أظهرت دراسة صادرة عن مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب أن العلاقات المصرية الإسرائيلية وصلت إلى أدنى مستوياتها، معتبرة أن منصة الغاز قبالة شواطئ غزة قد تكون عاملاً لتحسين العلاقات بين البلدين اللذين تربطهما اتفاقية سلام منذ عام 1979. وأشارت الدراسة إلى أن حوالي 86% من التجارة بين إسرائيل ومصر تعتمد على الطاقة.
وفقًا للدراسة التي نشرت صحيفة (غلوبس) الإسرائيلية مقتطفات منها، تواجه مصر انقطاعات في الكهرباء مع قرب نهاية فصل الصيف الثاني، حيث يعتمد حوالي 78% من إنتاج الكهرباء على الغاز الطبيعي. وأضافت أن النقص في الطاقة الذي تحاول الحكومة في القاهرة معالجته ناتج عن عدة عوامل، أهمها انخفاض الإنتاج من حقول الغاز المحلية المصرية، وتحديدًا حقل (زوهار) الذي ينتج ما يعادل 40% من احتياجات مصر من الطاقة، وهو رقم منخفض يسجل لأول مرة منذ عام 2021.
زعمت الدراسة الإسرائيلية أنه بالإضافة إلى الديون الكبيرة لشركات الغاز الأجنبية، تعاني مصر من مشكلة فريدة تتمثل في سرقة الكهرباء من الشبكة الرسمية بنسبة تصل إلى 45%.
إضافة إلى ذلك، هناك مشكلتان مستمرتان في سوق الغاز المصري: تضاعف الاستهلاك خلال العقدين الماضيين بسبب ارتفاع معدل الولادات وارتفاع درجة الحرارة عالميًا. كما تعاني مصر سنويًا من قيام إسرائيل بتخفيض كمية الغاز التي تستوردها مصر بنسبة 8% سنويًا بسبب ارتفاع الاستهلاك في إسرائيل.
خلصت الدراسة إلى أنه على الرغم من العلاقات المضطربة بين تل أبيب والقاهرة بسبب الحرب، فإن اعتماد مصر على الغاز الإسرائيلي، الذي يزودها بسدس احتياجاتها، يؤكد أن مصر لا يمكن أن تستغني عن استيراد الطاقة من إسرائيل، وتحديدًا الغاز الطبيعي.
في ظل التوتر المتزايد بين مصر وإسرائيل، توجه إسرائيل اتهامات مباشرة إلى القاهرة بخرق اتفاقية (كامب ديفيد) من خلال إرسال قوات إضافية إلى سيناء وبناء منشآت عسكرية استراتيجية. وقد عبر عن هذه الاتهامات عدد من المسؤولين الإسرائيليين، بينهم رئيس الأركان السابق هرتسي هاليفي، الذي صرح بعد انتهاء ولايته: "لا نرى مصر تهديدًا مباشرًا، لكن الأمور قد تنقلب فجأة. هناك جيش مصري ضخم مزود بطائرات وغواصات وصواريخ ودبابات ومشاة مقاتلين".
أما السفير الإسرائيلي في واشنطن، يحيئيل لايتر، فوصف الإجراءات المصرية بأنها "انتهاك خطير"، بينما دعا داني دانون، سفير إسرائيل بالأمم المتحدة، إلى مراقبة المشروع العسكري المصري، متسائلاً: "لا توجد تهديدات حقيقية لمصر، فلماذا هذا التسليح الضخم؟". بالتوازي، تحاول إسرائيل تحميل مصر مسؤولية ضمنية عن تعاظم قدرات حماس العسكرية، خصوصًا بعد انسحابها من غزة عام 2005، وتحمل القاهرة مسؤولية أمن محور (صلاح الدين).
وتأتي هذه الاتهامات رغم أن مصر نفذت بين عامي 2011 و2020 إجراءات صارمة، مثل إقامة منطقة عازلة بعرض 7 كيلومترات، وبناء جدار إسمنتي بعمق 16 قدمًا، وإغراق نحو 1500 نفق بالمياه، إلا أن تقارير إسرائيلية تتهم جهاز المخابرات المصري بالتغاضي عن عمليات تهريب تقودها شبكات يُزعم أنها وفرت دعمًا لوجستيًا لحماس ساهم في عملية (طوفان الأقصى) في أكتوبر 2023.
في السياق الإعلامي، أصدر معهد السياسة للشعب اليهودي تقريرًا اتهم فيه الخطاب الإعلامي الرسمي المصري بتصعيد لهجة العداء لإسرائيل، إلى درجة أنه وصفها بأنها مشابهة للخطاب التحريضي ما قبل حرب 1967. وأظهر تقريره أنه بعد تحليل لـ 4000 مقال في صحيفتي (الأهرام) و (الجمهورية) بين كانون الثاني (يناير) 2024 وآذار (مارس) 2025، فإن 87% من المواد المرتبطة بإسرائيل كانت سلبية، و30% من المقالات التي تناولت اليهود احتوت على مضامين معادية للسامية.
على صلة بما سلف، قال العقيد احتياط بجيش الاحتلال، إيلي ديكل، في حديثه مع صحيفة (معاريف) العبرية، إن مصر تعارض بشدة خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأضاف ديكل، وهو ضابط سابق في المخابرات ومتخصص في شؤون مصر: "لا أعتقد أنني أستطيع تحديد ما إذا كانت خطة ترامب ستنجح أم لا، فالمعادلة تحتوي على الكثير من المجهولات، لكن مصر ستفعل كل ما في وسعها لإفشال هذه الخطة"، طبقًا لأقواله.
وتابع ديكل، الذي يعمل باحثًا كبيرًا في مركز دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، موضحًا أن "مصر ليس لديها أي مصلحة في حل القضية الفلسطينية في غزة، فهم لم يحلوا المشكلة منذ سبعين عامًا"، على حد قوله.
وقال ديكل إن "أدوات الدعاية في مصر، الرسمية وشبه الرسمية، دائمًا ما تلوح بالتهديدات المبطنة ضد إسرائيل، مما يبدو كتحضيرات عسكرية للحرب"، لافتًا إلى أن مصر تسعى للحفاظ على استقرارها السياسي الداخلي، محذرًا في ختام حديثه من أن "أي خطة قد تهدد هذا الاستقرار ستكون غير مقبولة بالنسبة لها"، طبقًا لأقواله.