداً من إسرائيل.

تزامن هذا الموقف مع معلومات نشرتها وسائل إعلام تفيد بأن الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز في إسرائيل موفق طريف دعا أحد مشايخ العقل في السويداء حكمت الهجري إلى العمل على التوصل إلى اتفاق مع السلطات السورية. هذا يعكس اتجاهاً عاماً يشير إلى أن إسرائيل لا تدعم انفصال السويداء عن سوريا أو إقامة كيان درزي مستقل.

مصدر متابع لشؤون السويداء لا يستغرب الموقف الإسرائيلي، بل يرى أن تل أبيب "حققت أجزاء من هدفها في الجنوب السوري" من خلال تعزيز الخلاف بين الدروز ومحيطهم، والاشتباكات التي وقعت، والتدخل العسكري، مما أدى إلى ترسيخ معادلات أمنية جديدة تمنع قوات وزارة الدفاع من الانتشار جنوبي البلاد، وتحويل المنطقة إلى منطقة منزوعة السلاح الثقيل.

يذكر أن طريف التقى ديرمر في باريس قبل لقاء الأخير مع الشيباني، وطلب منه ضمانات متعلقة بالدروز. لكن المصادر ترى أن هذا الموقف إعلامي موجه إلى الدروز، لأن إسرائيل "لا تعيش هاجس حماية أقليات سوريا". الترتيب السياسي في الجنوب السوري يقضي بأن تكون المنطقة آمنة ومنزوعة السلاح ولا تشكل خطراً على إسرائيل، مع بقاء الشؤون الاقتصادية والإدارية سورية وتحت مسؤولية دمشق.

يرى المصدر أن إسرائيل "لم ترد حماية الدروز بل الاستثمار بهم"، وأن الموقف المستجد يشير إلى أن "الاستثمار انتهى" والمشاريع في سوريا "سلكت طريقها"، وبالتالي لم يعد الإسرائيليون "بحاجة إلى الدروز". لذلك شدد ديرمر مع الشيباني على "وحدة سوريا" ودعا طريف الهجري إلى الاتفاق مع السلطات السورية.

في سياق متصل، نشطت خلال الأيام الأخيرة اتصالات بين دمشق والسويداء. ووفقاً للمعلومات، كلفت السلطات السورية وسطاء للتواصل مع وجهاء وفاعلين من السويداء لا علاقة لهم بالهجري، بهدف ترتيب مباحثات حول مصير المحافظة ورؤية الطرفين لمستقبلها. هذه الاتصالات مستمرة ولكنها لا تزال في مراحلها الأولى بانتظار تكليف شخصيات محددة للتفاوض وإطلاق برامج عمل.

تزامنت هذه الاتصالات مع إجراءات اتخذتها السلطات السورية، مثل العمل على تأمين طريق دمشق – السويداء تمهيداً لفتحه، والضغط على العشائر للإفراج عن مختطفين دروز. وسجلت مصادر ميدانية في السويداء انسحابات للأمن العام من مناطق عدة والسماح للهيئات الإغاثية بالدخول إليها، وهي إجراءات وضعتها مصادر السويداء في إطار "بوادر حسن النية" تمهيداً للمحادثات.

اقتنعت السلطات السورية بأهمية الحوار مع المكونات المذهبية بدل فرض السيطرة بالقوة، وصدر موقف مهم عن الرئيس السوري أحمد الشرع في هذا السياق، قال فيه إن توحيد سوريا "يجب ألا يكون بالدماء والقوة العسكرية". هذا التصريح يندرج ضمن محاولات الاتفاق بين دمشق والسويداء، لكن المصادر تقول إن المطلوب "خطوات ثقة" بعد الانتهاكات التي حصلت.

القناعة الدمشقية تقابلها قناعة درزية في السويداء مفادها أن سياسات الهجري كانت متطرفة. وبدأت أصوات تعلو في معارضة توجهات الهجري الانفصالية وارتباطاته بإسرائيل، وتؤيد الانفتاح على الحكومة بضمانات وشروط. هذا الجو السياسي المتنامي في السويداء، واحتمالات الحوار مع دمشق، يفتح الباب على أسئلة حول المستقبل السياسي للهجري واحتمال خروجه من المعادلة بعد انتهاء دوره.

في المحصلة، يمكن القول إن محاولات تجري بين السويداء ودمشق للتوصل إلى اتفاق انطلاقاً من عوامل عديدة؛ فالسويداء أدركت خلال الأزمة أن بعدها الجغرافي والسياسي هو سوريا وليس الأردن أو إسرائيل، ودمشق عرفت أنها غير قادرة على فرض السيطرة بالقوة. لكن العين على خطوات بناء الثقة وردم الفجوة العميقة، والتي تحتاج إلى ضمانات ووقت.

أخبار سوريا الوطن١-وكالات-النهار

مشاركة المقال: